بلغ عدد الحملات الطبية التحسيسية والوقائية التي تم تنظيمها بالمؤسسات السجنية، خلال سنة 2016، ما مجموعه 489 حملة لفائدة 59 ألف و740 معتقلا، كما تم إجراء حملات للكشف عن بعض الأمراض المعدية كداء السل بلغ عدد المستفيدين منها 8550 مستفيدا، وحملات للتلقيح ضد الأوبئة بلغ عدد المستفيدين منها 12 ألف و800 مستفيدا. وأوضحت مؤشرات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في الجانب المتعلق بصحة المعتقلين، التي تضمنها تقرير المندوبية برسم سنة 2016 عن وضعية السجون بالمملكة، أن الجهود التي بذلتها المندوبية العامة وشركاؤها ساهمت في تعميم الوحدات الصحية على جميع المؤسسات السجنية وتجهيزها بالمعدات اللازمة، وتنويع الخدمات الطبية المقدمة للسجناء. كما بلغ عدد السجناء المستفيدين من التتبع النفسي خلال سنة 2016 ما مجموعه 32.095 مستفيدا، كما تم خلال نفس السنة تنظيم 6 حملات في هذا المجال لفائدة 460 مستفيدا. ويشير التقرير إلى أن العناية بالمعتقلين تقتضي كذلك توفير السبل الكفيلة بتمكينهم من الرعاية الصحية الواجبة طيلة فترة الاعتقال، كإحدى الحقوق الثابتة لكل سجين بصفته إنسانا أولا وقبل كل شيء والتي تنص عليها المقتضيات القانونية الوطنية والمواثيق الدولية ذات الصلة. من هذا المنطلق، يضيف المصدر، تحرص المندوبية العامة على وضع برامج وقائية وعلاجية ناجعة وفعالة وتوفير الأطر الطبية وشبه الطبية اللازمة وتطوير كفاءاتها بشكل مستمر بصفتها المسؤولة بشكل مباشر على التنزيل الفعلي لهذه البرامج، فضلا عن تغطية المؤسسات السجنية بالمصحات وتزويدها بالتجهيزات والمعدات الطبية وكذا سيارات الإسعاف. كما تعمل على مواصلة تفعيل الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالبرامج الصحية ذات الأولوية التي تمت بلورتها بشراكة مع وزارة الصحة ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء وبدعم من مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والصندوق العالمي لمكافحة داء السيدا والمتعلقة بمحاربة الإدمان على المخدرات والأمراض المعدية كداء السل وداء السيدا. ورغم تراجع نسبة التأطير الطبي من طبيب لكل 626 سجين إلى طبيب لكل 640 سجين ما بين سنتي 2015 و2016، بسبب الارتفاع المستمر لعدد السجناء واستقرار عدد الأطباء في 150 طبيبا مقارنة بسنة 2015 -دون احتساب الأطباء المتعاقد معهم-، تظهر المعطيات أن عدد الفحوصات الطبية التي استفاد منها المعتقلون خلال سنة 2016 بلغ 434 ألف و637 فحصا طبيا أي بمعدل ستة فحوص طبية لكل سجين في السنة، وهو نفس المعدل المسجل خلال سنة 2015، علما أن المعدل المسجل على الصعيد الوطني لا يتعدى فحصا طبيا واحدا لكل مواطن في السنة. من جهة أخرى، وسعيا إلى تجويد الخدمات الطبية المقدمة من خلال تأهيل الأطر الطبية وشبه الطبية عبر التكوين المستمر، تم تكثيف الدورات التكوينية المنظمة لفائدتها، حيث بلغ عدد المستفيدين خلال سنة 2016 ما مجموعه 175 مستفيدا مقابل 59 مستفيدا سنة 2015. وفي إطار بحث سبل العناية بفئة المعتقلين المصابين بأمراض عقلية، بادرت المندوبية العامة إلى تقديم مقترح للانضمام إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالصحة العقلية والمكونة من وزارة العدل والحريات، ووزارة الداخلية، الصحة، وكذا إبداء الملاحظات حول المقتضيات ذات الصلة والمضمنة بمشروع قانون المسطرة الجنائية المقترح من طرف وزارة العدل بما يكفل إيواءهم في وحدات صحية متخصصة خارج السجون. وسعيا إلى تعزيز الوقاية الصحية والتحسيس بمضار التدخين في صفوف السجناء، تم إعمال تصنيف جديد لفائدة السجناء غير المدخنين من خلال إيوائهم في أجنحة أو زنازن خاصة بهم، حيث بلغ عدد السجناء المستفيدين من هذه العملية 7.600 سجينا. كما يكتسي الدعم النفسي والاجتماعي أهمية كبرى، إذ تشكل مختلف البرامج التربوية والتأهيلية المسطرة لفائدة السجناء المدخل الرئيسي لتهييء المعتقلين لإعادة الإدماج في المجتمع بعد الإفراج، ومن ثم فإن بلوغ الغاية