نشر موقع «ميدل إيست آي»، المهتم بشؤون الشرق الأوسط، مقالاً للصحفي البريطاني «ديفيد هيرست» بعنوان «كيف هزم آيفون الدبابات في تركيا؟»، قال فيه إن ما أثّر على الانقلاب العسكري في تركيا، وألحقَ الهزيمة به، لجوءُ الرئيس «رجب طيب أردوغان» إلى هاتفه المحمول، واستجابة المساجد التي كبّرت قبل ساعات من طلوع الفجر. ويضيف هيرست في مقاله، أن مسارعة الزعماء السياسيين، من كافة الملل والنحل -على الرغم من الخصومة والعداء لأردوغان- إلى المطالبة بدحر الانقلاب، كان له أثر إيجابي جداً. وأشار هيرست، إلى مواقف الدول الغربية عموما وأمريكا خصوصا من الانقلاب، لافتا إلى الطريقة التي وصفت بها سفارة الولاياتالمتحدة في أنقرة الرسالة الطارئة التي وجهتها إلى مواطنيها في تركيا حين قالت إنها «انتفاضة». وأضاف: «نشرت دورية المستقبل الجيوسياسي تحليلا خلصت فيه إلى أن الانقلاب كان ناجحا. من الملفت أن قناة ال بي بي سي العربية، وقناة سكاي نيوز العربية، وقناة العربية، والمحرر الدبلوماسي في تلفزيون آي تي في، وشبكات الأخبار الأمريكية، كانت كلها تبث تعليقات وتحليلات تفيد بأن أردوغان انتهى، أو أنه لجأ إلى ألمانيا». وقال هيرست، إن «الغارديان» نشرت هي الأخرى مقالا كان عنوانه الأول، يصفُ حال كاتبه، الذي لم يملك إخفاء غبطته لسقوط رجل وصفه بأنه «طاغية إسلامي»، حيث كان العنوان: «كيف سعَّر رجب طيب أردوغان التوترات داخل تركيا». ويشير الكاتب، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، اكتفى خلال تصريحاته بالقول إنه يتطلع إلى أن يسود «الاستقرار والسلام والتواصل» داخل تركيا، و«لم يخطر بباله أن يذكر شيئا عن دعم الرئيس الشرعي المنتخب، ولا عن دعم البرلمان الشرعي المنتخب. فقط عندما بات واضحا أن المحاولة الانقلابية أخفقت، خرج الرئيس باراك أوباما على الناس، وكذلك وزير خارجيته كيري، بتصريحات يدعمان من خلالها بشكل لا لبس فيه الرئيس أردوغان». وقال إنه «إذا ما أردت أن تعرف لماذا أوروبا وأمريكا كما لو أنهما (شطّافة) مكسورة في الشرق الأوسط، ولماذا خسرتا كل نفوذ معنوي وسلطان أخلاقي، بل وحتى أي نوع من النفوذ والسلطان، ولماذا لم تعودا تحملان الشمعة لتضيئا بها مسار التغيير الديمقراطي، لا تحتاج لأن تنظر إلى أبعد من الساعات الثلاث التي التزموا خلالها الصمت المطبق، بينما كانوا ينتظرون ليتأكدوا في أي اتجاه كانت تهب الرياح في إسطنبولوأنقرة». أما السعوديون، بحسب هيرست، فانتظروا خمس عشرة ساعة، قبل أن يصدروا بيانا عبروا من خلاله عن دعمهم لأردوغان. في تلك الأثناء كان الإماراتيون ووسائل إعلامهم يروجون لإشاعة مفادها أن أردوغان هرب إلى خارج البلاد، رغم أن الحقيقة كانت على العكس تماما من ذلك. وأكد الصحفي البريطاني أن أردوغان أظهر شجاعة فائقة؛ إذ استقل طائرة وتوجه إلى إسطنبول، رغم معرفته بأن مقاتلات إف 16 كانت تحوم في الأجواء، وأن مدرج مطار أتاتورك كان قد أغلق. وأوضح أن ثلاث بلدان فقط هي التي وقفت مع أردوغان ودعمته منذ البداية؛ المغرب وقطر والسودان. بعد ذلك، يستعرض الصحفي أهم ما جاء من تصريحات السياسيين الأتراك، فيقول: «لو يتوانَ زعيم أكبر حزب تركي، كمال كاليجداروغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، عن الخروج على الملأ مباشرة بعد الانقلاب -وذلك يذكر له ويشكر- ليعلن في سلسلة متعاقبة من التغريدات بأن بلاده عانت الكثير في الماضي بسبب الانقلابات العسكرية.. كما أن اثنين من زعماء حزب العدالة والتنمية – وهما يحسبان على الجناح الليبرالي في الحزب – ووقع إبعادهما عن قيادة الحزب أو أقصيا من قبل أردوغان – ما كان منهما إلا أن دعماه ووقفا معه. أحدهما هو الرئيس السابق عبد الله غول، الذي أخبر قناة سي إن إن التركية بأن تركيا ليست أمريكا اللاتينية... أطالب أولئك الذين حاولوا الانقلاب على الحكومة بأن يعودوا إلى ثكناتهم». ويشير إلى كلام رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو في مقابلة مع الجزيرة، حيث قال: «تركيا بلد ديمقراطي... لا أظن أن هذه المحاولة ستنجح. لا يمكن أن تنجح أي محاولات تستهدف ضعضعة الأوضاع في تركيا. نحن نواجه الكثير من الأزمات في سوريا، وفي غيرها من المناطق، وآن الأوان للتعبير عن التضامن مع الشعب التركي.... في هذه اللحظة يتواجد الناس في مختلف المدن في الشوارع، وفي الميادين (يحتجون) ضد هذه المحاولة الانقلابية». ويردف هيرست بالقول: «كل هؤلاء الناس بإمكانهم أن يروا ما لا يراه الإجماع الأوروبي في أردوغان. ويرون أن الإجراء أهم من الرجل نفسه، وأن الأتراك، صدّقوا أو لا تصدقوا، يمكن أن يقاتلوا من أجل الاحتفاظ بحقهم في انتخاب رئيسهم، وذلك بالرغم من أن الأغلبية -كما هو واضح- لا يريدون له أن يتمتع بسلطات رئاسية عليا». متابعاً: «لقد كان رد الفعل التركي بالأمس تعبيرا عن ديمقراطية ناضجة. بينما كان رد الفعل الغربي تعبيرا عن ديمقراطية فاسدة، شوهها وأصابها في مقتل الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه الدول الغربية للاستبداد والدكتاتورية». ويختم بالقول: «ليست هذه هي المرة الأولى منذ عام 2011 التي لا بد أن الطغاة في مختلف أرجاء المنطقة ترتعد فرائصهم خوفا على مصائرهم، فالقوى الديمقراطية التي تملك أن تجرد الجنود من أسلحتهم، بإمكانها أيضا أن تجردهم من أسلحتهم».