كشفت تقارير اعلامية نقلا عن مصادر جد مقربة من عبد الاله بنكيران، عن معطيات غير منشورة سابقا تشكل خيوطا دقيقة لفهم العلاقة بين الإسلاميين والقصر، ويكمن إجمالها في ثلاثة مواقف مهمة أوردتها صحيفة "الأيام" في عددها الأخير. أولا - أن الملك قام بدور كبير في تجاوز الحساسية بين بنكيران ومزوار وتدخل لتلطيف الأجواء بين الرجلين اللذين وضعا مصلحة الوطن في الأخير فوق خلافاتهما الشخصية أثناء تشكيل حكومة بنكيران الثانية، بعد انسحاب حزب الاستقلال. وسبق لبنكيران أن صرح يوما لمقربيه بما معناه "لولا الملك لما خرجت الحكومة الثانية إلى الوجود"، خصوصا أن انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة في ماي 2013 جعل المخرج الوحيد أمام بنكيران لإنقاذ ولايته الحكومية هو فتح قنوات الاتصال بحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كانت علاقته برئيسه صلاح الدين مزوار في أسوأ أيامها. و تقول المصادر أن بنكيران كان متحفظا جدا من الاتصال بمزوار وكذلك كان كبير حزب الحمامة، رغم موافقة عبد الله باها ومصطفى الرميد على الاتصال به، وهو ما بدده تدخل الملك، ليفتح بنكيران صفحة جديدة مع مزوار، رغم المدة الطويلة التي استغرقتها المشاورات بين الطرفين، والتي امتدت لخمسة أشهر من يونيو إلى أكتوبر. ثانيا - أن الاتصالات بين الملك وبنكيران لم تنقطع خلال أشهر البلوكاج الطويلة قبل إعفائه، وبقيت مستمرة، كما يقول ذات المصدر، وكانت فحوى الاتصالات تتركز على سير العمل الحكوميو، ولم تتطلع لموضوع المشاورات إلا في المرات التي كان بنكيران يطلع من جهته الملك على بعض تفاصيلها. و حكى بنكيران لقياديين بالبيجيدي ، أن الملك لم يتدخل قط في مسألة المشاورات، ولم يطلب يوما منه التشاور مع أي حزب، وكان وحده الذي يباشر الاتصالات بمعزل عن توجيهات أحد، لكن المثير للانتباه أن بنكيران وفق ما نقله مصدر مقرب جدا منه "اتصل هاتفيا بالملك قبل ساعات من سفره إلى الخارج وقال له: مباشرة بعد عودتك سيدنا إما غادي نجيب لك الحكومة أو الاستقالة، فرد عليه الملك : لا ماتجيبش الاستقالة". و بعد فشل المحاولات الأخيرة التي قادها بنكيران لتشكيل الحكومة جعله يكتب رسالة مقتضبة يخبر من خلالها الملك بأنه تعذر عليه تشكيل الحكومة ويطلب منه البث في الموضوع، لكنه لم يتمكن من تقديمها للملك بعد ان استقبله المستشارون "المنوني، عزيمان، الهمة، القباج" الذين أبلغوه بقرار إعفائه، واكتفى بإحاطتهم علما بها. ثالثا- أن بنكيران أكد أكثر من مرة لمقربيه، أن "الملك كان يغضب كثيرا إذا لم يتم التعامل مع رئيس الحكومة معاملة لائقة سواء في الداخل أو في الخارج، فقد كان الملك يريد دائما احترامه بالشكل المطلوب"، والملفت للانتباه في هذا الإطار، أن بنكيران اشتكى للملك من التصريحات التي كان قد أطلقها ضاحي خلفان، الشخصية النافذة المثيرة للجدل في الإمارات، وكان رد الملك حازم.