بعد أن أفرغت كل الصناديق العمومية و نهبت الأموال و الثروات و وصل المغرب إلى حافة السقوط الاقتصادي و المالي لم تتفتق عبقرية المسؤولين إلا على الحلول السحرية الجاهزة و التي لا توجد سوى في جيوب المغاربة البسطاء من الطبقات الوسطى و الهشة و الضعيفة و التي وجدت نفسها مباشرة في فوهة مدفع لإصلاح اقتصادي مزعوم لا يروم سوى امتصاص ما تبقى من دراهم من جيوب المغاربة .وككل إصلاح مزعوم يتم التسويق لأساليب النهب الجديدة باسم ما يسمى بالخوصصة و الجودة وتحسين الخدمات وذلك من أجل بيع القطاعات العامة الحيوية أهمها الصحة و التعليم. في هذا السياق النيوليبرالي المتوحش المنذر بانتهاء المجانية في المغرب جاءت توصية و مشروع قرار لإلغاء مجانية التعليم العمومي في المغرب هذا الخبر نزل كالصاعقة على رؤوس الأسر المغربية المنهكة و المتأزمة و التي أغلبها يعيش على الديون و التكافل الأسري و الاجتماعي.
مشروع انتهاء مجانية التعليم جاء تتويجا لقرارات متعددة بدأت بفصل التكوين عن التوظيف بالنسبة للأطباء و الأساتذة و تفعيل مسألة التوظيف بالتعاقد في الوظيفة العمومية و خطة إصلاح صندوق التقاعد المنهوب و المسروق و التي حملت الموظف المغربي مسؤولية الأزمة و لن تكون السياسات القادمة بعيدة عن هذا السياق العام الذي يروم بيع كل شيء للخواص و تراجع الدولة و انحسار دورها في مهمات أشبه بالتحوط الأمني و مواجهة الاحتجاج القادم لا محالة.
الحقيقة المؤلمة أن في المغرب منظومة سرقة ونهب تشتغل بأمان و انتظام و تختبئ بمؤسسات عمومية
لتبرير النهب الذي وصل الآن لجيوب المغاربة البسيطة و البائسة تحت مسمى الخوصصة و الإصلاح في التعليم و الصحة ، فلو كانت خطط الخوصصة منسجمة مع بنيات اقتصادية و قوية و متنوعة و ضمانات عدالة و حقوق اجتماعية لكان الإصلاح حقيقيا ، أما أن تتخلى دولة مثل المغرب عن تعليم المغاربة و صحتهم فيحق للأسر المغربية أن تتساءل ما ذا يبقى لهم من بلدهم! كم ستحتمل جيوبهم البائسة وهم يدفعون الضرائب ولا يرون أثرا !أين الأموال المسروقة ! لماذا لا يحاسب السارقون و الفاسدون!
انتهاء المجانية في المغرب و خوصصة الخدمات الاجتماعية و تخلي الدولة عن رعاية المغاربة و تعليمهم هو نقطة قد تفيض كأسا ممتلأ من الاحتقان وأخطر لغم في طريق البلد منذ استقلال المغرب.