رسمت منظمة الأممالمتحدة لحماية الطفولة (يونسيف) صورة صادمة عن وضع الصحراوين المحتجزين داخل مخيمات تندوف في عمق الصحراء الجزائرية، وذلك في تقرير بدا وكأنه إجابة "فورية" وقوية وصريحة عن عدد من الأسئلة كان قد ألقى بها العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، في ساحة السلطات الجزائرية، ليذكرها بدورها الرئيسي في ما وصل إليه الوضع داخل مخيمات تندوف من بؤس وفقر ووضع إنسان مهين. وأكدت المنظمة الأممية وجود أكثر من 32 ألف طفل داخل هذه المخيمات التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو بقبضة حديدية بدعم من الجزائر في حاجة إلى مقاعد دراسية خصوصا بعد الفيضانات الأخيرة التي أغرقتها وفضحت الواقع المأساوي الذي يعاني منه سكان هذه المخيمات. وقال ممثلو "يونسيف" في الجزائر عقب زيارة قاموا بها إلى مخيمات تندوف إن الأمطار التي شهدتها المخيمات في شهر أكتوبر/تشرين الأول أدت إلى هدم الكثير من مدارس وحضانات الأطفال، مشددين على أن المخيمات تعاني نقصا حادا في التموين. وتأتي ملاحظات المنظمة الأممية بعد مرور أشهر قليلة من فضيحة اتجار قادة البوليساريو بالمساعدات الإنسانية التي يتم إرسالها لمخيمات تندوف. وقدرت منظمة "يونسيف" المساعدات التي تحتاجها ساكنة المخيمات خلال الأشهر الثلاثة القادمة بحوالي 20.08 مليون دولار أميركي (200 مليون درهم مغربي)، بينما شددت على أن حاجياتها في مجال التربية تقدر بحوالي 17.07 مليون دولار، أما الحاجيات في مجال الصحة فقد بلغت نحو 10.04 مليون دولار ، وذلك لتأهيل المؤسسات الصحية في المخيمات. وكان ملك المغرب قد تساءل خلال خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء قائلا، "كيف تترك الجزائر 40 ألف شخص في المخيمات من دون أن توفر لهم، طيلة أربعين سنة، السكن اللائق وهم لا يتجاوزون عدد سكان حيّ متوسط في العاصمة الجزائر؟" ويقول مراقبون إن حجم المساعدات التي يحتاجها سكان المخيمات لا تتعدى 50.20 مليون دولار وهي قيمة إنقاذ أطفال المخيمات من الأوضاع المزرية التي يعيشون فيها، وهو مبلغ بسيط بالنسبة لدولة نفطية تدعي مساعدتها لصحروايي المخيمات. وأضاف الملك محمد السادس "كيف تقبل الجزائر التي صرفت الملايين في حربها العسكرية والدبلوماسية بترك سكان تندوف في هذه الأوضاع اللاإنسانية؟" ووفقا لأرقام تصدرها جهات دولية، فإن الجزائر تنفق أكثر من 15 مليار دولار على التسليح من أموال العائدات النفطية الهائلة، لكنها تمتنع عن تمكين سكان المخيمات من الحصول على القليل من المساعدات للخروج من وضعهم المزري، هذا دون ذكر دون المساعدات الإنسانية الدولية التي تظلّ طريقها إلى المخيمات في كل مرة، كما تؤكد ذلك منظمات غير حكومية دولية. وقالت يونسيف أنها أحصت حوالي 32 ألف طفل في مخيمات تندوف هم بحاجة لمن يتكلف بهم للرجوع إلى أقسام الدراسة، بالإضافة إلى 12 ألف عائلة توجد دون مأوى، وفقدت المنطقة ما بين 25 و40 بالمئة من المراكز الصحية بصفة جزئية أو كاملة. وأكدت المنظمة أنها ولحدود الآن، لم تستطع جمع سوى ربع القيمة المطلوبة لتوفير حاجيات سكان مخيمات تندوف. ووصفت "يونسيف" أزمة المخيمات بأنها من أسوء الأوضاع في العالم، مؤكدة أن موظفيها "وقفوا على الحرمان الحقيقي الذي يعيشه سكان المخيمات بعدما فقدوا أهم ما يمكن للمرء ان يملكه وهو سقف يأويهم ويحميهم". وقال العاهل المغربي خلال خطابه بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء إن "الجزائر حولت أبناء الصحراء الأحرار إلى غنيمة حرب، ورصيد للاتجار غير المشروع".