قال الباحث في التراث عمر حمداوي إن تدبير الخطارات بواحة فركلى بمنطقة تنجداد (80 كلم عن الرشيدية) يتم وفق منظومة من الأعراف والقيم تقوم على المقاربة التشاركية. وأوضح حمداوي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للبيئة (5 يونيو)، أنه فضلا عن طابعها الاقتصادي، فالخطارات بالمنطقة، التي تفترض وجود محيط اجتماعي وطبيعي يرتبط بمنظومة من الأعراف والقيم، تستند إلى دينامية جماعية ينخرط بموجبها جميع ذوي الحقوق في سيرورة واحدة ، مضيفا أنه نظرا لأهمية هذه الخطارات ودورها المحوري في حياة السكان المحليين الذين يعتمدون في اقتصادهم اليومي على الفلاحة، يتم تحديد طاقم خاص يسهر على تدبير وتسيير شؤون كل خطارة، "لقطع الطريق أمام النزاعات والخلافات وكل ما من شأنه التأثير على الأعراف والقوانين المنظمة لتوزيع المياه". ويتألف هذا الطاقم من "شيخ" الخطارة وهو "العقل المدبر والمرجع الأساسي لحل النزاعات التي قد تطرأ بين الفلاحين داخل حدود الخطارة التي يتزعمها، سواء تعلق الأمر بالنزاعات حول الماء أو حول الأرض، ويشترط في هذا الشخص عدة مواصفات منها أن يكون مالكا لجزء مهم من الماء والأرض داخل الخطارة، وأن يتصف بالنزاهة والشرف، وأن يحظى بقبول واسع من معظم فلاحي الخطارة". أما "الرفادة" فهم ممثلو المشاركين في الخطارة، توكل إليهم مهمة جمع المستحقات والواجبات التي تفرض على عموم الفلاحين "والسهر على صرفها لتغطية أعمال الصيانة التي تخص خطارتهم، يعقدون اجتماعاتهم تحت رئاسة شيخ الخطارة بمنزل هذا الأخير بصفة دورية لدراسة الأوضاع الحالية والمستقبلية للخطارة، والخروج بقرارات جماعية تهم سيرها". وبخصوص المكلف ب"الطاسة" فغالبا ما كانت تسند هذه المهمة لبواب القصر أو أحد الأشخاص الموثوق فيهم، يحرص على وضع "الطاسة" في مكان يعرف نشاطا وحركية واضحين بالنظر لأهميته في تحديد حقوق مياه السقي، حيث يتوافد عليه بعض الفلاحين أو أبناؤهم لمراقبة حقوقهم من الماء، كما يأتي إليه البعض الآخر لانتظار حلول دوره من السقي. ويتم استغلال مياه هذه الخطارات على حسب مساهمة الفرد في حفر القناة، فحيث أن عدد السكان كان في البداية قليلا جدا فإن نصيب الأفراد يكون بين يوم ونصف يوم وربع يوم، إلا أنه ومع النمو الديموغرافي للسكان الذي نتج عنه تقسيم حقوق الماء بين الورثة، أصبح الحديث عن الحصص بالنسبة لبعض المالكين بالدقائق وليس بالساعات. وتتراوح الدورة السقوية للخطارة بين ستة وثمانية أيام، يتم التناوب خلالها بين حصة في الليل وأخرى في النهار، وتعرف هذه الأيام بين أوساط الفلاحين بأسماء قدماء المشاركين الذين ساهموا في حفر الخطارة. ولضبط صرف الماء وفي ظل غياب الساعات الحديثة (اليدوية والحائطية...) أقام السكان المحليون عدة مكاييل ومقاييس منها الاعتماد على ظل الشمس ومواقع النجوم ومجموعة من العلامات المتفق عليها بين الفلاحين، إلا أن الوسيلة الأكثر استعمالا وشهرة في مختلف مناطق الواحة مع العلم أن مدتها الزمنية تختلف من منطقة إلى أخرى، هي "الطاسة" أو "الطويسة" (تاناست بالأمازيغية) وهي "ساعة مائية على شكل نصف كرة معدنية، بها ثقب دقيق في قعره. ويحاط بالثقب قطعة سميكة من النحاس تحميه من التوسع بفعل تسرب المياه عبره أو من أي تدخل خارجي... فتوضع فارغة في مرجل من الماء، أكبر منها حجما، ليتسرب إليها الماء حتى تمتلئ في مدة معينة".