أميناتو حيدر رفقة مديرة مركز روبيرت كينيدي أثارت، ولا تزال، الزيارة التي يقوم بها أعضاء من مركز روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان الأميركي إلى منطقة النزاع في الصحراء الغربية الكثير من الجدل داخل المغرب نظرا إلى توقيتها والى السياق الذي تجري فيه، بعد إعلان المغرب تحفظه على شخص كريستوفر روس المبعوث الاممي المكلف بمهام الوساطة في حل النزاع في الصحراء وحالة الانسداد التي وصلت إليها المفاوضات بين الأطراف المتنازعة. زيارة تدخل في أجندة معدة سلفا
يعتقد الباحث في العلاقات الدولية خالد شيات أن زيارة الوفد الحقوقي الأميركي تدخل في نسق التحول الذي شهده المغرب على الصعيد الداخلي بعد وصول حكومة تؤمن بالحوار وحتى الشراكة مع الفاعلين الدوليين بمختلف مشاربهم الحكومية وغير الحكومية.
وقال شيات : "على المستوى العالمي، هناك العديد من التوجهات التي تنطلق من مسلمات حول تعزيز حقوق الإنسان ومنها منظمة روبرت كينيدي التي تترأسها حاليا كيري كيندي، المشكلة هي أن النسق الذي تأتي فيه هذه الزيارة يدخل في أجندة معدة سلفا من طرف هذه المنظمة، التي لا شك تحمل رمزية كبيرة ولها وزن دولي كبير وحضور وتأثير من خلال التقارير التي تنشرها."
وأوضح أن الدافع من وراء هذه الزيارة هو نوع من رد الجميل لسيدة استطاعت، حسب أدبيات هذه المنظمة، أن تفك الحصار الذي تعرضت له ومنعها من مغادرة التراب الوطني وهي السيدة أميناتو حيدر، من دون أن يغفل أن هناك دوافع كثيرة أخرى "نسجت بطريقة مخابراتية ذكية من قبل اللوبي الجزائري بواشنطن" كما قال.
ويعتبر شيات أن قضية حقوق الإنسان في المنطقة مسألة مهمة ولا بد من تشجيع باقي المبادرات التي تحاول أن تكشف الواقع الحقيقي الذي تعيشه المنطقة ككل.
وأوضح: "أتحدث عن منطقة شمال إفريقيا والساحل، وألا تبقى الدواعي السياسية الصرفة عاملا محددا للعمل المرتبط بحقوق الإنسان."، قبل أن يؤكد على أن البعثة لها هدف خاص، لكن النسق العام هو أن المنطقة تترابط فيها المعطيات ولا يمكن باي حال فصل الجانب الإنساني في الاقاليم الصحراوية ومخيمات تندوف عن الوضع التي يرتبه المجال الجيوستراتيجي التي تتحكم فيه قوى محلية وإقليمية ودولية.
في هذا السياق، اعتبر الباحث أن تحديد المسؤوليات يعد واحدا من أهم المجالات التي يجب ان تقف عندها منظمات حقوق الإنسان وترتيب النتائج انطلاقا من هذا التحديد.
وبخصوص الموقف المغربي الرسمي من المبعوث الأممي كريستوفر روس، اعتبر الباحث أن المغرب لا يحتج على شخصه، ولكن على السياسة التي يتبعها وعلى ضرورة ضمانه للحياد في مهامه المنوطة به طبقا لما تم التوافق عليه منذ وقف إطلاق النار.
يذكر أنه مع وقف إطلاق النار في الصحراء المغربية في بداية تسعينيات القرن الماضي، حدد للبعثة الأممية في الصحراء هدفين: مراقبة وقف إطلاق النار، ورعاية الاستفتاء الذي كان الطرفان – المغرب وجبهة البوليساريو قد اتفقا عليه والذي حالت ظروف عملية تحديد الهوية دون تحقيقه. واعتبر الباحث أن المهم بالنسبة للمغرب هو أن تحافظ هذه البعثة على أهدافها التي تعاقد عليها المغرب مع المنظمة الأممية مؤكدا على أن أية محاولة لتوسيع المهام يخرجا من نطاق الشرعية التي أوجدتها، كما يدفع بملف حل مشاكل الصحراء نحو المجهول.
