كثر في الآونة الاخيرة استعمال مفهوم "القطبية" في مجالات متعددة وخصوصا في المجال التربوي، بعد ما كان الحديث عنها يكتسي طابعا ايديولوجيا اثناء الحديث عن "القطبية الثنائية" خلال الحرب الباردةو تحولها الى "قطبية واحدة" حددت معالم النظام العالمي الجديد،و قد بدأت الادبيات التربوية و التدبيرية لوزارة التربية الوطنية المغربية توسع من نطاق تداولية المفهوم، ليستعمل مفهوم "القطب" في مجال علوم التربية عند الاشارة الى "اقطاب المثلث البيداغوجي" : (المتعلم،المدرس و المعرفة) ، كما استعمل المفهوم في صياغة "البرنامج الاستعجالي"الذي اعتمد تصنيفا لمشاريعهيعتمد هذه القطبية عند اشارته الى :"قطب بنيات الاستقبال"،"القطب المؤسساتي" و "القطب البيداغوجي"الذي يرمي الى بلورة مشاريع تهدف الى تحقيق جودة المنتوج التعليمي من خلال تطوير البرامج والمناهج الدراسية وأساليب التقويم وأدوار الحياة المدرسية والتكوين الأساسي والمستمر لمختلف الفاعلين التربويين ، واستعمل مؤخرا عند اخراج "التدابير ذات الاولوية" التي تدخل في اطار ايجاد مخرج للفشل الذي لاقاه البرنامج الاستعجالي، و لتلبية مطلب مواصلة الاصلاح كمطلب مجتمعي. هذاالمشروع الجديد يتضمن "قطب التنشئة الاجتماعية"، "قطب العلوم والرياضيات" ثم "قطب اللغات". و بعد صدور المقرر التنظيمي للسنة الدراسية 2015/2016 تم تكريس هذا المفهوم مجددا، و خصوصا في مجال العطل المدرسية، اذ تم تقسيم الاكاديميات الى ثلاثة اقطاب و هي : 1. القطب الاول و يضم الجهات التالية : الرباطسلاالقنيطرة ، طنجةتطوانالحسيمة، و الجهة الشرقية. 2. القطب الثاني و يضم الجهات التالية :الدارالبيضاءسطات، درعة تافيلالت، و فاسمكناس. 3. اما القطب الثالث فيضم : مراكش اسفي، بني ملالخنيفرة، سوس ماسة ، كلميم واد نون ،العيون الساقية الحمرا، و جهة الداخلة وادي الذهب. و يرى المتتبعون للشأن التربوي ان "نظام الاقطاب" معتمد في العديد من البلدان الاوربية، وقد تم استيراده من دون مراعاة الخصوصية السوسيولوجية للمجتمع المغربي ، مبرر الوزارة كان يستهدف _ حسب نص البلاغ الصادر عنها _ تقسيما جهويا للعطل المدرسية بتنسيق مع كل من وزارة السياحة واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، بغاية تشجيع السياحة الداخلية ببلادنا وتمكين العائلات من الاستفادة من الخدمات الفندقية والترفيهية بأثمنة محفزة ،وكذا تخفيف الضغط على الطرقات خلال العطل المدرسية. طبعا قد يبدو ان الوزارة لم تستحضر واقع الشتات الذي تعيشه بعض اسر التعليم، بسبب وضعية التعيين الخاصة بموظفي القطاع، وضياع ابناء رجال التعليم من فرصة استغلال العطلة بحكم استمرارية العمل عند طرف وتمتع الاخر بالعطلة ، لكن لا ينبغي دوما النظر الى القرارات من منظور المصلحة الذاتية فقط، فنسبة هؤلاء الذي يعيشون هذه الوضعية قليلة جدا بالمقارنة مع حجم الاسر التي تعمق الاكتظاظ الذي تعيش على وقعه طرقاتنا عند الاعلان عن تاريخ العطلة، بل ان اغلب الاسر التي يدرس ابناؤها بالمغرب ليست منتمية بالضرورة للقطاع، اضافة الى ان العطل البينية غالبا ما تغري العزاب فقط بالسفر اما البقية الهاوية للسفريات فتؤجل برنامجها الى عطلة الصيف، بل الاعمق من هذا ان العطلة المدرسية قانونيا هي للتلاميذ و ليست للاطر التعليمية التي لها شهر قانونيا كعطلة ، واستفادتها من العطل رهين بطبيعة مهامها المرتبطة بالفصول الدراسية، علما ان فئات اخرى من رجال التعليم تظل مرابطة بمقرات عملها بالادارات، ناهيك عن ضرورة التوقف عن رفض أي مقترح او مشروع وزاري الى غاية ان يظهر حيفه فيصحح عيبه، كما هو حال الكثير من رجال التعليم الذين رفضوا "بيداغوجيا الادماج" على عهد الوزير السابق حتى قبل ان يتعرفوها، لهذا لا باس بهكذا قرار اذا كنا ديمقراطيين نؤمن بحق استخدام الطرقات و بقية المرافق بطريقة ديمقراطية ايضا. و لابد من التنويه به ايضا بدل الاكتفاء دوما برؤية نصف الكاس الفارغ.