ادارة ايران نجحت في فهم معنى القوة وأتقنت استخدام أدواتها مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي العربي، فقد نجح القائمون على ادارة إيران بتنصيب دولتهم «بعبعا» على دول الخليج العربي وزرع الخوف في قلوب مواطنيها من خلال استخدام القوة الناعمة. عدنان أبو زيد من أمستردام : في الوقت الذي يتنبأ فيه الكاتب الاسرائيلي يارون فريدمان في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بان سيناريو الربيع العربي سينتهي الى اندلاع حرب بين السنة والشيعة، مشيرا الى أن الساحة الرئيسة لتلك الحرب هي الخليج العربي، فإن كتابا عربًا بدوا في مدونات أفكارهم كما لو انهم يلتقطون اليوم إشارات بدء ذلكم الصراع الذي كان على مر التاريخين العربي والاسلامي مريرا، شهد صعود دول وأفول أخرى، وشيوع مذهب وانحسار آخر. ويتزامن توقع فريدمان من ان الخليج العربي سيكون ساحة الصراع المقبل، مع اهتمامات كتاب خليجيين وعرب بآفاق الصراع الذي بحسبهم تقوده ايران وتركيا كقوتين كبيرتين في المنطقة، وتأثيرات ذلك على دول الخليج مرورا بالعراق وسوريا ولبنان ودول اخرى. الإمبريالية الشيعية الإيرانية وما يثير في مقال فريدمان اطلاقة وصف (الإمبريالية الشيعية الإيرانية) على التحالف القائم بين طهران والرئيس السوري بشار الأسد مرورا بالعراق وحزب الله، في حين يصف كتاب عرب النفوذ الايراني العابر للحدود بانه ( هلال شيعي ) مرة، و( احتلال ايراني صفوي ) مرة اخرى. وبحسب فريدمان فان فوز الأسد في الخروج من قطار الربيع العربي، سيسعد جزءا كبيرا من ( النصارى والدروز والعلويين ) الذين يخشون صعود الإسلام (السني). لاءات الحوار السني الشيعي. غير ان الكاتب سعود ريس يبدو متوجسا من فكرة حوار ( سني شيعي ) واضعا (لاءات) للحوار، فيقول إن الدعوة لحوار (سني شيعي) تعني بالنسبة له ثلاث لاءات، الأولى: لا للحوار، والثانية : لا للحوار، والثالثة: لا للحوار. يضيف الريس مفسرا سبب هذه اللاءات، فيقول : لأن المطلوب لا يندرج تحت بند الحوار، بل الجدل، المعروف عنه أنه «يأتي من باب استحكام الشيء في استرسال يكون فيه وامتداد الخصومة ومراجعة الكلام»، وبخلاف ذلك فالمنطق يقول إن الحوار يكون عادة بين طرفين أو أكثر، في وقت نرى أن الموجود الآن طرف واحد، وإذا أقر أحدنا بوجود طرفين، إذاً هو يسلخ عن طرف مواطنته، وبالتالي لسنا في حاجة له، أما إن كان ما يروج له حواراً مجتمعياً فيبقى الأساس الطائفي فيه قائماً، فمعروف أن الخلاف السني الشيعي، سبب يلقي بظلاله على قضايا الشيعة كافة منذ فجر التاريخ، وشئنا أم أبينا، جميع قضايا هذه الطائفة تعود لتصب في النهاية بالاختلاف المذهبي، إذاً من العبث الخوض فيه. ويرى الريس ان الخلاف المجتمعي، هو الأخطر، وهو صلب هذا الموضوع، فمنذ وقت يراد لنا أن نقتنع بوجود مظلومية على الشيعة، وإننا من يقوم بهذه المظلومية بحجج طائفية تارة، وبحجج اجتماعية تارة أخرى، ومعروف أن قبلية أي مجتمع من شأنها تعزيز