أكد الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي وجهه جلالته اليوم الجمعة من مدينة العيون، "خطاب قوي يعبر عن إرادة المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية، وتمكين الأقاليم الجنوبية، أسوة بباقي مناطق المملكة، من الشروط التي تسمح بتحقيق تنمية مستدامة وعدالة اجتماعية". وأضاف السيد بوقنطار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، " أن الكرة توجد الآن في ملعب خصوم الوحدة الترابية، من خلال تحمل مسؤولياتهم في العمل على رفع المعاناة والمآسي، التي يعيشها السكان المحتجزون بمخيمات تندوف، ويسعى زعماء ما يسمى ب (البوليساريو)، بمساندة الجزائر، إلى استغلالها لتحويل المساعدات الإنسانية لصالحهم ومراكمة الثروات ورفض كل إحصاء موضوعي يبين حقيقة السكان الموجودين في مخيمات تندوف وعددهم، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي السامي "يضع مرة أخرى النقاط على الحروف". وأبرز أستاذ العلاقات الدولية أن "الأمل يبقى قائما في الحكمة والتبصر الذي سيمكن، إذا انخرط فيهما خصوم وحدتنا الترابية، من تجاوز الصراع المفتعل في الصحراء المغربية وتمكين المنطقة المغاربية برمتها من الانخراط في معركة التنمية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية خدمة للمواطن المغاربي ". وأشار إلى أن خطاب جلالته يأتي في سياق الاحتفال بالذكرى ال 40 للمسيرة الخضراء، التي شكلت حدثا ذا دلالة لكونها أحد الأساليب السلمية لاستكمال الوحدة الترابية، وكذا لكونها تأتي في سياق زيارة جلالة الملك، حفظه الله، لمدينة العيون تعبيرا عن تأكيد جديد لمغربية الصحراء ولاستمرار المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية في إطار الديموقراطية والتنمية المستدامة. وبالتالي، فإن الخطاب الملكي السامي، يضيف السيد بوقنطار، أعلن عن "قطيعة بخصوص التعامل مع المناطق الصحراوية، وذلك بعد الوصول إلى مرحلة النضج، التي بدأت تتطلب إبداع أسلوب جديد للتعامل مع هذه المناطق، والذي ينبني على بعدين، أولهما هو إقرار نموذج جديد للتنمية، ويكمن ثانيهما في خلق نموذج للحكامة، وهو الذي يأتي في سياق الجهوية المقدمة". وتبعا لذلك، يبرز السيد بوقنطار، فإن جلالته أعلن في ما يتعلق بتفعيل النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية على مجموعة من التدابير، تتجلى، أساسا، في بناء وتشييد مجموعة من البنيات الأساسية، كما هو الشأن بالنسبة لمجالي السكة الحديدية والطرق أو بالنسبة لمشاريع أخرى تساهم في خلق تنمية حقيقية قائمة على المساواة وعلى استفادة عموم المواطنين من خيرات هذه المناطق وخيرات المغرب عموما، وذلك من خلال إقرار التنمية البشرية وجلب الاستثمار وخلق الشروط التي تمكن من تعزيز العدالة الاجتماعية. لذلك، يضيف السيد بوقنطار، فإن الخطاب الملكي السامي وهو يؤكد على هذه القطيعة سواء في ما يتعلق بالمجال التنموي أو الحكامة، فإنه وجه إشارات قوية تؤكد تشبث المغرب بمبادرة الحكم الذاتي، وأن هذه المبادرة هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب. وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن المغرب بتطبيقه للجهوية المتقدمة يعطي الدليل على حسن نيته وإرادته المتواصلة في البحث عن تسوية لهذا النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن، ولكنه يرفض كل قرار يخرج عن هذا السياق، والذي قد يشكل مغامرة غير محسوبة العواقب، كما أكد جلالته، خاصة وأن المنطقة تنتمي إلى محيط مثخن بالاضطرابات. وحسب السيد بوقنطار، فإن جلالة الملك أكد في خطابه السامي، مرة أخرى، أن المغرب ماض في برامجه التنموية بالمناطق الصحراوية، وأنه لا يعير أي اهتمام لكل الحملات المغرضة، التي تحاول أن تستغل، في غياب أي مشروع سياسي لها، بعض القضايا، من أجل تغيير حقيقة الأوضاع في المناطق الصحراوية، التي انخرطت ساكنتها في الخيار الديموقراطي والمشروع الحداثي للمملكة، لاسيما منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين.