عبد الله الريسوني صنفت مدينة طنجة عاشرة على مستوى العالم في مؤشر الجاذبية الجنسية، حسب ما ذكرته تقارير إعلامية بريطانية صدرت منذ أشهر مضت ، وهو التصنيف الذي جعل منها "منافسا" قويا لعواصم الدعارة العالمية، مثل مدن تايلاند وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، وهو أيضا وضع يطرح أكثر من سؤال محرج حول أسباب تفشي "تجارة اللحوم البيضاء" بمدينة كانت إلى وقت قريب توصف بالمحافظة، غير أنها، ولعوامل اقتصادية واجتماعية أصبحت قطبا مستوردا للمومسات من مختلف مناطق المغرب، خاصة النائية منها.
المهنة..الذل كثيرة هن الشابات المنحدرات من مدن المغرب العميق، اللواتي خيل إليهن أن التوجه نحو مدينة طنجة، سيضمن لهن العثور على عمل مناسب وتوفير مدخول محترم، لكن كثيرات يصدمن بواقع آخر بعد أيام من وصولهن للمدينة، فبسبب وقوعهن بين أيدي أرباب عمل يستغلونهن مقابل راتب زهيد، أو لأنهن أصلا لم يعثرن على عمل، يصعب على هؤلاء الفتيات العودة من حيث أتين بخفي حنين، فيكون البديل المتوفر بسهولة وبكثرة في المدينة، هو امتهان الدعارة، كوسيلة للكسب السريع أو من أجل تحسين المدخول. تذكر التقارير الأمنية بمدينة طنجة أن معدل حالات توقيف المومسات داخل المدينة في ارتفاع مستمر، وأن هؤلاء الفتيات شابات ولا تتجاوز أعمارهن ما بين 18 و 30 سنة، وأنهن ينتمين لأسر فقيرة ويتحدرن غالبا من مناطق الغرب، وخاصة مدن سيدي قاسم والقنيطرة ومشرع بلقصيري وبني ملال، أو من قرى مجاورة لهذه المدن، وتتراوح حاليا معدلات توقيف ممارسات الدعارة بطنجة ما بين 10 حالات في الأيام العادية إلى ما يناهز 50 حالة في يومي السبت والأحد – عطلة نهاية الأسبوع -، كما يرتفع رقم الحالات المسجلة أيضا في أيام المناسبات والعطل مثل فترة الاحتفال برأس السنة الميلادية. تذكر المصادر الأمنية أن هؤلاء الفتيات غالبا ما يمارسن الدعارة مع الأوساط الفقيرة أو المتوسطة الدخل، مقابل مبالغ زهيدة إذا ما قورنت بمداخيل مومسات الدعارة الراقية، كما أن الإجراءات التي تتخذ في حقهن لا يطبعها التشدد بحكم أوضاعهن الاجتماعية المزرية، إذ يتم الاكتفاء بإجبارهن على دفع الغرامة المالية، إضافة إلى قضاء ساعات أو أيام معدودة في الحجز قبل إطلاق سراحهن، غير أن ذلك لا يمنع كثيرات من العودة إلى "مهنتهن" حيث يعاد إلقاء القبض عليهن ثم إطلاق سراحهن، في مسلسل قد لا تنتهي حلقاته.
حومة "الشياطين" قد لا يعرف الكثيرون بطنجة شارع مولاي إسماعيل، لكنهم ولا شك سيتعرفون عليه إذا ما قيل لهم أنه يسمى أيضا بحومة "الشياطين"، فهذه المنطقة تعد المكان الأبرز لتجارة الجنس بالمدينة، إذ أنها توفر أماكن مخصصة لهذا الغرض، وتضم تجارا محترفين في مجال الجنس. الوكر الأقدم للدعارة بطنجة يضم شققا مفروشة جاهزة، تكترى لزبائن أغلبهم من المغاربة، وتوفر خدمات جنسية مختلفة الأثمان تستقطب الزبائن من الطبقات الاجتماعية المتوسطة والميسورة، أما بين دروب هذا الحي، فتنشط فتيات الدعارة "لسريعة"، التي تستقطب في الغالب الشباب وخصوصا الطلبة. بحومة الشياطين، تنتشر الحانات الليلية التي تنشط انطلاقا