سجل قطاع السياحة بالمغرب خلال سنة 2015 انتعاشة ملموسة رغم تحديات ظرفية اقتصادية وسمها انخفاض أسعار النفط وتقلبات العملة ، ومحيط عالمي وقاري عرف موجات اضطراب أمني تارة ، وتفشيا للأمراض والأوبئة تارة أخرى . وإن كانت منظمة السياحة العالمية قد كشفت عن زيادة عدد السياح الدوليين بنسبة 4 في المائة خلال النصف الأول من 2015 وفقا لمؤشر باروميتر الأعمال، حيث بلغ عدد السياح 538 مليون سائح حول العالم خلال الفترة من يناير إلى يونيو ، إلا أنها أكدت أن عنصر السلامة والأمن مازال مصدر قلق عالمي ، مما أثر على الطلب السياحي. وكشف تقرير المنظمة أن عدد السياح الدوليين في إفريقيا قد انخفض بنسبة 6 في المئة ، مع انخفاض بنسبة 10 في المئة في عدد الوافدين إلى شمال إفريقيا، وب 4 في المائة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على خلفية تكرار الهجمات الإرهابية وتفشى مرض "ايبولا " في عدد من بلدان غرب إفريقيا وتباطؤ النمو في الاقتصاديات الإقليمية. وإن كان التقرير قد نبه إلى ضعف الطلب السياحي العالمي في عام 2014 إلا أن المغرب يظل أحد أبرز الوجهات الإفريقية التي تكافح للتعافي من المفاهيم الخاطئة التي تؤثر على القارة السمراء . وقد تمكن المغرب بفضل التخطيط الجيد، وهيكلة القطاع ، ودعم الاستثمار، من جعل السياحة قطاعا واعدا ومتماسكا بالشكل الذي يجعله يستشرف باطمئنان غاية رؤية 2020 . وهو ما برهنت عليه النتائج الإيجابية لأداء نشاط القطاع خلال سنة 2014 الذي سجل، حسب معطيات لوزارة السياحة، نموا في توافد عدد السياح الذين بلغ عددهم 10,3 مليون سائح، أي بارتفاع نسبته 2,4 في المائة . وأوضحت الأرقام نفسها أن النشاط السياحي سجل خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2015 ارتفاعا قدر ب 1,5 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2014 ، أي بتوافد نحو ستة ملايين و 25 ألف سائح . كما أبرز المصدر ذاته أن الفترة الممتدة من 2012 إلى 2014 سجلت حصيلة استثمار سياحي بقيمة 51,1 مليار درهم، وتسجيل ما مجموعه 174 مليار درهم من مداخيل القطاع بالعملة الصعبة، إضافة إلى إنجاز 300 وحدة جديدة بطاقة 27 ألف و 860 سرير، وخلق 50 ألف منصب شغل . وسجلت سنة 2014 رقما مهما تمثل في افتتاح 190 فندقا، إلى جانب تقدم الأشغال بالعديد من الأوراش، من قبيل"مخطط أزور" ، ومحطات السياحة الداخلية ، والجودة والقانون الخاص بالتصنيف الفندقي. وساهم قطاع السياحة في الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2014 بنسبة 8,1 في المائة، فيما بلغت المداخيل بالعملة الصعبة ما مجموعه 57,4 مليار درهم وهي نفس المداخيل المسجلة سنة 2013. ولتعزيز مكانته كوجهة سياحية عالمية، انخرط المغرب منذ سنة 2003 في جميع المبادرات الدولية للاستدامة بانتخابه في مارس 2013 من خلال وزارة السياحة لترؤس الشراكة العالمية للسياحة المستدامة ، وذلك اعترافا بالتزامه في هذا المجال، وهي شراكة تتوخى إحداث أرضية دولية لتبادل الخبرات وتكوين شبكة دولية في هذا المجال. وعلى إثر استطلاع رأي شمل أكثر من مائتي مليون مسافر، صنف الموقع العالمي المتخصص في الأسفار (تريب أدفايزر) ، حسب بيان للمكتب الوطني المغربي للسياحة ، مدينة مراكش عاصمة السياحة في المغرب كأول وجهة سياحية جديدة في العالم برسم سنة 2015. كما أن البرنامج - الإطار العشري المتعلق بأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين التابع للأمم المتحدة اختار وزارة السياحة كقائد مشترك لهذا البرنامج خلال 2014 لولاية من أربع سنوات، مما يكرس طموح المغرب ليصبح نموذجا للتنمية المستدامة بالبحر المتوسط. وتم، أيضا ، مؤخرا انتخاب المغرب عضوا بالمجلس التنفيذي للمنظمة العالمية للسياحة، لمدة أربع سنوات، وذلك خلال انعقاد الجمع العام ال21 للمنظمة بميدلين (كولومبيا)، وهو ما يمثل تكريسا لدوره الريادي في الصناعة السياحية العالمية. وعلى الرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية غير المستقرة ، إلا أن السياحة المغربية حققت نتائج جيدة خلال السنتين الأخيرتين ، ولاسيما في النصف الأول من سنة 2014 ، حيث تم تحقيق إنجازات مشجعة وصلت إلى زائد 8 في المائة في ما يخص عدد الوافدين في متم يوليوز 2014 ، وزائد 5 في المائة في عدد ليالي المبيت بالنسبة لنفس الفترة، كما عرفت المداخيل زيادة بحوالي 3,2 في المائة. ورغم الأحداث التي شهدتها الساحة العالمية في هذه الفترة وأدت إلى بطء النشاط السياحي إلا أن القطاع بالمغرب برهن على تماسكه بفضل خلية اليقظة التي تم إحداثها بشراكة مع الكونفدرالية الوطنية للسياحة لتتبع وتقييم الوضعية السياحية، وقيام المندوبيات التابعة للمكتب الوطني المغربي للسياحة في الخارج، بالموازاة مع ذلك، ببرمجة عمليات تواصلية من خلال أنشطة تعتمد على العلاقات العامة للتأكيد على استقرار وأمن المغرب وضمان سلامة مواطنيه وزائريه. وساهمت الاستثمارات وتطوير العرض السياحي المغربي، في تكريس الجاذبية المتواصلة للمملكة، التي عرفت بها سنة 2014 استثمار 16,2 مليار درهم، أي ما مجموعه 86 مليار درهم منذ إطلاق رؤية 2020.