1 - يشهد الدوري المغربي للمحترفين لكرة القدم يوم السبت القادم ( 03/10/2015 ) ، بملعب ابن بطوطة الكبير ، مقابلة من العيار الثقيل بين الجارين الغريمين ؛ اتحاد طنجة و المغرب التطواني . و الواقع أن أهمية هذه المقابلة ليست وليدة اليوم ، بقدر ما أنها موغلة في التاريخ ، رغم وجود هذين الفريقين العتيدين سنين عددا في القسم الوطني الثاني ، بعيدا عن الأضواء و انشغالات الإعلام الوطني بالفرق المغربية " الكبيرة " ، و طالما أتحف لاعبو فارس البوغاز و الحمامة البيضاء المشجعين و المهتمين بالشأن الرياضي المغربي بلوحات فنية بالغة البهاء و الإبداع . و في أحيان كثيرة كان لقاء هذين المتنافسين الشماليين ينتهي مع كامل الأسف ببعض مظاهر الشغب و الاحتكاكات العنيفة داخل و خارج الملعب ، مما مس بجمالية الفرجة ، و متعة مشاهدة الأداء الكروي الراقي الممزوج بالروح القتالية ، و النزعة الهجومية المتواصلة ، بحثا عن هدف يثلج صدر الجماهير التي لا تقبل إلا بالفوز و الانتصار على الخصم " اللدود " . 2 - و قد مرت مياه متدفقة تحت جسر الدوري المغربي لكرة القدم ، و أنشئت ملاعب من الطراز الرفيع في أكثر من مدينة مغربية ، و عرف المغرب نظام الاحتراف الكروي ، الذي ننتظر منه مزيدا من التطور و التقنين و المهنية ، و طفت على الساحة الرياضية فصائل عديدة تروم تشجيع فرقها و تأطير الجماهير و توعيتها و تحسيسها بأولوية المساندة الحضارية ، عبر الأهازيج و الأغاني الداعية إلى التسامح و التضحية و حب الفريق و احترام الخصم .. من أجل تقديم صور تعبر عن نضج المواطن المغربي و روحه المتسامحة ، خاصة و أن التوجه إلى الملاعب الرياضية لا يكون فقط من أجل الاستمتاع بالنتائج الإيجابية ، بل و أيضا من أجل الانخراط في مناخ استعراضي و كرنفالي مخصوصين ! 3 - كل ذلك يدفعنا إلى القول بأن التخوفات التي عبرت عنها السلطات الأمنية و الرياضية المحلية ، و قطاعات هامة من المجتمع المدني للمدينتين ؛ طنجة و تطوان هي تخوفات مشروعة ، مادام الأمن الجسدي و المعنوي هو الغاية الأولى و الأخيرة من أي تظاهرة فنية و رياضية على وجه التحديد . غير أن مثل هذه التوجسات المقبولة يجب ألا تسقطنا في فخ اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب ، من قبيل منع الجماهير التطوانية من التوجه نحو عروس الشمال لمناصرة فريقها المفضل ، فقد علمتنا التجارب الماضية أن هكذا قرارات متسرعة من شأنها أن يفضي إلى نتائج وخيمة ! فما العمل ؟ 4 - ما من شك في أن جمهور شمال المملكة ينتظر هذا الديربي المثير على أحر من الجمر ، و أن ملعب الرعب الكبير ابن بطوطة سيبدو صغيرا جراء الأمواج الهادرة من الجماهير الزرقاء و الحمراء ، و أن المشجعين الاستثنائيين سيزلزلون المدرجات بهتافاتهم و أغانيهم الحماسية ، من بداية المقابلة إلى الرمق الأخير منها ، و عليه فإننا لا نملك إلا أن نذكر مخلصين صادقين كل الأطراف المعنية بهذه الموقعة الكروية ؛ المسؤولين الإداريين للفريقين ، و المسؤولين الأمنيين و جماهير المدينتين ، بأن يتحلوا بروح المسؤولية و الانضباط الحضاري و السلوك الأخلاقي قبل و أثناء و بعد المقابلة ، لأنه في النهاية ، نحن أمام لقاء كروي وطني بين مدينتين جميلتين أختين ، حكم الوضع التاريخي و الجغرافي بأن تعيشا جنبا إلى جنب ، بمحبة و أمان و تضامن . فلتكذب الجماهير الشمالية التوقعات السلبية لمروجي الشائعات و زارعي الحقد و الانتقام و الشعب الأسود ! و لتقدم ملحمة رياضية غير مسبوقة في الملاعب المغربية . و سواء انتهت هذه المقابلة بالتعادل السلبي أو الإيجابي ، أو بفوز أحد * كاتب مغربي