ضجة كبرى اثارتها انباء قادمة من منطقة ويلفا الإسبانية، بطلاتها عاملات مغربيات في حقول الفراولة، اتهامات باعتداء ات جنسية بل وحديث عن حالات إغتصاب، قوبل بإنكار المسؤولين الحكوميين المغاربة كالعادة، قبل ان تتطور الأمور بشكل متسارع مُعَرِّية فضائحَ وصلت للبرلمان الإسباني. زملاءنا في "دي دبليو عربية" إلتقوا نساء مغربيات دفعهن شظف العيش إلى ركوب مغامرة العمل في ضيعات جنوب إسبانيا، بعقود عمل مؤقتة لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة أشهر، حيث تتقوّس ظهورهن لساعات وهن يجنين الفواكه الحمراء خصوصا الفراولة بأجر صافٍ محدد في 37 يورو يومياً لسبع ساعات ونصف من العمل، تعويض يعد من الأضعف على مستوى إسبانيا كلها، إضافة إلى أنهن يقبلن ظروف عمل لا يقبلها الإسبان، ما يفسر إستقدام حوالي 15 ألف مغربية هذا العام. موضوع الاعتداء ات الجنسية تفجر من فيديو نشرته "إلباييس" تحدثت فيه عاملتان مغربيتان، عن محاولة اغتصابهما، ومن تحقيق الشرطة مع مسؤول في المزارع ملاحق بتهم التحرش، فضلاً عن تحقيق نشره موقع "كوريكتيف" وردت فيه شهادة لعاملة تتحدث عن اغتصابها من لدن مسؤولها المباشر. الكثير ممن إلتقتهن "دي دبليو" جنحن للنفي، متحدثات عن "إشاعات"، ليشرحن أن الكثير منهن متزوجات وهذه القصص تسبّبن ضرراً لعائلاتهن. وببلدة ألمونتي، نفس الجواب واجه الصحفيين، والذين زاروا مسكن صاحبات الشكاوى بإحدى المزارع، ليتبين لهم أن المشتكيات رحلن أو رُحلن إلى المغرب؟ لا أحد صراحة يدري أو هكذا يظهر على الأقل. العاملات المغربيات يسكُنَّ بالضيعات حيث يعملن، ولا وجود لنقل عمومي يوصلك إليها. وحدهم "الخطافة المغاربة" أي ممتهنو النقل السري، من ينقلونك هناك بمقابل. المساكن تختلف جودتها من مجموعة لأخرى، إذ تضم كل مجموعة عدداً من البيوت الخشبية، بعضها مخصص للعاملات، وبعضها للعمال، وبعض منها مختلطة لكنها تضم أسرا بأكملها. تتعدد الجنسيات هنا، فهناك رومان وأفارقة من جنوب الصحراء، لكن يظهر واضحاً أن المغاربة هم الأكثر حضوراً. كل بيت مكون من ثلاث أو أربع غرف، وفي كل غرفة يبيت ثلاثة أو أربعة أفراد، كما توجد غرف منفصلة حصل عليها بعض الأزواج. عاملات مغربيات تحدثن للصحفيين صرحن أن قصص الجنس في أغلبها علاقات رضائية بين بعض العاملات وبعض العمال أو رؤسائهن المباشرين، وأنه يندر تماماً أن يربط إسباني علاقة جنسية مع وافدة مغربية نظراً لتخوّفه من العقاب. السعدية، سيدة مغربية تشتغل في الحقول الاسبانية منذ 12 سنة، تقول إن قصص الجنس لم تنتشر إلّا هذا العام، بسبب "قدوم بعض العاملات الصغيرات في السن، وجدن الحرية وغياب المراقبة، منهن من تبحث عن كسب المال بأيّ طريقة، ومنهن من تبحث عن البقاء في إسبانيا وتتذرع في ذلك بوقوعها ضحية اعتداء جنسي!" كلامها كررته أكثر من عاملة، إذ حملن مسؤولية ما اعتبرنها إشاعات إلى الوافدات الجديدات اللائي "أسأن إلى المغربيات بتصرّفاتهن" حسب الأقوال. يوسف، جندي مغربي متقاعد، يأتي للعمل كل عام في حقول إسبانيا رفقة زوجته، يؤكد أن الاعتداأت الجنسية موجودة، وأن جلّ من يتعرّضن لها يخجلن من الإفصاح عنها، مشيرًا أنها تحدث في الغالب على يد عمال مغاربة يفوقون الوافدات رُتبة. لكنه يعود ليؤكد أن الاعتداأت محدودة تماما ولا تتجاوز، بين 11 ألف امرأة جاءت، 20 حالة على أقصى تقدير. مصطفى وحسن، يؤكدان بدورها الكلام ذاته وإن كانا حذرين للغاية في إعطاء الأرقام. كررنا على الثلاثة السؤال بطريقة أخرى: "هل شاهدتم، أو هل تعرفون بشكل مباشر، عاملة مغربية تعرّضت للاعتداء أو المضايقة الجنسية؟" الجواب: "هذا ما سمعناه فقط". واحد من الثلاثة أكد معرفته بحالة عاملة، لكن قصتها مختلفة نوعاً ما، إذ صفعها رئيسها المغربي، ما دفعها إلى رفع شكوى بحقه. أوسكار رينا، الكاتب العام لنقابة للعمال في الأندلس، أكد في تصريح للصحفيين: "هناك انتهاكات في العمل. توصلنا بعشر شكاوى، اثنان منها يخصّان اعتداء ات جنسية، بينما نعتقد أن الرقم الحقيقي للشكاوى قد يصل إلى مئة، إذ تم ترحيل الكثير من العاملات اللائي حاولن التشكي"، مضيفاً أنه مقتنع بوجود تحرّش وابتزاز جنسي، حتى ولو كانت العاملات ينفين ذلك بالمطلق، لافتاً أنه التقى فعليا ببعض العاملات اللائي اشتكين فعلاً من المضايقات. العاملات المغربيات إشتكين من مشاكل أخرى مرتبطة بطبيعة السكن المشترك وظروفه، فيما تحدثت أخريات عن عدم تمكينهن من أجورهن كاملة رغم حلول اجل مغادرتهن للضفة الأخرى. أخريات تذمرن من الإخلال بوعود تشغيلهن لثلاثة اشهر على الأقل، وتقليص المدة لشهر او شهرين فقط ما يعني أن تعويضاتهن قلّت كثيراً، بل منهن من نجحن في الكاد باسترجاع النفقات، كمصاريف الجواز والتأشيرة وبقية الوثائق والتنقل إلى طنجة وما يحتجنه يوميا من مواد غذائية. أخريات إشتكين من إكتشافهن لاقتطاعات تخصّ المبيت رغم أنه من المفروض أن يكون مجانيا، واقتطاعات أخرى لا أحد شرحها لهم، كما صرحن أن هناك تفاوتات في الأجر بينهن رغم عملهن للمدة نفسها...