يشهد لسياسيينا بالغباء في كل شيء إلا في "تاحراميات",لذلك قد يستجيبون ويشيدون المستشفيات, وسيؤتى بالجرحى إلى قسم المستعجلات وسيتم البحث طويلا عن طبيب على استعداد لتقبيل يديه وقدميه من اجل أن يضع يده المباركة في الجريح,حتى إذا قبل,وطيب خاطره حفظه الله, ارتكب خطئا طبيا وارجع السبب إلى انه تم إيقاظه بطريقة "خسرت" نومه,وأفسدت مزاجه.. قد يستجيبون ويوفرون سيارات إسعاف من الأموال المخصصة لمؤخرات البرلمانيين المبجلين,وستركن هذه السيارات ولا يتم التصريح لها بالخروج إلا لجلب الكائنات النادرة من صنف: "بناني","بنشقرون","بنجلون"...الخ.
قد يؤثثون قاعات الولادة,وتدشن أمام الكاميرات,سيذهل الجميع من شدة نظافة الأسرة,قيمة الأجهزة والمعدات,لكن سيستمر مسلسل الولادات أمام البوابات ولن يسمح للحوامل بالدخول بذريعة "مزال الوالدة ما تفتحت" ,رغم أن راس الطفل يكاد يخرج,أما سعيدات الحظ اللائي دخلن فسيستقبلون باعذب العبارات: "سكتينا يا..","ما لقيتي تولدي غير فهاد الليل",وكل تلك العبارات التي من شانها تحسيس النزيلة بأنها في ضيافة "غوانتانامو",هذا إذا لم تصفع مرة أو اثنتين عندما تتزايد التقلصات الجهنمية,وتكون نسيت "دهن" السير بورقة من فئة 200 درهم عند باب قسم الولادة..
قد يستجيبون ويدشنون المعامل والشركات,ثم على الشعب البحث عن الوساطات وتقديم الإكراميات لتشغيل أبناءه.ستخفى مباريات التشغيل خوفا من الحسد والعين,ولا يعرف بها إلا علية القوم,حتى إذا لم يبقى مطلوبا إلا الحراس والمنظفين,أعلن عن فتح مباريات شريفة في إطار الشفافية والمصداقية وداكشي..
ستبنى مدارس تعليمية ومؤسسات التكوين,لكن ستكون في المركز,بعيدة عن أبناء الشعب المسحوق,المشتت في النواحي,بعيدة عن الذي خرج مطالبا بحق أطفاله في التعليم,ستبنى قريبا ممن لم يكلف نفسه بالتنديد,ولا طالب ولا وقف ثانية واحدة في مظاهرة,ثم على الشعب العاطل التكفل بمصاريف نقل أولاده,ودفع رسوم التسجيل وشراء الكتب والدفاتر,وقد تتم مساعدته في ذلك بكيس طحين وقالب سكر وكم قنينة زيت..
سيستفيد أبناء الشعب الثائر من التعليم,خاصة تلاميذ الإعدادي والثانوي,لكن على الشعب أن "يحك" جيبه,كما قال أيقونة حزب اللهم يسر,يعني سيدخل التلميذ إلى الفصل ويخرج دون أن يفهم شيئا من تلك الطلاسم,حتى إذا سال الأستاذ عن شرح تمرين "معلك",أعطى للسائل عنوان مقر الساعات الخصوصية..
قد يستجيبون,وتبنى مستوصفات كثيرة ومتفرقة,وسيفرح الشعب ويهرول إليها عند الفجر,ليجد شعبا آخر بات ليلته هناك"باش يشد النوبة",وينتظر الشعب مع الشعب,حتى ينتصف النهار,ثم سيخرج إليهم الحارس ليعلمهم أن الطبيب لن يشرف اليوم وربما سيكون غدا,فيأتي الشعب في الغد وينتظر,ليقال له أن الطبيب في إجازة مفتوحة,حتى إذا تعب الشعب من الانتظار,قل الحضور إلى أن ينعدم,ثم أغلق المستوصف تلو الأخر, ليسكنهم "بلارج" وتمرح فيهم الجرذان..
حتى الباعة سيستفيدون, ستعطى لهم بقعا أرضية بالمجان, حتى إذا بنوها ووضعوا فيها سلعتهم, هددوا بالطرد إذا لم يسددوا ثمنها, وستنعم بيوت الشعب بالماء والكهرباء, ثم سيتم رجمهم كل شهر بفاتورة يشيب لها الولدان..