الأم مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق إن كل مشروع للنهضة بالأمة لابد أن يضع في صدارته قضية المرأة و تحريرها من الإصر و الأغلال التي فرضها المجتمع عليها بحيث تكون "إنسانا" حرا تساهم مع المواطنين في بناء وطنها و "أنثى" لها حقوق و واجبات ، فإذا أدت واجباتها نحو المجتمع ، فعلى المجتمع أن يسلم لها بحقوقها ، و يشجعها على إستثمار هذه الحقوق في ما ينمي شخصيتها كإنسان و زوجة و أم و بدون هذا فلن يكتب لأي مشروع النجاح، و كيف ينجح إذا كان نصف الأمة متخلفا ، متعثرا ، يبث التخلف و التعثر في الأجيال القادمة و يمسك بأقدام الاجيال الراهنة ... إن المرأة هي نصف المجتمع أو أكثر قليلا ، فإن لم تكن الأغلبية فهي قريبة منها ، و هذا النصف الجميل من المجتمع هو الذي يربي الجيل الذي سيصبح (رجالا و نساء ا) كل المجتمع. فالمرأة هي التي حملته في بطنها تسعة أشهر ، ثم غذته على صدرها عامين فنشزت عظامه و تماسكت عضلاته ثم تولته سنوات الطفولة الأولى فأشرفت على أكله و لباسه و صحوه و نومه، و طبعته بطابعها فجعلته شجاعا أو جبانا ،كاذبا أو صادقا مقداما أو محجاما . فأي عمل و أي رسالة يمكن أن يقوم بها الرجل تضاهي هذه المهمة التي تقوم بها نساء العالم أجمع، و على إختلافه، بتفان و تضحية .... لكن نصف جسد مجتمعاتنا الإسلامية بشكل عام و مجتمعنا المغربي بشكل خاص عانى من شلل عظيم لأكثر من عشر قرون بفعل مواريث الجاهلية التي غلبت على تشريعات الفقهاء فتم ازدراء الأنوثة و استضعافها و سلبت حقوقها فأصبحت حبيسة البيوت و فتنة الفتن و جعلوا من وجهها عورة و صوتها عورة ، فلم تعد أكثر من جسد تلفه الثياب و يلبي غرائز الرجال و تلعنها الملائكة حتى طلوع الشمس إن لم تفعل ما تؤمر ، و وعاء ا يسكب فيه الرجل مائه الدافق للإنجاب ، ثم تصبح خادمة له حتى يواريها الثرى ، و كل هذا ظلما و عدوانا و بتشريعات بشرية ما أنزل الله بها من سلطان، إن هم إلا يكتبونها بأيديهم ثم يقولون هذه من عند الله ، فبئسا لهم مما كتبت أيديهم و بئسا لهم مما سيكسبون. و لولا الضغط الشديد الذي مارسه أولو الألباب ما أمكن تعليم النساء في عصرنا ، و لبقين لا يعقلن شيئا من أنواع العلوم. ربما سيسارع البعض إلى اتهامي بالميل إلى الحياة الغربية ، و قبول وضع المرأة فيها !!! و جوابي أني أنكر هذه الحياة بقدر ما أنكر المواريث و التقاليد التي أتت إلينا ترخص الأنوثة ، و تجمد إنسانيتها ، وتستكثر عليها حقوقا منحها الله إياها ... و قد أردت بهذه المقدمة أن أشير إلى أن الأمية التي فتكت بنسائنا طيلة عصور و الضغط و الكبت الذي تعرضن له أدى طبقا لمبدأ "الكوكوت مينيت" و ظهور الأجيال الأولى من المتعلمات و العولمة والإنفتاح إلى انتقال النساء من النقيض إلى النقيض ، فإنقلب السحر على الساحر، فأمست كثير من النساء كاسيات عاريات و قد تتفوق في بعض الأحيان في تبرجهن على النساء الغربيات، و طالبت بعضهن بالحرية الجنسية و أضحين يستهزئن من قداسة الرحم (القرار المكين طبقا للقرآن) و يسخرن من غشاء البكارة الذي اعتبرن الحفاظ عليه رمزا للرجعية و الظلامية ، فتضاعفت حالات الإجهاض و تفشت ظاهرة الأمهات العازبات (الأمهات خارج الإطار الشرعي) في السنوات الأخيرة بشكل مهول ، حتى أصبحت أخشى أن تلقبنا الأمم في مستقبل قريب بلد المليون لقيط (اللهم استرنا) ، و عاد بلدنا الحبيب أكبر منتج لللحوم الحية الرخيصة و مصدرا لها و مرتعا عالميا للسياحة الجنسية و تشوهت سمعة المغربيات في الخارج. هذا حالنا اليوم و قد قلت ما قلت شفقة على الأجيال التي تربت و ستتربى على أيدي من ترتدي المايوهات في المصايف و الديكولتيهات و المينيجيبات على الملأ في الأماكن العامة، و أصبح إصلاح ما فسد فريضة على كل مغربي مسلم غيور على دينه و وطنه (ذكورا و إناثا ) و ذلك بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالحكمة و الموعظة الحسنة ، فهل من مجيب؟ ... يتبع