شهدت العديد من المدن و الأقاليم المغربية مظاهرات على خلفية الحادث الأليم الذي أودى بحياة الشاب محسن فكري ، الحادث الذي آلم جميع أطياف المجتمع المغربي بمختلف فئاته العمرية لابد أن يكون درسا و موعظة لاستنتاج العبر و وضع اليد على مكامن الخلل و هو الأمر الذي فطن له الملك و أرسل وزير الداخلية على وجه السرعة لتقديم تعازي القصر و مواساة أسرة الفقيد و إعطاء ضمانات بفتح تحقيق دقيق و عميق بالجدية و الصرامة اللازمتين حسب تصريح محمد حصاد . ان السرعة التي جاءت بها النتائج الأولية للتحقيق في غاية الأهمية بحيث أطاحت بمسؤولين كبار قد تكون لهم صلة بوفاة بائع السمك كما لا يجب أن يقف التحقيق عند حد هؤلاء فخيوط القضية متشابكة و تتطلب شيئا من الرزانة و المزيد من الوقت لكشف كل المتورطين ، حينئذ سيهدأ الشارع و تعود الحياة إلى سابق استقرارها تدريجيا صارت أعداد المتظاهرين تزداد و تتوسع دوائر المظاهرات و ترفع سقف المطالب و هو الامر الذي خرج عن إطار واجب التضامن الأخلاقي مما أدى إلى حشر عدد من الشباب و زرعهم وسط المتظاهرين بشعارات غريبة و رايات قبلية أفرغت مسيرات التعاطف مع الفقيد من معانيها . كل يريد وطنا يأوي أبناءه و يحتضن شبابه و يضمن كرامته ، كلنا نجمع على أن هذا الوطن حقق الاستثناء وسط مناخ إقليمي مشتعل و أغلبيتنا صوتت لشعار الإصلاح في ظل الاستقرار ، و كلنا متشبثون بوطنيتنا التي لا يجب أن تكون محط مزايدات باختلافنا في الفكر أو الثقافة أو الدين و العرق ، الوطن لنا جميعا بثوابته و مقدراته. لكن ، لتحقيق هذا الاستثناء و السير به قدما لابد أن تكون حذرين مما يتربص بنا و لابد أن نكون نحن المحصنين لهذا الاستثناء و حماته ، نحن من يجب أن نت صدى لأي خطر يهدد أمننا و سلم أمتنا و استقرارها و لنا في البلدان المحيطة بنا العبرة البالغة مما وصلت إليه من دمار و تخريب و انهيار اقتصادي و شتات اجتماعي يؤدي فاتورة تكلفته المواطن العربي البسيط بالتهجير و القتل و التشريد . من منا يرضى على أهله و ذويه ما نلاحظه في شوارعنا من حالات تسول لعائلات سورية بأكملها ؟ نحن المغاربة شعب يأبى أن تمد يد مواطنيه للغير مهما كانت الظروف شعب متضامن متماسك نغار على بعضنا و ان اختلفنا بيننا ، فلنحسن الظن بمؤسساتنا و لنثق بعدالة قضائنا لنؤكد استثناءنا. إن دعوة رئيس الحكومة المعين لأتباع حزبه و المتعاطفين معه بعدم الخروج و المشاركة في المظاهرات بدت في وقتها غير صحيحة و أفرزت العديد من ردود الفعل الغاضبة ، ومع مرور الوقت و تطور الأحداث في بعض المسيرات تبين أن رئيس الحكومة يعي ما يقول وأن التضامن مع عائلة الفقيد يجب أن يكون على شاكلة ما قامت به بعض الهيئات السياسية و الحقوقية و الجمعوية بتقديم التعازي و التعبير لأسرة الفقيد عن المؤازرة المطلقة و اللامشروطة في مصابها من كل فئات المجتمع . و هو نفس السياق الذي عبر عنه والد الهالك بتصريحه حين طلب عدم الركوب على قضية ابنه و تسييسها أو تدويلها منوها إلى أن الوطن يعيش استقرارا يجب تحصينه و مشيرا إلى اللحظة التاريخية باستضافة قمة المناخ العالمية خلال أيام و بالتالي لا يجب أن يكون أن تشويش على إنجاح هذه القمة وأن كان الأمر يتعلق بلذة كبده . كلمات الأب المكلوم بليغة على قلتها تعطينا درسا في الوطنية الحقة و المسؤولية الجسمية الملقاة على عاتق كل فرد من المجتمع المغربي ، درس الإحساس الصادق و الحب الوفي و الإخلاص اللامتناهي لرجل عايش أجيالا و راكم تجارب استخلص منها معاني سامية تتجلى في الحفاظ على هذا الوطن بكل قوة