ناقش خبراء في مجال البيئة والمناخ اليوم السبت بالدارالبيضاء في ندوة حول "الأرض والتغيرات المناخية"، جملة قضايا تعرض لتأثير الاختلالات المناخية وفقدان التوازن البيئي على طبيعة الحياة على كوكب الأرض. وعرض هؤلاء الخبراء لأهمية التوافق في تفعيل الالتزامات الدولية في مجال المحافظة على البيئة، وتأثير التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري على حياة السكان الاقتصادية والاجتماعية، والآليات العملية التي من شأنها أن تسهم في الحد من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، إلى جانب رصد مجموعة من الظواهر الطبيعية المرتبطة بالتحولات المناخية. وفي هذا السياق، أبرز مدير الشراكة والتعاون والاتصال بالوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة السيد محمد بنيحيى أن الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه في قمة المناخ العالمية بباريس (كوب22)، والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، يشكل خطوة متقدمة ومصيرية في سيرورة الجهود الدولية الرامية إلى محاصرة ظاهرة الاحتباس الحراري وتطويق تأثيرات التغيرات المناخية، مشيرا إلى أنه يفرض اتخاذ مبادرات ملموسة وناجعة لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاتفاق، ووفاء الدول الموقعة عليه بكامل التزاماتها. من جانبه، أبرز السيد عبد القادر اكعيوة المفتش الجهوي للتعمير وإعداد التراب الوطني بجهة الدارالبيضاء – سطات أن التغيرات المناخية باتت اليوم واقعا لا يمكن تجاهله، بالنظر إلى تأثيراتها الكبيرة على الاقتصاد والموارد الطبيعية وإطار عيش السكان، مسجلا أن أهمية الموضوع تجعل من الضروري أخذه في الاعتبار عند تحديد اختيارات وأولويات السياسات العمومية، وكذا اعتماد مقاربات أفقية لاسيما في السياسات المتصلة بالتهيئة العمرانية للتمكن من التكيف مع تلك التغيرات والتقليص من حدة مخاطرها. أما الخبير في المناخ والجغرافيا عبد الرحمن فولادي، فقد بين أن المغرب بات مهددا، بسبب تمدد ظاهرة التصحر، بموجات غير مسبوقة من الهجرة، إذ أن 90 في المائة من مساحة القارة الإفريقية تعاني من هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن هذه الموجات غالبا ما ستتوجه إلى المناطق الساحلية التي تعتبر الرئة الاقتصادية للبلاد، والتي بدورها تواجه تهديدا آخر يتمثل في ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب التغيرات المناخية، مما يظهر، برأيه، ضرورة اعتماد استراتيجيات استباقية لمواجهة هذه التحديات. ومن جانبه استعرض جان جوزيل، المختص في علمي المناخ والجليد، مجموعة من الظواهر المتعلقة بالتغيرات المناخية، معتبرا أن نجاح المبادرات الرامية إلى معالجة هذه الظواهر، خاصة الملتقيات والمؤتمرات العالمية للمناخ، رهين باعتماد وسائل تكنولوجية مبتكرة، ومواكبة المستجدات التي يعرفها العالم في مجال الابتكار والاختراع في الميادين المتصلة بالتخزين الطاقي والتخفيض من كلفة إنتاج الطاقات المتجددة، ومشددا على ضرورة الحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في قمة باريس، والعمل على تحويلها إلى خطوات عملية لحماية مستقبل الإنسان على كوكب الأرض. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة، التي نظمتها مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء، والتي شهدت حضور عدد من المتخصصين والباحثين والطلبة والمهتمين بموضوع المناخ، تأتي في سياق الدينامية التي يعرفها المغرب في إطار الإعداد لاحتضان قمة المناخ العالمية (كوب 22) بمراكش في نونبر المقبل. وتضمن برنامج الندوة مناقشة محاور همت بالأساس "ظاهرة الاحتباس الحراري : من التشخيص إلى العمل"، و"التغيرات المناخية: ارتفاع مستوى البحر والتصحر، حالة المغرب"، و"من كوب 21 إلى كوب 22.. من التفاوض إلى العمل ".