أخبارنا المغربية بعد أن صادق عليه المجلس الحكومي ليوم 13 شتنبر 2012 وتعديله بعد ذلك في مجلس المستشارين في يوليوز 2015، أصبح مشروع القانون رقم 109.12 المتعلق بمدونة التعاضد محل صراع بين مهنيي قطاع الصحة (أطباء خواص وصيادلة) من جهة، و التعاضديات من جهة أخرى، تأجج بعد رفض لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب، مؤخرا، للتعديل المذكور. ويتركز الخلاف بين الأطباء والتعاضديات حول المادتين 2 و 144 اللتين فتحتا المجال أمام التعاضديات لخلق مؤسسات تقدم خدمات في مجال التشخيص و العلاج و الاستشفاء، من بين أمور أخرى، وذلك بعد التعديلات التي خضع لها المشروع في مجلس المستشارين في يوليوز 2015. غير أن مهنيي الصحة يعتبرون هذه التعديلات متناقضة مع مضمون المادة 44 من القانون رقم 65.00 حول مدونة التغطية الصحية الأساسية والذي ينص على أنه "يمنع على كل هيئة مكلفة بتدبير نظام أو مجموعة من أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الجمع بين تدبير نظام من هذه الأنظمة وتدبير مؤسسات تقدم خدمات في مجال التشخيص أو العلاج أو الاستشفاء أو مؤسسات توريد الأدوية والمعدات والآلات وأجهزة الترويض الطبي أو هما معا". وأوضح رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية لأطباء الأسنان بالمغرب، الدكتور محمد جرار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "لا يمكن لجهة تقدم خدمات علاجية وتتلقى مقابلا أن تقوم في الوقت عينه بمهمة المراقبة"، مضيفا أن التعديل الذي أدخله مجلس المستشارين على القانون رقم 109.12 "يفتح الباب أمام تعسفات من كل نوع". ويعتبر الدكتور جرار "أنه الحكامة الجيدة تقتضي أن يقوم كل طرف بعمله: المكلف بالتدبير (التعاضديات) يتولى الجانب المالي للتأمين الإجباري على المرض، والمنخرط يؤدي مساهمته و مقدمو الخدمات، سواء كانوا أطباء أسنان أو صيادلة أو أخصائيين في البصريات و كل مهنيي الصحة، يقومون بالعمل الذي يتقنونه". من جهتها، تقول التعاضديات أن التعديل المثير للجدل جاء تنفيذا لتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعد مراسلة من مجلس المستشارين. وحسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فإن الترخيص للتعاضديات بتسيير بنيات صحية سيسمح للمغرب بسد العجز الذي يشهده في مجال العرض الصحي و تسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الطبية دون تمييز مبني على نوع الخدمة أو التوزيع الجهوي. لكن الدكتور جرار يقول إن المهنيين، ومن بينهم الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان بالمغرب، لم تتم استشارتهم من قبل أعضاء الغرفة الثانية للبرلمان حول هذه المسألة وهو أمر يعتبره "غير عادي". ويضيف جرار "بعد ذلك عقدنا اجتماعين مع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، بحضور جميع التعاضديات، من أجل طرح مظالمنا على البرلمانيين" ليشيد بعد ذلك باعتراف النواب بوجاهة حجج مهنيي الصحة، وهو ما تأكد بالعودة إلى النسخة الأولى لمشروع القانون رقم 109.12. وقد شكل تصويت مجلس النواب، بكل تأكيد، منعطفا حاسما في هذا الصراع لصالح الأطباء والصيادلة ومؤيديهم. ومع ذلك يستعد الدكتور جرار منذ الان للمواجهة المقبلة التي ستكون ساحتها مجلس المستشارين، معربا عن أمله في أن تتم المصادقة على هذا القانون و الحسم في هذا الملف، الذي يراوح مكانه منذ 2012، خلال جلسة استثنائية متوقعة في الأسابيع المقبلة. من جهته نشر المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بلاغا يوم 6 غشت الماضي يؤكد فيه أن "أفضل رد على أعداء قطاع التعاضديات وعلى من يرفضون الخدمات التي يوفرها لمنخرطيه وذوي حقوقهم هو التسجيل المكثف في اللوائح الانتخابية والمشاركة الفاعلة في الاستحقاقات الانتخابية لمعاقبة الذين سمحو لأنفسهم بالتصويت لصالح هذا المشروع "الرجعي". وإذا كان الأطباء قد حققوا على ما يبدو انتصارا في معركتهم فإن التعاضديات لم تقل بالتأكيد كلمتها الأخيرة بعد، وهو ما يعني أن المشروع رقم 109.12 لمدونة التعاضد سيكون رهانا كبيرا بالنسبة للمصوتين خلال الاستحقاقات الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016.