في ظل هجمة الأقصى، و التمادي الصهيوني، والواقع العربي وتداعيات الوثبة الرباعية و عنتريات المقاطعة، و التموقع الطائفي والعقائدي، الذي بات يستغل للنيل من المقاومة و روافدها، و نعتها بالإرهاب و شيطنتها، و ترتيب أولويات العداء، حتى باتت قطر وقبلها إيران مثلا أشد خطرا من الكيان الصهيوني، تبرز ظاهرة التطبيع السياسي و الإقتصادي و لما لا العقائدي مع إسرائيل، كعنوان لعديد الممارسات التي تنتهجها دول بحكومتها، و أطياف من مكوناتها المدنية والدينية. التطبيع واقع، يمارسه الكثيرون بتقية وخفاء، ساسة وإعلام يتحدثون عن إرهاب المقاومة، عن الاشتباكات والعنف الفلسطيني الإسرائيلي المتبادل، عن القتيل الفلسطيني، عن الأراضي الفلسطينية، عن العدو المشترك... و اقتصاديون وتجار يتنقلون بحرية نحو الكيان يبيعون و يبتاعون، تجمعهم منتديات عالمية وفي عواصم عربية ... و مطربون يغنون و يجهرون بإحياء الحفلات في الكيان، بل وحتى رجال دين، ممن يمارسون الإرجاء في عدالة الجهاد ضد الكيان، و ينعتون المقاومة و ينالون منها، و ممن يرى في رافضية إيران و حزب الله العداء الأعظم دون إسرائيل، و يتشدقون بذلك علنا... يكفي فقط القرار السياسي و الجرأة السياسية للاعتراف رسميا من طرف هؤلاء، و ليس ذلك ببعيد، فما نراه اليوم من خذلان للقضية و تجرئ على المقاومة، و التشفي بما يحدث للفلسطينيين، و تفهم و تفاهم و قنوات اتصال مع ساسة الكيان، اعترف به رئيس الوزراء الاسرائيلي و الصحافة الاسرائيلية الشاهد، تداعيات الخطوة الإسرائيلية بإحداث حواجز الكترونية على الأقصى، و البرود الدبلوماسي والشعبي في رفض هذه الممارسة، حتى التعاطي الإعلامي ليوم الجمعة، كان يحمل الكثير من الغرابة و الدلالة على تغير الخطاب الإعلامي العربي الرسمي وشبه الرسمي، فما تقدمه مثلا السكاي نيوز عربي من صورة ثابتة لحاجز فارغ و بعنوان القوات الإسرائيلية " دون أن تسميها بالمحتلة" تمنع أو تفرق تجمع فلسطينيين، أو عنوان سقوط قتيل فلسطيني، ليس كشاشة موزعة على أربع أقسام تنقل جموع فلسطينيين من ثلاث أماكن في القدس و الرابعة لغزة مع عناوين تمجد الحدث و تتعري المحتل....هذا ما نقله إعلام الممانعة و المقاومة و إعلام الجزيرة نسبيا. تراجع القضية الفلسطينية في سلم الإهتمام الشعبي العربي،غذاه أفول جيل عايش فصول النكبة و القومية و جيل عايش زمن الحربين و بداية المفاوضات و الآن جيل آخر غارق في مشاكله المحلية من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، علاوة على عوامل ذاتية الإنقسام الداخلي و تغير الزعامات، و اقليمية، سقوط الأنظمة الداعمة للقضية و بروز جناح الاعتدال ومبادرة بيروت، ثم ما تلا الربيع العربي، ضياع دول وأنظمة، وانكفاء أخرى على نفسها و مشاكلها الداخلية، أو توجهها إلى منظومات إقليمية خارج النطاق العربي، وتأسد دول نهجها على ما يبدو التطبيع الرسمي مع اسرائيل لضرب المقاومة الإسلامية خاصة.