التفرقة، حتى لدى الشيعة أنفسهم هناك تفرقة، أي أن الأمر ليس حكراً على طائفة أو نظام أو دولة، هذا من ناحية، أما الناحية الأهم فلا يمكن محاورة أو مجادلة - سموها ما شئتم - طرف ينام ويستيقظ وهو يقدم أحكاماً مسبقة ويتهم طرفاً آخر بالإقصاء والقمع والاضطهاد، ويشتم ويعتدي على الرموز الدينية ورموز الدولة، في مناسبة وغير مناسبة، لأن هذا الفريق يعيش على أساس هذا الفكر الذي يعود إلى أكثر من 1000 عام، والتخلي عنه وذهابه يعني باختصار انتهاء عقيدة فكرية كانت تمد هذا الفريق بأسباب العيش، فإن زالت لن يصبح لديهم قضية. ويحذر الريس من الحوار في ظل اهتزاز المواطنة بحجة الدين أو المذهب أو المصلحة الذاتية. ويسترسل : في هذه الحالة لا ينبغي علينا أن نحاور، بل أن نحاسب، وأن نحاسب فقط، بغض النظر عن الديانة أو الانتماء المذهبي أو العقدي أو الفكري. أزمة الخطاب الشيعي ويصف الريس ( أزمة الشيعة ) كما يسميها بانها أزمة خطاب، فإن تطالب بحوار مع أقلية، إذاً من حق كل قبيلة غداً أن تطالب بحوار، وأيضاً من حق كل هجرة وكل قرية ومدينة، وكل عائلة أيضاً، فلماذا يُحرم الباقون؟ هي إذاً «سبحة ستفرط»، وينبغي علينا في ما بعد العمل على تجميع حباتها، ولا أعتقد أن هذا هو الطموح الذي نعيش من أجله. الأمر المنطقي، سواء كان للشيعة، أو أي مذهب عقدي أو فكري إن كانوا محقين، المطالبة بحقوقهم التي يقولون بها، كمواطنين، وكمواطنين فقط، وضع عشرة خطوط تحت كلمة مواطنين، فهنا لن يطعن أحد بولاء أو انتماء أو حتى مذهب، لكن في أمرنا هذا، المطالبة بحقوق ترتدي العمامة المذهبية، يوضح أن الإصلاح أو العيش بتكاتف مع الآخرين الذي يروج له، هو في حقيقته ابتزاز للدولة، والعمل على تجييش العالم ضدها بحجة انتهاك الحقوق. الحوار إذا وُجِد ينبغي أن يكون هدفه تعزيز مسيرة هذه البلاد والعمل على دعمها، لا أن يكون لهدف إقناع طرف على ضرورة أن يكون مواطناً، فهذه لوحدها ستزيح بيزنطية عن قمة الحوار التاريخي لتحل محلها بكل اقتدار. الهوية المذهبية ويدخل الياس حرفوش الى العلاقة بين أنقرةوطهران، من باب تعقب الهوية المذهبية لكل التحالفات الجديدة. ومن وجهة نظره، فإن القطبين الكبيرين في المنطقة اللذين كانا يراهنان على علاقات وثيقة يمكن بناؤها بين نظام الجمهورية الإسلامية وأول حزب إسلامي يصل إلى الحكم في أنقرة منذ تأسيس الجمهورية التركية، فشلا في الحفاظ على التحسن الذي طرأ على هذه العلاقات بعد الزلزال الذي أحدثته الانتفاضة السورية في تحالفات دول المنطقة، وما نتج منه من انعكاسات على العلاقات المتأزمة أصلاً بين مختلف الانتماءات المذهبية في مجتمعات هذه الدول. ويذكر حرفوش بماضي علاقات حسنة بين أنقرةوطهران وكيف استطاعت تلك العلاقات أن تبحر بهدوء وسط العاصفة التي خلّفها الغزو الأميركي للعراق، فلم يقف الانتماء الأطلسي للدولة التركية حائلاً دون أن يقول رجب طيب إردوغان لا للقوات الأميركية التي كانت ترغب في عبور أراضيه إلى البلد