المثلى من هذه البرامج رهين بتوفر المصاحبة النفسية والاجتماعية اللازمة لهم خاصة وأنهم يعيشون ظروفا نفسية ناتجة عن خصوصية الوسط الذي يعيشون فيه. وفي هذا الإطار، قامت المندوبية العامة بوضع برنامج إطار يهدف إلى تتبع الوضعية النفسية والاجتماعية للسجناء بمن فيهم المعتقلين من الفئات الخاصة ككبار السن، والنساء المرفقات بأطفالهن، والأحداث، إلا أنها لم توفق بعد في تنزيله بشكل مرض على أرض الواقع . ويعزى ذلك إلى النقص الحاصل على مستوى عدد الأخصائيين النفسانيين العاملين بالمؤسسات السجنية والذين لا يتجاوز عددهم حاليا 39 إطارا مقابل الارتفاع المستمر لعدد السجناء. أما في ما يتعلق بالدعم الاجتماعي، فهو يستهدف بعض الفئات من السجناء نظير السجناء المنقطعة عنهم الزيارة، حيث تحرص المؤسسة السجنية على التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني قصد تنظيم زيارات لفائدتهم وتقديم بعض المساعدات لهم، بما يسهم في تعزيز ثقتهم بمحيطهم ، كما يستهدف هذا الدعم السجينات الأمهات والأطفال المرافقين لهن، حيث يتم تنظيم أنشطة لفائدتهن وتقديم بعض المساعدات من قبيل الحفاظات والألعاب والملابس. ويرصد التقرير، في الوقت نفسه، بعض الإكراهات التي لازلت مطروحة أمام تحسين صحة المعتقلين، ويتعلق الأمر أساسا بمحدودية الاعتمادات المالية المخصصة، وقلة المناصب المالية التي لا تتيح توفير الأطر الطبية الكافية، إضافة إلى عزوف بعض الأطر عن العمل ببعض المؤسسات السجنية النائية بعد التوظيف، أو تقديمهم لطلبات الاستقالة بعد حصولهم على فرص عمل أفضل في قطاع آخر. ينضاف إلى ذلك استمرار وجود الصعوبات المرتبطة باستفادة السجناء من خدمات المستشفيات العمومية المتعلقة خاصة بتدبير المواعيد وغياب إمكانيات الاستشفاء أحيانا، وإشكالية تدبير وضعية المعتقلين المرضى عقليا الذين صدرت في حقهم أحكام بالإيداع بالمستشفيات المتخصصة، وكذا صعوبة التكفل ببعض الخدمات الطبية لفائدة السجناء غير المضمنة في نظام المساعدة الطبية (راميد)، بالإضافة إلى انتشار آفة الإدمان على المخدرات علما أن أغلب حالاتها تسجل على السجناء قبل إيداعهم بالسجن. ويؤكد التقرير أن هذه الإكراهات لا تثني المندوبية العامة عن مواصلة مساعيها لتحسين مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمعتقلين، إذ تعمل على استغلال جميع الإمكانيات المتاحة لتنفيذ البرامج ذات الصلة خاصة على مستوى توفير وحدات صحية مجهزة يؤخذ فيها بعين الاعتبار حجم المؤسسة وموقعها وساكنتها السجنية، وكذا تحسين التأطير الطبي وشبه الطبي، وتعزيز التنسيق مع مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج ووزارة الصحة قصد دعم المجهودات المبذولة في هذا الخصوص، خاصة ما يتعلق بتنظيم الحملات الطبية والتحسيسية وولوج السجناء لخدمات المستشفيات العمومية وتوفير بعض الأدوية، وكذا تفعيل مضامين اتفاقيتي الشراكة بشأن دعم الخدمات الصحية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية والسجناء المفرج عنهم والموقعتين في الحفل الذي أقيم في القصر الملكي بالدار البيضاء وترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس مرفوقا بصاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى. وخلص التقرير إلى أن مجموع المكاسب المحققة، وإن لم ترق إلى مستوى الطموحات، فإنها تعكس الرغبة الأكيدة في النهوض بمستوى الرعاية الصحية المقدمة لفائدة المعتقلين، وذلك رغم العراقيل التي تواجهها في هذا الخصوص، مضيفا أن المندوبية العامة، وفي إطار مواصلة جهودها لتحقيق المزيد من المكاسب في السنوات المقبلة، ستعمل على تحسين التأطير الطبي من خلال بلوغ مؤشر طبيب وجراح أسنان لكل مؤسسة سجنية. كما تطمح إلى بلورة استراتيجية للصحة في السجون، مواكبة للاستراتيجية الوطنية للصحة، وتحسين الخدمات الصحية الاستعجالية، ودعم التكوين المقدم للأطر الطبية من خلال إحداث تكوين خاص بطب السجون، إضافة إلى تقوية الشراكات الوطنية والدولية في نفس المجال.