أصبح العنف والشغب ظاهرة واسعة الانتشار في الملاعب الرياضية , وهذه الظاهرة ليست حديثة في المجال الرياضي وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الرياضة التنافسية .. لكن الجديد هنا هو تعدد مظاهر العنف والشغب وتغير طبيعته , حيث أصبحت هذه الظاهرة تتعدى حدود الملاعب الرياضية , فالكثير من الجماهير الرياضية أخذت تتصرف بعد الفوز أو الخسارة بطريقة غير حضارية عن طريق الاعتداء على الآخرين وإلحاق الأذى والضرر بهم أو بممتلكاتهم . فما هي يا ترى أسباب و دوافع هذا العنف و الشغب الذي أصبح ملازما لجل المقابلات الرياضية بدون استثناء ، هذا الشغب الذي أصبح يفسد للفرجة الكروية نكهتها التي اعتدناها تحت شعار '' شجع فريقك واحترم خصمك '' مع كامل الأسف فان هذه الظاهرة أصبحت واسعة الانتشار و بشكل خطير ، فمن أين تتغذى و من هو المسؤول عن تناميها ..؟ هل هي أزمة نتائج أم تدمر الجماهير التي أصبحت تجد ضالتها في مثل هكذا تجمهر لتفجر ما بداخلها ، و هي غير آبهة لا بنتائج ولا بفريقها الذي كانت تسانده ..؟ قد تتعدد الأسباب و يظل الشغب و العنف واحد .. إن العنف الذي نشاهده في الملاعب الرياضية هو تعبير عفوي عن الغريزة وردة فعل إزاء الإحباط المتعدد الأوجه و الأسباب , فهو ناتج عن فقد اللاعبين أو المشجعين السيطرة والتحكم في تصرفاتهم وانفعالاتهم . فالإنسان يولد ولديه استعداد مسبق للعدوان , والذي قد يظهر بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق التنفيس في المواقف المقبولة اجتماعياً مثل المنافسات الرياضية , فالعنف والشغب ما هو إلا نتيجة ذلك الإحباط الذي يؤدي دائماً إلى القيام بالسلوك العدواني . إن علم النفس الرياضي يفرق بين نوعين من أنواع العنف وهما :العدوان كغاية والعدوان كوسيلة . فعندما يكون الهدف من الشغب هو إيذاء الآخرين وإصابتهم بضرر والتمتع بمشاهدة الألم والأذى الذي يلحق بهم جراء ذلك , يعتبر العدوان غاية بحد ذاته . بينما الشغب الذي يتم بغية الحصول على تشجيع خارجي كتشجيع الجمهور أو إرضاء المدرب أو تعبيراً عن الفرح بالفوز أو الإحباط من الخسارة , يعتبر هنا العنف وسيلة لغاية معينة وليست غاية بحد ذاتها . وبالرغم من أن الشغب كوسيلة يعتبر الأكثر شيوعاً واستخداماً في الوسط الرياضي إلا أن كلا النوعين يهدف إلى إيذاء الآخرين و لا يمكن تبريرهما في الوسط الرياضي بأي شكل من الأشكال . و في بحر هذا الأسبوع الذي ودعناه عاشت الملاعب الرياضية بجنوب البلاد و بالضبط بكل من الملعب البلدي لأسا و الملعب البلدي لطرفاية أحداث عنف و شغب لا ثمة للرياضة بصلة ، فقد تعرض فريق جوهرة الصحراء لكليميم الذي كان في ضيافة مولودية طرفاية برسم الدورة 18 من بطولة القسم الوطني الثاني هواة شطر الصحراء ، لاعتداء من طرف اللاعبين و الجمهور على حد سوى أصيب على إثره كل من اللاعبين احمد لمهيدري ( إصابة بليغة على مستوى الرأس ) و عصام بولمان إصابة مماثلة ، حدث هذا أمام من كان موكول لهم تامين الحماية و السلامة لكل من كان داخل الملعب .. إن النتائج السلبية للفرق والأندية ليست مبرراً للجمهور الرياضي لكي يعبر عن استيائه عن طريق ممارسة العنف والشغب داخل وخارج الملعب و التفوه بعبارات مسيئة للاعبين و لإدارات الأندية وللحكام , فهذا ليس تعبيراً حضارياً أو أخلاقياً . وهو ليس تصرفاً شخصياً حراً , لأنه يأتي بالضرر على الجمهور و على النوادي بنفس الوقت من خلال العقوبات المالية والحرمان من متابعة الجمهور للمباريات والمنافسات . و لكي يتم القضاء على ظاهرة العنف والشغب في المجال الرياضي , لا بد من مساعدة الشباب على تأكيد ذاتهم و تشجيعهم على التعبير عن آرائهم من خلال السلوك الحضاري , لحملهم على البعد عن السلوك العنيف . وهكذا فإن شغب الملاعب الرياضية هو ظاهرة سلبية في المجتمع , تأتي عليه بظلالها وأضرارها المادية والنفسية ,ومن الضروري نشر الوعي الرياضي والتحلي بالروح الرياضية بين الجماهير والمتابعين , إضافة إلى التأكيد على أهمية التحكم والسيطرة على الانفعال الناتج عن الخسارة أو الانتصار .