أبنائنا هم قرة أعيننا وأغلى ما يملك المرء من متاع الدنيا وزينتها، لذا فليس هناك عملًا أهم ولا أعظم ولا أنفع من أن ينشئ الأب والأم أولادهما التنشئة الإيمانية السليمة، حتى يكونوا أفرادًا صالحين نافعين لأنفسهم وأوطانهم. لذا جاءت الوصايا النبوية الشريفة لتضع لنا خطة لنسير عليها في تربية أبنائنا، ونزرع فيهم خصال الخير .. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة، فهو إنسان الكمال الذي اجتمعت فيه صفات الخير والأدب كله، فيقول صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، وهو الذي قال: "أدبوا أولادكم على ثلاث خصال، حبِّ نبيكم، وحبِّ آل بيته، وتلاوة القرآن". 1- حب النبي الخصلة الأولى التي أوصنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نعلمها لأبنائنا هي حبه صلوات ربي وسلام عليه وعلى آله، وهكذا ربَّى الصحابة الكرام أبناءهم كما قال سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن"، فنشأوا وقد سيطر حبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قلوبهم مما دفعهم للدفاع عنه، والتخلق بأخلاقه الكريمة. إن محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تُظهِر على الإنسان في أمور قلبية ثم تكسي كسوة القلب في ظاهرة وجوارحه فيُعرَّف أن هذا مُحِب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا تخلق الأب والأم كذلك بالأخلاق النبوية الشريفة استطاعوا بسهولة ويسر غرسها في أبنائهم. ويكون ذلك بدوام بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام أبنائهم وذكر أخباره وسيرته العطرة وسننه المطهرة وكيف كان يتعامل مع الناس، وذاك حتى ترسخ في النفوس محبته وتعظيمة صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله. 2- حب آل بيت النبي والخصلة الثانية التي وصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نربي عليها أبناءنا هي حب آل بيته الأطهار، وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنى تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما". فعلموا أولادكم أن الله قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهرهم تطهيرًا، وعلموهم محبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، وأنهم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، وأنهم أحباب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فمن أحبهم فقد أحب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم كما جاء في الحديث الشريف ومن وصلهم وودهم فقد وصل وود سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم. 3- تلاوة القرآن أما الخصلة الثالثة التي أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نربي عليها أولادنا هي تلاوة القرآن الكريم الذي هو دستورنا في حياتنا، وكان الإمام الغزالي رضي الله عنه يوصي كتابه "إحياء علوم الدين" بتعليم القرآن للأطفال وتحفيظه، وأوضّحُ أنّ تعليم القرآن هو أساس التعليم في جميع المناهج الدراسيَّة، لأنَّه شعارٌ من شعائر الدين يؤدّي إلى تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان. فعلينا عليم أولادنا تلاوة القرآن منذ الصغر، وأن يحفظوه ويفهموه ويطبقوه في كل أمور حياتهم ومعاملاتهم، يقول تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.