لازال موضوع نزوج أطباء القطاع العام العاملين بالمستشفى الإقليمي بمدينة خريبكة نحو المصحات الخاصة يشكل المعضلة الكبيرة ويعصف بحقوق المرضى في التطبيب ويفرض عليهم انتظار المواعيد لساعات طوال تزيد من معاناتهم وسقمهم. عاصمة الفوسفاط، كل القطاعات فيها أصيبت بالنكسة واشتد الألم بكل أطرافها، من بنيات تحتية، خدمات اجتماعية إلى تهالك قطاع الصحة...فغاب الوازع الديني وانعدم الضمير المهني، وفضل الطبيب الذي أدى القسم ذات يوم تكديس الأموال من العمل بالمصحات وترك أمهاتنا وأخواتنا وأقاربنا عرضة للضياع والتحسر على زمن ضاعت فيه القيم واستبدل فيه القسم بالطمع والجشع، فتناسى الطبيب دوره في تخفيف ألم المرضى وتنكر لهم ونصحهم باللحاق به صوب مصحة يقضي فيها ساعات طوال.
ممرضون، أطباء...يبررون غيابهم بشواهد طبية وتجدهم ببذلاتهم البيضاء يعملون بجد و تفان بالمصحات ويبتسمون في وجه المرضى، بالمقابل يصطف العشرات يوميا أمام قاعة الفحص في المستشفى الإقليمي ينتظرون قدوم الطبيب، فيعودون بخفي حنين ويشكون قلة حيلتهم وهوانهم لخالقهم، فيما ينعم الطبيب والطبيبة بما تدره عليه المصحة أو المصحات التي يقصدها يوميا.
أقسام بالمستشفى الإقليمي بخريبكة تجدها خاوية على عروشها، لا تكاد تجد فيها سوى متدربات بمدارس خاصة غير معترف بها من طرف وزارة الصحة، فتسند إليهن مهمة العناية بالمرضى، بينما من يتقاضون أجورهم من مداخيل الضرائب يتفنون في التنقل بين المصحات و يكدسون الأموال الحرام في حساباتهم البنيكة.
الجريدة عاينت معاناة المرضى الذين طال بهم الأمل وانتظروا لشهور عديدة ليصل دورهم فيتفاجئون بغياب الطبيب بمبرر المرض، لكنه يزاول مهامه بحيوية ونشاط بالمصحة في غياب تام لأي مراقبة، الأمر الذي يدفع بالعديد من المرضى إلى تحمل مصاريف زائدة والبحث عن الطبيب ذاته بمصحة معينة للتطبيب والعلاج.
وطالب عدد من المرضى ممن التقتهم الجريدة بإيفاد لجن مركزية تابعة لوزارة الصحة نحو المصحات الخاصة بالمدينة من أجل ضبط أطباء القطاع العمومي الذين يعملون بها بشكل كبير ومفضوح، وذلك في إطار المراقبة التي تعتمدها الوزارة الوصية بين الفينة والأخرى لضبط القطاع ولضمان حقهم الدستوري في الاستفادة من الخدمات الطبية العمومية وزجر المخالفين من الأطباء.