دعا مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، السيد أحمد الخمليشي، اليوم الخميس بالرباط، العلماء المغاربة إلى التصدي ل"الفتاوى العابرة للقارات" التي تحث الشباب على النفير إلى الجهاد. وأوضح السيد الخمليشي ، في كلمة بمناسبة احتفال مؤسسة دار الحديث الحسنية بالذكرى الخمسينية لتأسيسها تحت شعار "الرؤية والرسالة والمسار"، أن هذه الفتاوى تعتبر "جراثيم فتاكة " ينبغي مواجهتها بشكل مستعجل من خلال العمل المشترك، خاصة وأنها تسببت في مآسي كثيرة للعالم الإسلامي. وأضاف أن المؤسف في الأمر أن هناك " قابلية لتقبلها والعمل بها باعتبارها صادرة عن علماء مسلمين"، وتجد لها صدى لدى نسبة مهمة من المجتمع خاصة فئة الشباب، مؤكدا أن علماء المغرب في مقدمة المؤهلين لمواجهة هذا النوع من الفتاوى. وشدد السيد الخمليشي على ضرورة تربية الشباب على كيفية تلقي تعاليم الإسلام وتشجيعهم على التمييز بين الصواب والباطل، وحثهم على العناية بوطنهم ومصالحه وخدمة المجتمع الذين يعيشون فيه قبل أن يتلقوا مثل هذه الفتاوى. وبعد أن ذكر بأن علماء المغرب شركاء في المؤسسات الدستورية، وبأن كل التشريعات تصدر بعد توقيع أمير المؤمنين، أكد على ضرورة التأصيل لهذا الوضع الدستوري، مشيرا إلى أن العلماء المغاربة لا يتطفلون على إصدار فتاوى تهم وقائع تقع خارج وطنهم، إيمانا منهم بالاختلاف واحترام الرأي الآخر. ومن جهته، اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق،في كلمة تلاها نيابة عنه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، السيد محمد يسف، أن الخير يقترن بالفقه في الدين انطلاقا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم "مóنú يõرöدö اللøóهõ بöهö خóيúر ا يõفóقøöهúهõ فöي الدøöينö"، مضيفا أن التفقه لا يقف عند حد التعليم بل هو ربط العلم بفكرته ومقصوده على صعيد الأمة. وأبرز، أن دار الحديث الحسنية مؤسسة للتبليغ والتفقيه الذي يعتبر المهمة العظمى للرسول صلى الله عليه وسلم، موضحا أن التبليغ يقتضي التفقه أي الجمع بين العناصر الثلاثة لهذه المهمة وهي التزكية وتعلم الكتاب والحكمة. وأكد الوزير أن جلالة المغفور له الحسن الثاني، حرصا منه على حماية الدين والتبليغ والحفاظ على علم الحديث، أسس دار الحديث الحسنية والمجالس العلمية وقام بفتح الكتاتيب القرآنية حفاظا على تقاليد المغاربة في حفظ القرآن الكريم. وبدوره، أكد السيد يسف في كلمته بالمناسبة أن دار الحديث الحسنية أعطت ثمارا طيبة وخدمت المغرب على جميع المستويات، معتبرا أن الأمر يتعلق بمؤسسة حديثية فكرية أراد لها ولي الأمر أمير المؤمنين أن تكون خزانا للعلوم الشرعية عامة وعلوم الحديث والسنة خاصة. وأوضح أن جلالة الملك محمد السادس أخذ أمانة العناية بهذه المؤسسة، التي قطعت خلال خمسين سنة شوطا كبيرا بنجاح وستدخل مرحلة جديدة تحتاج إلى فكر جديد وسلاح جديد لمواجهة التحديات الفكرية المطروحة على المغرب، دفاعا عن الدين والحضارة والأصالة المغربية. وتم خلال هذه اللقاء، الذي حضره وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد، والمدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري، وسفراء أجانب ورؤساء المجالس العملية، تقديم شريط حول تاريخ ومهام المؤسسة، وإلقاء قصائد شعرية، وتقديم كتاب تراجم أساتذة ومدرسي مؤسسة دار الحديث الحسنية.