تمثل القيم الانسانية النبيلة واحدة من ركائز البنيان الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وفي صدارة منظومة القيم الراسخة هذه تأتي التضحية بكل ماهو غال ونفيس في سبيل الوطن والأرض ومكتسبات هذا الشعب الوفي. وليس هناك شك في أن النفس هي أغلى ما يمتلك الانسان، والاستعداد للتضحية بهذا الغالي النفيس يمثل أرقى وأروع وأنبل درجات الحب والولاء والانتماء، وهذا هو حال شهداء الواجب من إخواننا وأبنائنا الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم في ميادين الشرف والشجاعة والعطاء دفاعا عن الأشقاء في اليمن وتلبية لنداء الواجب واستغاثة الملهوفين من أبناء هذا الشعب العربي الأصيل. شهداء الواجب وأبنائهم وذويهم "عظم رقبة" كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهي عبارة من كلمتين فقط، ولكنها تحمل عميق المعاني والدلالات في ثقافتنا المحلية الأصيلة، وفي تراثنا وموروثنا القيمي الراسخ، فهي تقدم البرهان الساطع على أن القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تضع تضحيات هؤلاء الشهداء وأسرهم نصب عينيها، وتدرك بحق عمق هذه التضحيات وتشارك أسرهم مصابهم الأليم وستظل على العهد وفية لعظم الرقبة، الذي لا غنى للإنسان عنه ولا حياة له من دونه. شهداء الامارات ... مجدها وفخرها ورمز عزتها ....سطروا بدمائهم الطاهرة الذكية تاريخاً جديداً لليمن الشقيق، بل للمنطقة بأكملها، فلولا شجاعتهم وبسالتهم لكان لكل بقعة في أرض اليمن الشقيق شأن آخر وتاريخ مغاير، ولكنكم أبيتم إلا أن يعود الحق لأصحابه وإلا أن تنتصروا للمغلوب على أمره، وتسابقتم إلى تلبية نداء القيادة الرشيدة لاغاثة الملهوف. رسالتي إلى أرواحكم الطاهرة بمناسبة قرب احتفال دولتنا وشعبنا الوفي بتضحياتكم في "يوم الشهيد" .. رسالتي لكم أن أنعموا بجنات الخلد... ووعد صادق يشهد الله عليه من كل مواطن ومواطنة من أبناء هذه الأرض الطيبة ألا ننساكم ... وعد نقطعه على أنفسنا ونشهد الله عليه ... أن تظلوا دوما في الأفئدة ... أوسمة على الصدور ... ونبراس للعقول ... فأنتم من ينير لنا دروب الحق والأخلاق الأصيلة والقيم النبيلة ... وأنتم "مشاعل النور" كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله. مشاعل بها نهتدي وعلى دربها نقتدي. ومع اقتراب "يوم الشهيد" الأول في تاريخ دولتنا الفتية، نثق في أن دماء شهدائنا الأبرار وتضحياتهم، لم ولن تضيع هباء، فالشهداء في كل أمة وشعب هم أصحاب الفضل الحقيقيين في أي إنجاز تنموي يتحقق، فمنهم يستلهم الجميع روح الولاء والانتماء وحب الأوطان، ومنهم يستمد الجميع طاقات الوطنية التي تؤلف القلوب وتحشد الجهود تحت راية الوطن وحول قيادته، وبهم تقتدي الأجيال تلو الأجيال. إن قيمة الشهادة ومكانتها الدينية والروحية والوطنية ثابتة لا تتغير على مرى العصور وفي مختلف الأديان السماوية، وهذه القيمة تتضاعف بمعايير وحسابات السياسة والعلوم الاستراتيجية في ظل الارتباك الحاصل في المعايير والأوراق ومنظومات القيم الاخلاقية والانسانية بفعل موجات العولمة الجارفة، التي أصابت الكثير من القيم النبيلة في نحرها، ولذا فإن احتفاظ أبناء الامارات بهذه القيم الأصيلة والنبيلة وحرصهم على الالتفاف حول قيادتنا الرشيدة والدفاع عن مصالح وطننا الغالي يبقى المؤشر الأهم والأكثر دلالة على حصانة شعبنا وتمسكه بدينه الحنيف بوسطيته وجوهره الحقيقي وماينطوي عليه من قيم حضارية نبيلة، تعكس في حقيقتها ما غرسه فينا جميعاً الأباء والأجداد من عادات وتقاليد. تبقى دولة الامارات العربية المتحدة وقيادتنا الرشيدة قبلة الأفئدة لنا جميعاً كمواطنين ومواطنات، وتبقى مصالح هذا الشعب فوق أي حسابات واعتبارات... وليبقى "يوم الشهيد" يوم للوفاء للشهداء وكل من سالت نقطة من دمائه الطاهرة في سبيل تلبية نداء الحق والواجب في أي من ميادين الشرف والكرامة ... وعهدنا دوما لدولتنا الحبيبة وقيادتنا الرشيدة أن نكون حيثما وكما عهدتمونا رجالاً أوفياء مخلصين لكل ذرة من تراب هذا الوطن الغالي.