من الخامسة أو السادسة مساء، أي مباشرة عقب انتهاء دوام العمل العادي، هذه المحلات التي تقدم الخمور فقط، لم يدشنها أربابها لهذا الغرض فحسب، فهي تستخدم بالأساس كمنطلق للمفاوضات حول الليالي الحمراء، إذ أن "شراكة" تعقد بين مجموعة من المومسات وصاحب الحانة، مقابل نصيب معين من مدخول الليلة الحمراء، لتكون الحانة منطلقا لتلك الداعرات. بل أحيانا يتكفل صاحب الحانة الليلية بتوفير مكان لممارسة الجنس بين عميلته والزبون. وهذه المحلات تكون متوفرة على حراسة مشددة، إذ إنها تجتهد في اختيار فيدورات يحسنون مراقبة العمليات من جهة، ومن جهة أخرى يعرفون كيف يتصرفون مع بعض الزبائن "اللي كيعملو حريق الراس"، إضافة إلى اعتماد أرباب تلك الحانات على كلاب البيتبول لضبط الوضع. الخطير في الأمر أن نشاط هذه المنطقة، أصبح معتمدا على فتيات قاصرات، أغلبهن تلميذات استغلت حاجتهن للمال أو رغبتهن في "الارتقاء" في المستوى الاجتماعي، وغالبا ما يزين لهن هذا العمل من طرف تلميذات أخريات جربن هذه "المهنة"، وأوكلت لهن مهمة البحث عن وجوه جديدة. كما أن من ضمن الناشطات في حومة الشياطين هناك مدمنات المخدرات، اللواتي يقدمن على الدعارة كحل سهل لتوفير ما يكفيهم من "الغبرة" والخمور. رغم أن حومة الشياطين لا تصنف من ضمن أماكن الدعارة الراقية، إلا أن مرتاديها ينتمون لمختلف الطبقات الاجتماعية، وكذا لمختلف الفئات السنية، وتتراوح تكاليف قضاء ليلة حمراء بهذه المنطقة، ما بين 50 و100 درهم. ومرتادو أوكار الدعارة هناك يكونون معروفين لتجار الجنس، ولتأمين المكان يتم التعامل بحذر مع الوجوه الجديدة، إضافة إلى كون أنشطة أخرى موازية غير قانونية، تكثر بهذه المنطقة وتستهدف الغرباء، وخاصة عمليات الكريساج والنصب والنشل. حومة الشياطين أصبحت تستقبل نشاطات جنسية أخرى، بحكم "منافسة" بعض الأماكن لها، ومن ذلك أن الشواذ أصبحوا يتوافدون بكثرة على المنطقة بعدما اطمأنوا إلى أمانها ومدخولها، بالنظر للإقبال المتزايد عليها وخاصة من طرف بعض الأوروبيين. هذه المنطقة التي تعد نقطة شديدة السواد وسط مدينة طنجة، أصبحت تستقطب "الزبائن" من خارج المدينة، إضافة إلى بعض الأجانب وخاصة الأوروبيين. انتشار الدعارة بحومة الشياطين جعل سكانها يهجرونها منذ مدة طويلة، لتتحول إلى مكان لا يستقبل إلا الباحثين عن المتعة الجنسية، لذلك فإن سكان المدينة يستغربون من عدم قدرة الجهات الأمنية على ضبط تجارة اللحوم البيضاء بحومة الشياطين، إذ إن الحملات الأمنية التي يشهدها الحي لا تستطيع أن تفعل أكثر من إيقاف بعض المومسات، أو ضبط شقة مفروشة مخصصة لقضاء الليالي الحمراء، مما يخفض نسبة الإقبال على المكان لأيام معدودة، قبل أن يعود النشاط إلى سابق عهده، وترد الساكنة هذا الأمر إلى "العلاقات الوازنة" التي ينسجها تجار الجنس مع عدة شخصيات أمنية، والتي تجعلهم يسارعون إلى تحذير المتاجرين في الدعارة بحومة الشياطين، إلى أي تدخل أمني مرتقب، بل إن بعض المصادر تقول بكون شخصيات وازنة تتجار في الجنس بحومة الشياطين، وهي التي تمتلك بطريقة غير مباشرة الشقق المفروشة والحانات.
