إهداء : إلى المغتربين. داخل الوطن وخارجه ،إلى اللاهثين، الهائمين، المعذّبين،المُبعثرين المُحاصرين ،الضَّائعين ،المُجوّعين، الرابضين، الصّامدين، تُصبحون على وطن ....
عندما يتحول الوطن إلى كعكة أو" تويزة " فحتما ستتربع الضباع على موائدنا ، سنجوع أكثر ونتعذّب أكثر ، وننحني أكثر. عندما يتحوّل الوطن إلى محرقة ، فحتما سنُسحق كأعقاب سيجارة، ونغوص أكثر وأكثر. عندما يتحوّل الوطن إلى طاعون ، فحتما سنُدفن مع أسمالنا .لنموت أكثر وأكثر إيه يا وطن!! لم تعد صورتك واضحة ؟؟ ارتبك خطّك!! وتعثرت سبلك !!، وتعدّدت خطاياك!!. ورغم كل هذا التّردي!!؟؟ ما زلت أبحث عنك!! في وجوه المضطهدين مثلي؟؟!!!أتعرف لماذا؟؟ ؟ لأنهم مثلي أحبوك حتى الوجع!!، وصدقوك حدّ الفجيعة!!. إيه يا وطن؟؟ أبحث عنك في زحمة الطرقات !! وككلّ مرّة أعود تائهة حائرة !! أي محطة توصلني إليك ؟؟، تُلملم ما بقى من مسافرة أنهكها السّفر!!،، واختلاف الموانئ،، وكثرة المحطات!! أتصفح الوجوه علني استأنس بعنوانك من خلال سحنة أعرفها ؟؟!!! قد يستحضرها ذهني المُتعب!!! ،،، وفي غمرة التيه ،كدت أترك حقائبي المهترئة!! وهي كل ما أحمل من بقايا وطن تسرّب مني تسرّبت منه فالأمر سيّان!!! . لم أُصادف وجها أعرفه!! ولا دربا هداني إليك ،، فعرفت أنني اخترت وجهة بعيدة!! أبعد مما أتصور مما تتصوّر فالأمر سيّان!!!. رفقا بي أ يّها الوطن ،،أحفّار قبور أنت ؟؟؟ رفقا بطفلتك التي دغدغدها نشيدك " منبت الأحرار "وهي دون السادسة!! نشيد تشكل معه أول إحساسي بالإنتماء !! نشيد حرّك وطنيتي وهزّ كياني وألهب مشاعري،، ولقّنني أول درس في المواطنة،، فلم أحتاج بعد ذلك لمعلّم ولا كُرّاس،، لأن المواطنة إحساس وإلهام ،، صدحت بنشيدك فحلّقت مع السنونو وحيث الأقحوان تسبقني طفولتي وبراءتي وحماقتي أيضا !!! ثم ترعرعت قليلا،، فصدّقت "نبوءة" الوطن الجميل!!الرحيب!! الحالم !!! الكبير!! الممتد !! وطن يرفعني ، يسترني ،يحرسني يصنعني !!!! يمنحني الأمان !!! ويا لهول ما صنعت بي أيها الوطن !!! طرحتني أرضا ، عبثّ بظفيرتي،، صهرت أحلامي ، بعثرت دفاتري!! كسّرت أقلامي!!،،،.رفعت كارتك الأحمر في وجهي ، اقتلعتني من العمق من تربتي ،فتحوّلتُ إلى كائن طُفيلي عشوائي ،، أنبث في كل مكان بلا جذور!!!