مع اقتراب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 ، أكبر الأحداث الرياضية في العالم، تتزايد النقاشات وتتباين التوقعات بين الجماهير والخبراء والنقاد عن كل ما يتعلق بالبطولة: من سيفوز؟ ومن سيتألق؟ ومن سيتعثر؟ والأمر يمتد للاعبين أيضاً، وخاصة اللاعبين المسلمين اللذين وجدوا صعوبات للاستعداد لكأس العالم بسبب تزامن فترة الإعداد الأخيرة مع شهر رمضان المبارك، مما جعلهم يتدربون تحت ظروف استثنائية اضطرتهم لتعديل مواعيد السفر وأوقات التدريب والنوم وأنواع الوجبات.
ومن أكثر الأسئلة المطروحة بين أوساط المشجعين خاصة في منطقة الشرق الأوسط هي: هل نال اللاعبون تدريباً مناسباً قبل بدء البطولة أم أن الصيام قد أثر على استعداداتهم قبل البطولة وما إن كان ذلك سينعكس سلباً على أدائهم؟
وللإجابة على هذه التساؤلات، قال البروفيسور كريم الشماري، باحث في علوم الرياضة في سبيتار، مستشفى الطب الرياضي وجراحة العظام في الدوحة، إن الفترة الأولى من كأس العالم ستكون شاقة على اللاعبين المسلمين، حيث تبدأ ساعة الجسم البيولوجية بالرجوع إلى وضعها الطبيعي الذي كانت عليه قبل مواعيد الصيام والنوم في شهر رمضان.”
وأوضح: "توصلت أحدث نتائج الدراسات البحثية حول الصيام والأداء الرياضي إلى أن صيام رمضان له تأثير سلبي على أداء لاعبي كرة القدم، فالمسافة التي يركضها لاعب كرة القدم خلال مباراة واحدة على سبيل المثال أقل مقارنة مع غير الصائمين. ولكن هذا لا يعني أن السبب الرئيسي لتراجع الأداء هو تأثير الصيام. بل يرجح الباحثون أن سبب هذا التراجع قد يعود لظاهرة تُعرف باسم " Nocebo "، وهو التأثير الوهمي الذي يجعل المريض يشعر بضرر حبة دواء ما لمجرد اعتقاده بأنها مضرة، وهذا ينطبق على رمضان. فمن يعتقد أن شهر رمضان شهر تعب وإرهاق، ينعكس ذلك سلباً على صحته والعكس صحيح. ففي الواقع، توجد العديد من الأبحاث المنشورة التي تؤكد فوائد الصيام المتقطع بشكل عام لصحة البدن والذهن. "
وأكمل قائلاً: "بالطبع، تختلف آثار الصيام في رمضان بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، وهذا يتوقف على عاملين: الموقع، أي قرب البلد من خط الاستواء، والموسم. فإذا كان أحد اللاعبين يعيش في بلد قريب من خط الاستواء مثل قطر، فإن مدة الصوم تظل ثابتة نسبياً طوال العام (في حدود 14 إلى 15 ساعة)، أما إذا كان اللاعب يعيش بعيداً عن خط الاستواء، على سبيل المثال في شمال أوروبا، فإن مدة الصيام تميل إلى أن
تكون قصيرة جداً في الشتاء، وطويلة جداً في الصيف (يمكن أن تصل إلى 20 أو 21 ساعة). فعندما يكون لدى اللاعبين ثلاث أو أربع ساعات فقط لتناول الطعام وشرب السوائل، فلا شك أن ذلك يمثل تحدياً كبير لهم، فسوف يعانون من إرهاق مزمن خاصة مع نهاية شهر رمضان، عندما يبلغ بهم الإعياء ذروته. وفي بعض الدول مثل قطر يكون الصيام أسهل نسبياً، حيث بإمكان اللاعب اتباع نظام غذائي صحيح والابتعاد عن الحرارة الشديدة خلال أشهر الصيف، كما يمكن أن يكون هذا الإعياء ناجماً عن ظاهرة " nocebo" التي تحدثنا عنها وليس ناجم عن تأثير الصيام ذاته".
وتابع: "أعتقد أن أول أسبوعين من بطولة كأس العالم ستكون الأكثر تحدياً بالنسبة للمسلمين في كأس العالم، أنا لا أعنى أنهم سيخسرون في البطولة، فلعبة كرة القدم حافلة بالمفاجآت. ويمكنناهنا أن نصف المنتخبات المشاركة الى ثلاثة أنواع عند محاولة دراسة آثار الصيام على الأداء، فهناك منتخبات مسلمة. وتشمل هذه تونس ومصر والمملكة العربية السعودية وإيران والمغرب. وهناك أيضاً منتخبات تضم عدداً كبيراً من اللاعبين المسلمين، مثل السنغال ونيجيريا وأخرى تتكون من عدد قليل من اللاعبين المسلمين كألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها من الفرق المشاركة. في الحالتين الأولى والثانية، غالباً ما يقوم المدربون بتعديل جداول التدريب بما يناسب ساعات رمضان. ولكن في الحالة الثالثة، قد يجد المدربون صعوبة في تغيير جدول الفريق بأكمله من أجل لاعب أو لاعبين. وهذا يجعل الصيام أصعب وأكثر مشقة بالنسبة لهم، مما ينعكس على أدائهم".
على سبيل المثال، يمكن للفرق المكونة من الأغلبية المسلمة التدريب في الليل بعد الإفطار، وفي حال أراد الفريق أن يتدرب مرتين في اليوم، فيمكن إجراء جلسة تدريبية خفيفة قبل الإفطار، ويمكن للاعبين بعدها أن يفطروا. وبعد مرور ثلاث ساعات على الإفطار، يمكن للفريق أن يقوم بجلسات التدريب التي تتطلب مجهوداً أكبر، وأما الفرق التي تحتوي على الأقلية المسلمة، فتكون معظم جلسات تدريباتهم في الصباح أو فترة الظهر، مما يصعب على اللاعبين مهمة الصيام وقد يسبب ضغط أكثر على أدائهم."