لم يكن الفتية ممن لفظهم البحر على أعتاب الجزر الإسبانية القابعة في المحيط، من أفارقة ما وراء الصحراء أو من شرق افريقيا، هؤلاء من ثلاث مدن بالجنوب، و لم يكن ذاك الرجل والمرأتان الذين أماتهم الإهمال الطبي و ضعف التجهيزات سوى مواطنون من إحدى المدن الثلاث، الحادثان عنوان لحالة من الغليان الصامت تشهدها المنطقة، و هي حركة بطيئة لاحتجاجات أخذت منحى التنظيم لتفرز لجانا و منصات، هل تعي الحكومة و الجهات لرسمية خطورة الموقف، احتجاجات تناثرت من الشرق بجنوبه و شماله إلى الشمال و الجنوب، و المشترك مناطق نائية و مطالب اجتماعية و اقتصادية؟ في معركة الإصلاح وجوبا علينا أن لا نستهين بأي خطوة تنفع الناس و إن كانت بسيطة، مقابل الخطوة هنالك كم هائل من التذمر تسببه خطوات أخرى تقشفية مست الناس في معايشهم، الخوف من المستقبل يستشري بين الناس، فما يحمله الإعلام من أخبار و شائعات عن إجراءات تنفذها الحكومة أو مزمعة على تنفيذها يخيف المواطنين، وسط غياب تام للإعلام الرسمي و للحكومة نفسها في الدفاع و الطمأنة، هذا الحضور الباهت و هذا الدفاع النادر و الذي قد ينقلب عكسا كما كان في كلمات منكرة لوزير معني بأمر القرارات الاقتصادية الخاصة برفع الدعم عن مواد أساسية، يرافقه آلية إعلامية معارضة تعمل في منصات التواصل الاجتماعي الأقرب لمسامع و المواطن، فأين هو إعلام الأغلبية؟
كان الأمين السابق متهما بما سمي بالبلوكاج، و قد غابت اللغة العربية، حتى عنونوا مأزق التشكيل بهذه الكلمة العامية فرنسية المنبت، و ذهب السابق و كلف اللاحق، و إلى الساعة و بعد قرار العزل لأربعة وزراء ممن شملتهم حجة التقصير عقب أحداث الشمال، مازال الرجل لم يعين البدلاء، و ما يروج أخبار غير مؤكدة، بعضها يتحدث عن مأزق و عقبات و شروط، و الرابح فيها و إن صحت الحمامة و طيف الورد الذي تحمله، فمن كان العقبة؟
غريمان معارضان في مركب واحد، في بحر لجي، على بعد أميال لا تطوى سريعا، كيف سيصل و بمن سيصل؟ يرى بعض الشباب من أهل الوهاج، أن معركة داخل الحكومة ستستمر ما طالت الفترة، و أنه حين لم ينجح الضرب من خارج الائتلاف بمعارضة اليسار و الأعيان، يتكأ اليوم على المال و الأعيان كذلك مع تجنب أخطاء الماضي، هي معركة حصاد، استثمار للمواقع الخدماتية، تهشيم لمنسوب الثقة، تعويل على شرخ داخلي، المضي في قرارات لا شعبية تظهر واقع أن هذا من فعل كبيرهم النفساني هذا؟