للإشارة، كان الملك للمغربي محمد السادس، وبالتزامن مع زيارة الوفد الحقوقي الأميركي إلى المنطقة نهاية الأسبوع الماضي، اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حيث جدد الملك التأكيد على المقترحات "الجدية والإرادية والمثمرة للمملكة والتي تتأسس بشكل واقعي حول مقترح الحكم الذاتي المتقدم." في حين أكد الأمين العام الأممي أن الأممالمتحدة لا تعتزم إدخال أي تغييرات على مهامها في مجال الوساطة التي تتوخى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع مقبول لدى الأطراف. وأكد السيد بان كي مون أن مبعوثه الشخصي وممثله الخاص الجديد سيضطلعان بمهامهما ضمن إطارها المحدد من قبل مجلس الأمن من أجل تحقيق تقدم في مسلسل التسوية وبالتالي المساهمة في إقامة علاقات ثنائية منشودة مع الجزائر.
ويقترح المغرب مشروعا للحكم الذاتي في الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، في حين تصر جبهة البوليساريو مسنودة من قبل الجزائر على حق تقرير المصير كحل لهذا النزاع الذي عمر لقرابة الأربعة عقود.
جهات غربية تدعم الانفصاليين وأخرى تدعم المغرب
من جهة أخرى، فضل الباحث الجزائري المهتم بالقضايا المغاربية سعيد هادف التريث، معتبرا أنه لا يمكن أن نحلل زيارة الوفد الحقوقي الأميركي إلا بعد التقرير النهائي الذي ستصوغه المؤسسة، معتبرا أن "أي تحليل الآن يبقى ناقصا، ومع ذلك فهو ضروري استنادا إلى المعطيات المتوفرة." كما قال.
وقال الباحث : "في تحليلنا لا يجب أن نهمل الخلفيات الإمبريالية المؤسسة لزمننا المغاربي الراهن، باعتبار أن دولة الاستبداد هي استمرار للنسق الكولونيالي ونتيجة له. وباعتبار أن دولة الفوضى هي نتاج صراع قوى الفساد حول السلطة من جهة، وغياب المشروع الديمقراطي من جهة ثانية. وبناء عليه فإن النظام الجزائري ليس مؤهلا للدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، بوصفه نظاما استبداديا يسهر على نشر الفوضى بمحيطه الإقليمي."
وفيما اعتبر هادف أن هناك جهات غربية تدعم الانفصاليين وأخرى تدعم المغرب، تساءل: "هل هذا توزيع لأدوار ماكرة تستنزف المنطقة المغاربية أم هو تناقض طبيعي بين قوى ديمقراطية حقيقية وأخرى تتاجر بالقيم الديمقراطية؟ ولماذا يغيب التحليل الرصين القادر على كشف حقيقة كلا الطرفين؟"
واعتبر أنه مهما كان مضمون هذا التقرير، فإن الحل، "من وجهة نظري ونظر المؤمنين بالحل الديمقراطي، فإن هذا الحل العادل لا يوجد خارج المغرب، بل هو في يده مادام أنه عبر عن إرادته في إعادة بناء الدولة المغربية على أسس ديمقراطية بمعناها العميق والحديث، وأعني بذلك مشروع (الحكم الذاتي والجهوية الموسعة)، في إطار رؤية إصلاحية شاملة."
وعاب الباحث على مؤسسة روبيرت كينيدي التي زارت الأقاليم الصحراوية كونها التقت بأطراف تمثل الطرح الانفصالي واستثنت من أجندتها أنصار الحكم الذاتي، متسائلا عن هذا الاستثناء. وأضاف هادف: "زارت مخيمات تيندوف ولم تدرج في أجندتها الأطراف الغاضبة من بوليساريو أو المساندة للحكم الذاتي. فلماذا التقت بالناشطة الحقوقية أميناتو حيدر مثلا، ولم تخصص لقاء بالفنان الناجم علال ومصطفى سلمى؟"
وأوضح وفق إفادات لمصادر أميركية أن "تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي" أعد مخططا لاختطاف رئيسة مؤسسة كينيدي الحقوقية الأميركية "كيري كينيدي" من داخل تندوف. قبل أن يتساءل: "لماذا تم تسريب هذا الخبر في خضم زيارة مؤسسة روبيرت كينيدي إلى تندوف؟ ولمصلحة من تم تسريب هذا الخبر، بصرف النظر عن صحته من عدمه؟"