يبدو أن قيادة البوليساريو تعيش أحلك أيامها بعد الخطاب المزلزل الذي ألقاه الملك محمد السادس من العيون يوم 6 نونبر بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، حيث تاه قياديو الجبهة وبدِوا يضربون يمنة ويسرة لعلهم يصرفون اهتمام ساكنة تندوف عن فحوى الخطاب الملكي وما جاء فيه من اهتمام العاهل المغربي بهموم ومعاناة الساكنة وأوضاعها المعيشية في مخيمات لحمادة فوق التراب الجزائري. قادة البوليساريو وفي رد فعل على خطاب غير متوقع أطلقوا العنان لخرافاتهم وشرعوا في تفسير مضامين الخطاب وفق ما يناسبهم بعدما عراهم الملك محمد السادس أمام العالم بأنهم يستغلون مأساة السكان ليغتنوا ويراكموا الأموال بأرصدتهم البنكية في الخارج، وهو ما جعل الشبهات تحوم حولهم بخصوص شرعيتهم التاريخية المزيفة وطول كابوس اسمه تقرير المصير الذي كانوا يزينونه في أعين الساكنة وأن مستقبلهم في الاستقلال. وظهر الاضطراب على قادة البوليزاريو بعدما بدأت الساكنة بالمخيمات تحلل فحوى الخطاب الملكي و تقارن اهتمام العاهل المغربي بظروفهم المعيشية و تجاهل قيادة الجبهة الانفصالية لمأساتهم الأخيرة الناتجة عن الفيضانات بعدما تركوا يصارعون قدرهم، في حين يتنعم القادة بالمكيفات بمنازلهم. الخطاب الملكي وضع قادة الجمهورية الوهمية في مأزق كبير، بعدما لم يعد بمقدورهم إقناع ساكنة المخيمات بالبقاء و حمل أحلام لا توجد إلا في مخيلة الانفصاليين المدعومين من طرف الجزائر، خاصة بعد تأكيد محمد السادس على أن المغرب لن يفرط في صحرائه مهما كلفه الثمن و أن سيادته على الأرض هو أمر واقع رغم وجود بعثة أممية مهمتها إجراء استفتاء في الصحراء المغربية. وقد خلق الخطاب الملكي زوبعة في قلوب الصحراويين المحتجزين بتندوف، وجعلهم يتساءلون عن إمكانية غلق المغرب أبوابه أمام "العودة" مخافة أن تفوتهم الفرص التي سيتيحها مخطط النموذج التنموي بالجهات الثلاث بالصحراء المغربية، الذي أعطى انطلاقته العاهل المغربي بتكلفة قيمتها حوالي 9 ملايير دولار أمريكي و المتوقع أن يخلق 120 ألف منصب شغل، خاصة وأن الملك محمد السادس حذر من يرضى لنفسه بالعيش في الظروف المزرية داخل مخيمات تندوف.