أتذكر أني ذات زوال من سنة 2006، وكمعظم المغاربة، ذرفت الكثير من الدموع لحظة أعلن جوزيف بلاتر بلد جنوب إفريقيا كمحتضن لنهائيات كأس العالم 2010. كنت حينها وأنا مجرد تلميذ أعتقد أن كل دول العالم اتفقت على خداع المغرب وخيانته خاصة في ظل النفخ الإعلامي المبالغ فيه من طرف قناتينا و إذاعاتنا لملف المغرب، الذي اكتشفت بعد سنوات أنه كان ملفا لم يتجاوز الورق.. نعود اليوم بنفس الحلم ولكن مع اختلافات كثيرة.. لن أخوض طبعا في مسألة اللوغو الذي أحدث الكثير من الجدال مع العلم أنه بدا مقبولا إلى حد كبير لأني أؤمن أن الجمال يكمن في البساطة البعيدة عن التعقيدات..
قلت لن أخوض في هذه المسألة بل سأخوض في الأهم. فإذا كنا بالأمس ننافس جنوب إفريقيا، فإننا اليوم ننافس ثلاثة دول عظمى هي الولاياتالمتحدةالأمريكية، كندا والمكسيك. لذلك يجب أن نعترف أن الحلم هذه المرة هو أبعد مما كان عليه سابقا، فهذه الدول مجتمعة لها القدرة على تنظيم تظاهرة من حجم كأس العالم في أي وقت على عكس المغرب الذي مازال في حاجة للكثير من الواقعية، خاصة إذا علمنا أن مونديال 2026 سيعرف مشاركة 48 منتخبا وليس 32 كما كان عليه الأمر في النسخ السابقة، هذا يعني أن المغرب ملزم بتوفير ملاعب أكثر، وبتجهيز 14 مدينة بملاعبها وبنياتها التحتية الرياضية والسياحية...فمنطقيا، لا أتخيل مثلا مدينة كفاس أو كتطوان ...تحتضن مباراة من حجم مباريات كأس العالم لأنه هكذا مدن حتى و إن توفرت على ملاعب بجودة عالمية إلا أن شبكتها الطرقية ووسائل نقلها لا يمكن أبدا أن تلبي حاجيات الجماهير الكثيرة التي ستحضر المباريات ماعدا إذا كان مسؤولينا ينوون نقل الجماهير عبر " الطوبيسات"..فكل الدول التي احتضنت منافسات كأس العالم سابقا تتوفر على شبكات طرقية تحت أرضية تسهل التنقل وتخفف من ضغط المدن. وهو ما لا يتوفر عليه المغرب ولا يمكن أن يتوفر عليه قبل سنوات كثيرة. هذا دون أن نعيد الحديث الاعتيادي عن الوحدات الفندقية غير الكافية...
من جهة أخرى وبعيدا عن البنيات التحتية، لا يجب أن ننسى أن قطر ستنظم نسخة 2022، ما يعني أن منح دولتين عربيتين تنظيم نسختين متتاليتين من كأس العالم هو أمر مستبعد جدا. هذا طبعا إذا ما لم يتم تجريد قطر من نسخة 2022 وهو أمر وارد جدا..
غير بعيد عن سيرة قطر، لا يمكن أن نتجاهل كون الزلزال الذي أصاب الفيفا و أسقط جوزيف بلاتر كان له علاقة برفض الولاياتالمتحدة تقبل خسارتها تنظيم نسخة 2022 أمام قطر، لذلك فمجيء انفانتينو المدعوم من الولاياتالمتحدة قد يكون له الأثر السلبي على ملف المغرب حتى و إن كان انفانتينو قد غير نظام التصويت من اللجنة التنفيذية إلى الاتحادات الوطنية...أقصد أنه احتمال بعيد أن تخسر الولاياتالمتحدة شرف التنظيم للمرة الثانية و أمام دولة عربية أيضا وإن كان دونالد ترامب هو رئيس هذه الدولة.
إنه لأمر جميل أن نحلم بتنظيم كأس العالم، ولكن الأجمل أن نكون واقعيين و أن ندرك أولا قيمتنا في التوازنات الدولية، رياضيا، على الأقل فإنه ليس من المقبول أن نسوق وبملايين الدراهم لملف ندرك جيدا أنه خاسر منذ البداية..