المحتل. وفوق ذلك، زاد في التقدير الذي حظي به رئيس الحكومة التركي في نظر «الممانعين» مواقفه من الممارسات العدوانية الإسرائيلية، سواء خلال الحرب على لبنان عام 2006 أو في موقفه من الحرب على قطاع غزة في آخر عام 2008. مرجعية لولاية الفقيه ويسجل الكاتب مطلق سعود المطيري ( إفلاسا إيرانيا) في الاحداث الجارية في المنطقة، مشيرا الى أصابع ( غدر) في حادثة التفجير التي وقعت في قرية العكر في مملكة البحرين والتي تفضح مرجعية بعض المعارضين التابعين لولاية الفقيه ويطيعون ذاك المرجع في كل ما يصدره لهم في السر والعلن لتنفيذ أجندتها المشبوهة في بلاد الأمة العربية. ويلفت عمر الطبطبائي الانتباه الى ان ادارة ايران نجحت في فهم معنى القوة وأتقنت استخدام أدواتها مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي العربي، فقد نجح القائمون على ادارة إيران بتنصيب دولتهم «بعبعا» على دول الخليج العربي وزرع الخوف في قلوب مواطنيها من خلال استخدام القوة الناعمة «Soft Power» بحرفية تامة عن طريق وسائل الاعلام وربط أهدافهم بالعقيدة، لذلك نرى سيطرة القيادة الإيرانية على النجف وكربلاء حتى تختطف القرار الشيعي بالكامل وتوظيفه لصالحها وهذا ما يعتبر من أخطر أنواع أسلحة القوة الناعمة. ويؤكد الطبطبائي أن لا احد ينكر قوة الإدارة الإيرانية في التغلغل بدول الخليج من خلال دعم بعض الحركات السياسية والشخصيات التجارية للتقرب من دائرة مركز القرار، ولعل وضع المجتمع الكويتي خير مثال على هذا التغلغل. لكن الإدارة الإيرانية المتمثلة في نظام ولاية الفقيه – بحسب الطبطبائي - لم تصل "الى هذه الحرفية الا من خلال التخطيط ومعرفة ما يريدونه لمستقبلهم، فإدارتهم خططت ولا تزال تخطط لخمسين سنة قادمة وربما أكثر، أما إدارة دولنا الخليجية فاقتصرت على الاستمتاع في مغريات وملذات السلطة! أو تطبيق القوة على شعوبها فقط". الإدارة الإيرانية والخليجية ويقرأ الطبطبائي فرقا بين الإدارة الإيرانية والخليجية في توجيه الاحداق، قائلا : الاولى تعيش من أجل تحقيق هدف وحلم والثانية تعيش على أنغام عبد الرب إدريس وصوت محمد عبدة، وهذا ما يجعلنا نرى دائما أن ايران دولة طموحة اما الدول الخليجية العربية مجتمعة واقعها عكس منطقها، فدول تملك كل هذه الكميات من النفط والى الآن لا تشكل أي خطورة على أحد، لذلك من المهين والمعيب ان تكون دولنا الخليجية مجرد أسماء على خارطة العالم وليس أي عالم إنه العالم الثالث يا سادة!!. ويلخص الطبطبائي فكرته بالقول : الطموح الإيراني أو الإدارة الإيرانية المتمثلة بتصدير الثورة يمثل خطورة كبيرة على مستقبل استقرار دول الخليج العربي، ولكن الاخطر من هذا هو ضعف القيادة الخليجية على مجاراة الامور وشللها التام في فهم أحدث انواع القوة التي من خلالها تستطيع التصدي للأطماع الإيرانية وتغلغلها في دولنا، وهنا لا نقصد القوة العسكرية أبدا إنما فهم القوة الناعمة وتكييف وسائلها لصالح استقرار دولنا الخليجية.