في السنوات الأخيرة لم يرتبط اسم فيفا بمجرد فرض القوانين في عالم كرة القدم، بل وبتهم انتهاكها أيضا، فالجسم المسؤول عن إدارة اللعبة الشعبية الأولى في العالم يبدو بنظر البعض مجرد مؤسسة فساد بمليارات الدولارات. فقد سبق أن اتهمت الفيفا عدة مرات بقضايا على صلة بالرشوة وبدفع مكافآت، ووصلت تلك المزاعم إلى ذروتها بعد فوز روسيا وقطر بتنظيم كأس العالم لعامي 2018 و2022 على التوالي، وقد قام الاتحاد الدولي نفسه بفتح تحقيق حول القضية لتبرئة نفسه، ولكن المشكلة اليوم تتمثل بأن دولة كبرى بحجم الولاياتالمتحدة قررت ملاحقة مسؤولين بالاتحاد.
لفهم القضية بشكل أوضح سيكون علينا عرض الصورة كامل بكافة مراحلها، وسيتضح وجود أدوار لأمريكيين في كل منها.
مايكل غارسيا.
طلبت فيفا من مايكل غارسيا، الذي كان في السابق رئيسا للادعاء العام في جنوبنيويورك، قيادة فريف للتحقيق في ملابسات منح حق تنظيم كأس العالم لروسيا وقطر، واستمر الرجل في إجراء تحقيقات لمدة 19 شهرا ليخرج بعد ذلك بخلاصة على شكل تقرير من 350 صفحة.
المشكلة أن الفيفا لم تقم بنشر سوى ملخص عن التقرير لا يزيد عن 42 صفحة، قضت بموجبه ببراءتها من التهم الموجهة إلى مسؤولين فيها على خلفية اتهامات بالفساد بسبب تنظيم المونديال بروسيا وقطر، وقد رد غارسيا بغضب على ما نشرته الفيفا، متهما إياها باجتزاء التقرير وعرضه بشكل مغلوط.
جيمس كومي ولوريتا لانش
عندما وصل غارسيا إلى منصبه السابق في رئاسة الادعاء العام بجنوبنيويورك، كان سلفه بالمنصب نفسه هو جيمس كومي، الذي بات اليوم رئيسا لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي FBI، واللافت أن مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين في الفيفا جاءت بعد تحقيقات استمرت لثلاث سنوات في مكاتب FBI.
أما صلة الوصل الثانية للقضية بمدينة نيويورك فتتعلق بلوريتا لانش، المدعية العامة للمدينة، وقد ساعدت بدورها على التحقيق في القضية، خاصة بعد تعاون مسؤول أمريكي سابق في الفيفا يدعى تشاك بليزر، والذي قام بتقديم الكثير من الوثائق التي يمكن أن تكشف الأفعال غير القانونية داخل فيفا لقاء عدم سجنه بسبب تهربه من دفع الضرائب لسنوات طويلة.
كونكاكاف
الولاياتالمتحدة هي جزء من اتحاد كرة القدم الخاص بالقارة الأمريكية كونكاكاف، وقد كان بليزر الرجل الثاني في ذلك الاتحاد الذي يقوده جيفري ويب، وهو أيضا نائب بلاتر، ولن تتضح طبيعة الاتهامات الموجهة لويب قبل مساء الأربعاء، موعد الكشف عنها أمام القضاء.
غير أن التقارير الأولية الصادرة من سويسرا تشير إلى أن المبالغ التي يطالها التحقيق قد تصل إلى مائة مليون دولار، وهي على صلة بدورات جرى تنظيمها في القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية.
لماذا تلاحق أميركا القضية؟
لأن الكثير من عمليات الفساد المشار إليها جرت على الأراضي الأمريكية أو أن المنافع الناتجة عنها مرت بالنظام المصرفي الأمريكي.