ما تزال جهة سوس ماسة درعة تعاني من نقص في الخدمات الاستشفائية، إذ أن 49 في المائة من الساكنة القروية بالجهة تشكو من بعد المؤسسات الصحية (خاصة الريفية)، كما أن التأطير الطبي نفسه يعد مشكلة حقيقية على مستوى الجهة كلها، بحيث أن متوسط عدد السكان لكل طبيب يبلغ 3510 نسمة مقابل 2120 نسمة على الصعيد الوطني. وإذا كانت الجهات تعاني من فوارق الخدمات الصحية، فبحسب المنسق الجهوي للعصبة الوطنية لحماية المستهلك بالجهة، فإن سوس ماسة درعة لم تسلم (للأسف) من هذه الفوارق داخل الجهة الواحدة، إذ أن مؤشرات التأطير الطبي تتفاوت بين أقاليم جهتنا، والإحصائيات تشير إلى أن أعلى مستويات التأطير الطبي تعرفها عمالة أكادير إداوتنان بنسبة 1660 نسمة لكل طبيب، بينما يعرف إقليم زاكورة أدنى مستويات هذا التأطير بنسبة 6000 نسمة لكل طبيب. وتابع المتحدث قوله لموقع "لكم.كوم" "إذا ما شخصنا المشاكل التي يعرفها هذا القطاع الإجتماعي الحيوي سنجد أن ما هو متوفر الآن غير كاف لتوفير التغطية الطبية والصحية المنشودة". وبحسب آراء الفاعلين الذين استقاها موقع "لكم.كوم" فإن الجهة ما تزال في حاجة ماسة إلى النهوض بالقطاع الصحي وخدماته سواء من حيث البنيات التحتية للقطاع أو التجهيزات الأساسية أو نوعية الخدمات الصحية، إذ تعد الساكنة القروية أكثر المتضررين من غياب استراتيجية لتحسين مستوى الأداء الصحي وخدماته في الجهة. وحصر هؤلاء عددا من الاختلالات التي تعوق تقديم خدمات الصحة لفائدة الساكنة، منها ما يتعلق ب"قلة الموارد البشرية والمادية في قطاع الصحة عموما، وافتقار بعض الأقاليم إلى الوحدات الإستشفائية كإقليم اشتوكة أيت بها، وتمركز معظم التجهيزات الصحية والمصحات في عمالتي أكادير وإنزكان أيت ملول". وأضافت المصادر ذاتها في إفاداتهم "أن مشاكل القطاع تتمثل في بعد الوحدات الصحية عن معظم الساكنة القروية، ومشكلة إغلاق بعض المؤسسات الصحية بسبب قلة الأطر التمريضية، و ضعف نسبة الإيواء بمستشفيات الجهة من جهة، ومن جهة أخرى قلة العناية بجناح مرضى الأمراض العقلية الوحيد بجهة سوس ماسة درعة ، وكذا بطء عملية إنجاز المشاريع البنائية الصحية المبرمجة يغرق القطاع في همومه وآلامه دون أن يقدم خدمات استشفائية وطموحات ساكنة المنطقة. وترى المصادر نفسها أن تفشي بعض الظواهر الخطيرة كالرشوة والمحسوبية في بعض المستشفيات بالجهة ساهم فيما أسمته "تعطيل" الخدمات الاستشفائية، إضافة إلى ما يعانيه المواطنون داخل الجهة من ضعف الرعاية الصحية اللازمة وتفشي بعض الأمراض المنقولة والمعدية، وازدياد المصابين بالأمراض المزمنة وغير ذلك. وهو ما يستعدي بحسب المصادر " ضرورة العمل على تفعيل كل الآليات والسبل للحفاظ على صحة المواطنين وضمان حقهم في التطبيب والعلاج دون تمييز بين فئاتهم ومناطقهم حتى يتحقق الحد الأدنى من ذلك". وفي اتجاه آخر، تعالت أصوات عدد من الفاعلين المدنيين والسياسيين بالمنطقة للمطالبة ب"إنشاء مراكز لتحاقن الدم بمختلف أقاليم الجهة، وفتح المؤسسات الصحية التي تم إغلاقها، وفي الآن نفسه إحداث مركز استشفائي جامعي بأكادير وإنشاء مستشفى خاص بالأمراض العقلية والنفسية، فضلا عن فتح مدارس للممرضين المساعدين لتلبية حاجيات الجهة في المجال، ومراعاة المناطق القروية والنائية في تعيين الأطباء والممرضين، ودعم التأطير الصحي للنساء خاصة في العالم القروي". وشدد الفاعلون "على ضرورة تفعيل أدوار المساعدات الإجتماعية في التوعية الصحية، وتشجيع التكوين المستمر للممرضين، وكذا تأصيل ثقافة الجودة و سلوك الخدمة الخيرة في المرافق الصحية، وإيلاء النفايات الطبية ما تستحق حتى لا تتحول مضاعفاتها إلى كوارث. ولم يفت هؤلاء "التأكيد على أن اعتماد المقاربة التشاركية في معالجة مشاكل القطاع، وتشجيع الاستثمار فيه كفيلان بإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قطاع أضحى يرهن أرواح المئات من الأرواح بالجهة في غياب مركز استشفائي جهوي" بحسب تعبيرهم.