البلايا أو "كورنيش الحب" على امتداد شاطئ طنجة البلدي "البلايا"، أصبحت تاجرات الهوى يجدن لأنفسهن ملاذا آمنا ومضمونا لاستقطاب الزبائن. فالعمل بكورنيش الشاطئ لا يتوقف نهارا ولا ليلا، والإقبال في تزايد. بائعات الهوى بهذا المكان يميز أنفسهن بملابسهن الضيقة، وروائح العطور القوية، ولا تتوان بعضهن عن إشعال سيجارة والقيام بحركات إغواء يفهمها جيدا الباحثون عن اللذة، فأمام عيون المارة يقف شبان وكهول بسياراتهم أمام بائعة هوى،وقد لا يكلفون أنفسهم عناء النزول للتفاوض، بل العاهرة هي من تقترب من السيارة، وسرعان ما تركبها متجهة نحو منزل الرجل، أو حتى نحو بعض الفنادق غير المصنفة التي تحولت غرفها إلى أوكار للدعارة مقابل 20 درهم تضاف إلى إيجار الغرفة. وغير بعيد عن الشاطئ البلدي، تضم ساحة الأمم عمارات سكنية تخصص جل شققها كأوكار لممارسة الدعارة، وبحكم قربها من الكورنيش فإنها تعد أماكن مناسبة لممارسة الجنس بعيدا عن أي إزعاج محتمل من السلطات. وإن كانت الدعارة على الشاطئ البلدي نهارا تتوقف عند حد المفاوضات فحسب، كونها تمارس في الشقق المفروشة أو في الفنادق الغير مصنفة، فإن تجارة الهوى ليلا تكون أسوأ بكثير، إذ إن الجنس يمارس في ساعات الليل المتأخرة على رمال الشاطئ البلدي، حتى صار التجول به في هذه الفترة ممنوعا على باقي سكان المدينة، ولا يستغرب المتجولون في الصباح الباكر من وجود بعض الأدوات الجنسية مثل العوازل الطبية، تملأ المكان. تاجرات الجنس على الشاطئ البلدي أغلبهن لا يتجاوزن 30 عاما، منهن الطالبات وحتى الأمهات، وبعضهن لا يتوانين عن عرض "خدماتهن" على الزبائن المحتملين، بل إن بعضهن يعرضن تخفيض السعر! والكثيرات منهن ذوات لكنة قروية، أي أن أغلبهن من المهاجرات إلى طنجة، وبعضهن يلتجأن للدعارة بعدما ينتهين من عملهن اليومي كعاملات في المعامل أو منظفات، وهي أعمال لا توفر لهن دخلا كافيا.
دعارة راقية دعارة الأماكن العامة ليست وحدها المجال النشيط في تجارة الهوى بمدينة طنجة، فالدعارة الراقية بالمدينة تجد لنفسها تربة خصبة في العديد من الأحياء الراقية، فمنطقة فيلا فيستا مثلا، المتواجدة بخليج طنجة، منطقة راقية وهادئة، تضم فيلات سكنية أغلبها شبه مهجور، بحكم أن سكانها هم من الجالية المغربية بالخارج، لكن فيلات أخرى تنشط يوميا وخاصة بالليل، فالعديد من أرباب الفيلات يؤجرونها لمن يريدون إحياء ليالي المجون، أو أن أربابها أنفسهم يعدونها لاستقبال زبائن الشهوة الجنسية. يقول أحد حراس الفيلات بالمنطقة، إن بعض الفيلات بهذا الحي باتت معروفة بأنشطتها المشبوهة، إذ مباشرة بعد انتصاف الليل تتوافد عليها فتيات لا تزيد أعمارهن عن 18 أو 20 عاما، ثم يصل شخص أو اثنان بسيارات فارهة، تقف بعيدة عن الفيلا المعدة للدعارة، لتنار الأضواء وتنطلق أنغام الموسيقى طيلة الليل، ولا يخرج هؤلاء من البناية إلا في ساعات متأخرة من صباح اليوم الموالي، وتبدو عليهم أحيانا علامات الثمالة، هؤلاء قد يكونون شبانا أو حتى شيوخا، يضيف المصدر. هذه المنطقة وإن كانت تحتضن فيلات دعارة تعد على أصابع اليد الواحدة، لكن ذلك لم يمنع من تلوث سمعتها، حتى أخذ السكان يشتكون من ذلك، إلا أن الحملات الأمنية على هذا الحي نادرة، وإن حدث أن شنت حملة أمنية على المنطقة، فإنها لا تحصد شيئا لأن الهواتف تكون قد اشتغلت مسبقا. مناطق أخرى بمدينة طنجة لا تستقبل المغاربة فقط، بل إن أهم زبائنها هم من الأجانب، مثل منطقة ملاباطا التي تضم مجموعة من الشقق المفروشة التي توضع تحت خدمة شخصيات ثرية ليس فقط مغربية، بل أيضا أوروبية وخليجية، وهي نوعية الزبائن المفضلة عند الكثيرين من تجار الجنس، كونها الأكثر "كرما". عندما تؤدي الحملات الأمنية إلى اعتقال بعض هؤلاء الخليجيين أو الأوروبيين في حالات تلبس مع تاجرات هوى مغربيات صغيرات السن، فإن هؤلاء الأجانب سرعان ما يخرجون بكفالة ويعودون إلى ديارهم، لكن من يتحمل العقوبات القانونية و"الفضيحة" تبقى هي الفتاة وعائلتها، مما يعني أنهن يلعبن أيضا دور كبش الفداء في حالة ما وقعن، أما السهولة التي "تلملم" بها القضية بالنسبة للأجانب، فقد كانت من بين العوامل التي ساعدت على انتشار دعارة الخليجيين والأوروبيين بمدينة طنجة، تحت مسمى السياحة.