قال المفكر المغربي، أبو زيد المقرئ الإدريسي:"إن استقالة العقل ونكوصه عن أداء دوره في إرشاد الأمم إلى السبل المثلى لنهضتها، والحوار بين ثقافاتها المختلفة، يُعدّ المدخل الأساس لما عاشته العديد من البلدان الإسلامية والعربية من نكبات، كالتعصب الذي طال مسلمي البوسنة، والتطرف المذهبي السائد في العراق، مرورا بتَغوُّل "سلفية" تنظيم داعش وتطرفها". جاء ذلك خلال حفل توقيع كتابه الجديد "القرآن والعقل"، أمس السبت، بمدينة الدارالبيضاء ، مبينا فيه أن "أزمة القيم التي تعصف بالعالم، والحروب الطائفية التي تنخر وحدة العالم الإسلامي، هي نتيجة مباشرة ل"استقالة العقل" من المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية، واندحاره إلى عوالم الخرافة والتعصب".
وقال المفكر المغربي إن "حالة الاستقالة الجماعية للعقل من مختلف المجالات، وانتشار الخرافة، حتى في أوساط الدول المتقدمة كالولايات المتحدةالأمريكية التي ترتفع فيها مبيعات مناشير الأبراج والتوقعات الفلكية بالمقارنة مع مبيعات باقي المناشير الورقية، تُفيد بأن العقل قد تم تعطيله، والاستعاضة عنه كآلية لتدبير الاختلاف، والتسول بدلا عن ذلك بالدجل والتعصب والأديان الجديدة".
من جانب آخر، اعتبر المقرئ الإدريسي أن "جزءا من الأزمة التي تعيشها الأمة الإسلامية حاليا، يعود إلى إلغاء العقل وتحقير دوره أحيانا، بدعوى الإيمان ومستلزماته التي تفرض كبح جماح العقل وأسئلته المزعجة، وإلى غياب الاجتهاد، والنزوع إلى التعصب المذهبي وتقديس السابقين وتطبيق ما جاؤوا به".
ودعا المقرئ الإدريسي في هذا السياق إلى "الخروج عن الثنائيات التي جاءت بها عدة مشاريع فكرية عربية، ك(العقل والنقل)، وربطت العقل بالجانب الحداثي وأعادت النقل إلى كل ما هو نصي، والعمل على تأصيل العقل في تربته القرآنية".
من جانبه، اعتبر المفكر الموريتاني، محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، خلال مشاركته في حفل توقيع الكتاب، أن التعصب في العالم الإسلامي، يرجع إلى تغييب الاجتهاد وتعطيل العقل والاستسلام لنزوعات التطرف المتعصب.
وأشار الشنقيطي أن العالم الإسلامي في حاجة إلى مشاريع فكرية، تعيد التفكير في العلاقة بين العقل والقرآن وسبل تأطير العقل المُسلم بقواعد القرآن وتجديده من خلالها. ويعد المفكر المغربي، أبوزيد المقرئ الإدريسي، أحد المنظرين لحركة التوحيد والإصلاح ذات التوجهات الإسلامية (الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي في المغرب)، ونائبا برلمانيا عن حزب العدالة والتنمية خلال ولايات تشريعية متعددة، كما أنه عمل في مسالك التعليم الجامعي المختلفة، كأستاذ مساعد وأستاذ محاضر، في مواد اللغة العربية واللسانيات وعلوم القرآن وغيرها.