شكل موضوع علاقات المغرب مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ، محور لقاء جامعي نظم يوم الثلاثاء بجامعة مقدونيا بثيسالونيك ثاني كبريات المدن اليونانية (شمال) من تنشيط الاستاذ يحيى أبو الفرح مدير معهد الدراسات الإفريقية. وشكل هذا اللقاء المنظم بتعاون مع سفارة المغرب بأثينا، وفي إطار علاقات التعاون الأكاديمي بين معهد الدراسات الإفريقية وقسم العلاقات الدولية والأوربية بجامعة مقدونيا والتي تعد واحدة من أعرق الجامعات اليونانية مناسبة لمعرفة التطورات الحاصلة في القارة الافريقية وبالخصوص سياسة المغرب في المنطقة. وعرف اللقاء الذي حضره سفير المغرب بأثينا السيد عبد القادر الانصاري مشاركة جامعية هامة لأستاذة وجامعيين علاوة على طلبة الدراسات الدولية والأوربية ومراكز البحث بالجامعة. وتناول السيد أبو الفرح أهمية افريقيا في السياسة الخارجية للمغرب انطلاقا من التوجهات الملكية، وأبرز تمظهراتها قيام جلالة الملك منذ توليه العرش ب 33 زيارة ل17 بلدا إفريقيا استهدفت تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية، والمساهمة في التنمية السوسيو اقتصادية للبلدان الافريقية. وأضاف أنه كانت لتلك السياسة نتائج إيجابية على مستويات عدة أبرزها تزايد التواجد الاقتصادي المغربي في القارة والذي تحول في ظرف قصير من تواجد يخص بعض التجار المغاربة في السنغال والكوت ديفوار ومالي الى مرحلة هامة من الاستثمارات المباشرة للشركات الكبرى سواء العاملة في قطاع الابناك والتأمينات والاتصالات والعقار والماء والكهرباء وغيرها، وأصبح المغرب أول بلد افريقي مستثمر في منطقة افريقيا الغربية وثاني بلد افريقي مستثمر في القارة. وأشار السيد ابو الفرح الى أنه لتأكيد أهمية الجانب الاقتصادي لهذه السياسة يمكن التذكير بالرسالة الملكية الموجهة الى السفراء المغاربة وأكدت على أهمية تقوية الدبلوماسية الاقتصادية ثم الخطاب الملكي بأبيدجان خلال الزيارة الملكية العام 2014 والذي اكد فيه على ضرورة جعل العلاقات الدبلوماسية اساسية في خدمة تطوير العلاقات الاقتصادية وذلك لكون افريقيا ليست في حاجة الى تقديم المساعدات ولكن في حاجة الى شراكة ذات نفع متبادل كفيلة بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدانها. وأضاف السيد أبو الفرح أن الجانب الديني والروحي مهم جدا في علاقات المغرب الإفريقية ويرجع للدور الهام الذي قام به المغرب منذ القدم في نشر الاسلام والثقافة العربية الاسلامية في افريقيا، مشيرا الى أنه لا يدخر جهدا في وضع تجاربه وخبرته رهن إشارة الافارقة في عدد من الميادين. وتطرق في هذا السياق للتجربة المغربية في التنمية البشرية حيث عمل على خلق مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة من جهة وتجربته في مجال تدبير الحقل الديني حيث عمل على الاستجابة لطلبات عدد من الدول في مجال تكوين الائمة وفي تعزيز الاسلام الوسطي والمالكي ، مشيرا الى إحداث مركز مخصص لهذا الغرض هو مركز محمد السادس لتكوين الأئمة بمدينة الرباط. وذكر بأن العلاقات المغربية مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء علاقات قديمة لعبت فيها الصحراء صلة وصل مع افريقيا على المستوى البشري والسياسي والاقتصادي وتشكل مجالا مهما سمح بالحركة والتنقل للانسان والافكار والاقتصاد. وقال إن افريقيا تعرف تحولات كبيرة اليوم على جميع الاصعدة وهي محطة للمنافسة بين مختلف القوى التقليدية وكل القوى لديها استراتيجيتها، مضيفا أنه إذا كانت القوى العظمى تعتمد على ماضيها الاستعماري في التواجد في افريقيا، فيما تعتمد القوى الجديدة الصاعدة على الشركات الكبرى، يعتمد المغرب في المقابل على الرصيد الافريقي المشترك الذي تطور عبر القرون وهو رصيد متعدد الابعاد فيه ما هو ثقافي واجتماعي وماهو ديني وروحي خصوصا وأن الاسلام انتشر في افريقيا الغربية وجنوب الصحراء انطلاقا من المغرب. وأضاف أنه وإن كانت خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي والاسباني للمغرب قد حدث تراجع نوعا ما في سياسة المغرب في افريقيا، فمباشرة بعد الاستقلال قام المغفور له محمد الخامس باعادة توجيه المغرب نحو بعده الافريقي حيث قام بتنظيم مؤتمر الدارالبيضاء العام 1961 الذي جمع خمسة من كبار القادة الافارقة هم بالاضافة الى محمد الخامس جمال عبد الناصر ومودي بوكيتا ونكورما وسيكوتوري. وأكد أن المؤتمر استهدف تحرير القارة الافريقية من الاستعمار ووضع اللبنات الاولى للوحدة الافريقية توج بمساهمة المغرب سنة 1963 في تأسيس منظمة الوحدة الافريقية. وأضاف أنه منذئذ واصل المغرب نهج السياسة نفسها حاضرا بقوة في بعثات استتباب الامن والاستقرار في افريقيا عبر مشاركته في عدد من عمليات حفظ السلام كالصومال والكونغو والكوت ديفوار وافريقيا الوسطى كما لعب دورا محوريا في حل النزاعات في القارة من قبيل الازمة المالية وأزمة حوض مانو ما مكن الدول الثلاث للحوض (سيرايون وليبيريا وغينيا) من تسوية المشاكل المرتبطة بحدودها المشتركة. يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي ينظم فيها نشاط أكاديمي مغربي في جامعة مقدونيا، التي تعتبر أبرز قطب للبحث العلمي في منطقة شمال البلقان. وفي مارس الماضي وفي إطار علاقات التعاون والتبادلات العلمية والثقافية بين الجامعات المغربية واليونانية احتضنت جامعة أثينا ندوة فكرية حول موضوع (حوض المتوسط أمام محك الربيع العربي) بمشاركة جامعيين من المغرب واليونان وبمبادرة من سفارة المغرب بأثينا والمركز الأوربي للتميز جان موني، ومعهد كوستانتينوس سكاراماليس للديمقراطية.