خلفت القرارات الأخيرة التي اتخذها الوزير محمد الوفا خصوصا تلك المتعلقة بما هو تربوي وبيداغوجي ردود فعل مختلفة بين مؤيد ومعارض ،وبين مرحب ومنتظر، بل هناك من عبر صراحة عن خشيته من القرارات التي وصفها البعض بالمتسرعة . المذكرات منذ انطلاق تنزيل البرنامج الاستعجالي أصدرت وزارة التربية الوطنية أزيد من 100 مذكرة منظمة لمختلف العمليات البيداغوجيا والتربوية همت على سبيل المثال تأهيل المؤسسات التعليمية والنقل المدرسي ومليون محفظة وتعميم اللباس الموحد وهي المتضمنة في خانة قطب تعميم التمدرس وأخرى بالقطب البيداغوجي وقطب الموراد البشرية، وقد عبر رجال ونساء التعليم عن تذمرهم من كثرة المذكرات ، لكن تبقى المذكرة المتعلقة بتدبير الزمن المدرسي رقم 122 كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس وبعدها المذكرة رقم 204 المتعلقة بتقييم العمل ببيداغوجيا الإدماج حيث سبق لكاتبة الدولة المكلفة بالقطاع السابقة أن رفضت التنازل عن المذكرتين رغم إلحاح النقابات الخمس الأكثر تمثيلية ورغم الاضرابات التي تم خوضها ومقاطعة الدروس دون جدوى. قرارات الوفا في أولى لقاءاته بالنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية اتخذ الوفا قرارات لا تحتاج إلى اعتمادات مالية ،لعل أبرزها إلغاء المذكرتين اللتين خلفتا ردود فعل سلبية على قطاع التربية الوطنية وهي المذكرتين 122و204 ،وفي هذا الصدد أصدرت وزارة التربية الوطنية مراسلة رقم 167 إلى مديرتي و مديري الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين و نائبات و نواب الوزارة ، تحثهم فيها على الاحتفاظ ببيداغوجيا الإدماج في التعليم الابتدائي على أساس إعطاء الصلاحية لمديري المؤسسات التعليمية و الأساتذة من أجل اعتماد هذه البيداغوجيا ،وهي إشارة إلى إمكانية التخلي عنها بالنظر إلى الرفض الذي عبر عنه رجال و نساء التعليم تجاه هذه البيداغوجيا عبر التلويح في كل مناسبة بمقاطعتها ورفضها ، كما تضمنت المذكرة ذاتها قرارا بإلغاء التقويم الوارد في المذكرة رقم 204 التي كانت قد أصدرتها الوزارة نهاية دجنبر 2010 بهدف تسهيل عملية التقويم ، كما قررت الوزارة في نفس المذكرة إرجاء العمل ببيداغوجيا الإدماج بالسلك الثانوي الإعدادي إلى حين وضع تقييم لنتائج تطبيقها بالتعليم الابتدائي ، ودعت الوزارة كذلك إلى توقيف جميع عمليات التكوين المرتبطة ببيداغوجيا الإدماج,بل أكثر من ذلك فسخت الوزارة العقدة مع كزافيل البلجيكي صاحب مشروع بيداغوجيا الإدماج. ترحيب وتنويه نقابي النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ثمنت في بلاغاتها الأخيرة التي أصدرتها عقب لقائها مع وزير التعليم قرار إلغاء المذكرتين وأشادت بقرارات الوزير الجريئة خصوصا وأنها كانت سباقة إلى المطالبة بوقف العمل بالمذكرتين، وخلال اللقاء الذي ترأسه الوزير الجمعة المنصرم عبر عدد من المسؤولين بوزارة التربية الوطنية عن استحالة استمرار العمل بالمذكرتين بسبب غياب عدد من الشروط الموضوعية لتنزيلها بالشكل الهادئ والصريح مما عجل باتخاذ قرار السحب والإلغاء.وفي هذا السياق اعتبر عبد الإله دحمان المكلف بالتكوين في نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلغاء المذكرتين مؤشر على صدقية رؤية نقابته وباقي النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية التي سبق وأن حذرت من بعض المبادرات التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية سابقا في إطار منطق التجريب الذي قال بأنه أبان اليوم من خلال جرأة الوزير محمد الوفا على أن الاختيارات المرتبطة بالمنظومة التربوية لابد أن تكون موضوع مشورة واتفاق بين الوزارة و الشركاء ، وأوضح دحمان أن المذكرتين بالرغم من كونهما متماسكتين نظريا فإنها لم تصمد أمام هشاشة البنيات المستقبلة لها في الواقع التعليمي ، ويرى دحمان أن هذا التراجع يقتضي وضعه في سياقه العام لتركيب موقف من تنزيل الأقطاب الأربعة للبرنامج الاستعجالي ،كما ذكر بمطلب البيان الختامي للمجلس الوطني للجامعة الشهر المنصرم والمتمثل في تجميد العمل بما سمي "بيداغوجيا الإدماج" إلى حين توفير الشروط المناسبة مع ضرورة السحب الفوري للمذكرتين 122 و204 مع تذكير الوزارة بضرورة الإشراك الفعلي للشركاء في كل ما يهم رجال ونساء التعليم تجاوزا للعديد من الاحتقانات. أيضا جمعية مديري ومديرات التعليم الابتدائي عبرت هي الأخرى عن ارتياحها لقرارت الوزارة بل علقت برنامجها النضالي الذي بدأته في عهد الحكومة السابقة. المفتشون غاضبون نقابة مفتشي التعليم كان لها رأي آخر بخصوص قرارات الوزير الوفا المعلنة، فقد أكد بيان مجلسها الوطني الأخير عن رفضه المطلق للمنهجية التي تم بها توقيف العديد من المشاريع البيداغوجية و"التي طبعها التسرع"، والتخلي عن التقييم قبل اتخاذ القرار، وإعداد البدائل ؛ دون اكتراث بالمآلات من إخلال بسير الموسم الدراسي، وفراغ في الميدان، ونددوا بما أسموه "التطاول على اختصاصات المفتشين في القرارات المتخذة"، وتهميش الهيئة من خلال تفويت اتخاذ القرار في المقاربة البيداغوجية ، وتدبير الزمن المدرسي بالمؤسسات التعليمية إلى المديرين والمدرسين دون المفتشين ضدا على النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، والمذكرات التنظيمية، وكل الأعراف والتقاليد التربوية منذ الاستقلال حتى اليوم.