لم يبق سوى أيام قلائل على انقضاء السنة الحالية التي عرفت عدة متغريات سياسية على صعيد الوطن العربي بصفة عامة وعلى صعيد المغرب بصفة خاصة حيث يتغنى ويرقص على نغمات قصيدة الاستثناء المغربي. سلك المغرب عدة مسالك وعرة, كما عَرَّضَ سياسته الداخلية والخارجية لمجازفات خطيرة, لكن خبراء في علم الإجرام استطاعوا قلب الموازين لصالحهم وخصوصا بعد ظهور ما يسمى بالربيع العربي الذي أسقط أعمدة الديكتاتورية العربية والباقية آتية لا محالة في السنة المقبلة. إذا عدنا إلى الشأن المغربي, وخصوصا بعد ازدياد حركة 20 فبراير التي دعمتها جهات مختلفة, لم تمر سوى أيام قلائل وإذ بنا نفَاجَئُ بتفجير مقهى أركانة وفي نفس اليوم تم اعتقال الزميل الصحفي رشيد نيني الذي لا زال بين القضبان. في المقابل تم العفو على بعض عناصر ما يسمى بالسلفية الجهادية وخاصة الأستاذ محمد الفيزازي رغم أنه لم يقض سوى ثلث من عقوبته الحبسية, وشروط العفو في القانون الجنائي المغربي ينص على أن العفو يشمل من قضى ثلي من عقوبته الحبسية مع حسن سيرة السلوك داخل السجن بالإضافة إلى ذلك إن لم يتورط المجني عليه في أعمال تهدد أمن الدولة. فالأستاذ محمد الفيزازي حوكم بثلاثين سنة سجنا نافذة, ولم يقض منها سوى 10 سنوات أتمنى أن يتم الإفراج عن جميع المعتقلين أصحاب الرأي , إلا أن القاعدة الفقية المخزنية تجاوزت كل القوانين بعد مفاوضات سرية, والكل يعلم مداخلات الأستاذ الفيزازي على قناة الجزيزة في برنامج الأستاذ فيصل القاسم في برنامجه الشهير الاتجاه المعاكس. ورغم انتقاداته للنظام المغربي بصفة خاصة والعربي بصفة عامة, إلا أن وزارة الشؤون والأوقاف الإسلامية كانت آنذاك توفده إلى عدة دول أروبية خلال شهر رمضان ليلقي دروسا في مساجد تابعة للسفارات المغربية. لكن سرعان ما جاءت أحداث الدارالبيضاء المؤلمة التي تمت في ظروف خاصة من أجل الإلقاء بالمآت إلى غياهب الجب. هكذا يشتغل المخزن بدون خجل ولا وجل. تم العفو كما سلفت الذكر على عناصر ما يسمى بالسلفية, في المقابل تم قتل العشرات من أبناء الوطن الذين رفعوا شعار : فليسقط الفساد ! بادر العاهل المغربي إلى استدعاء المنوني وتم تكليفه بإعادة صيغة الدستور القديم, وفي ظرف قياسي تم الاستفتاء عليه من طرف الأموات قبل الأحياء. ومن ثم تم الإعلان عن انتخابات تشريعية سابقة لآوانها, إنه استثناء مغربي ! فاز صاحبنا بنكيران الذي نعته الكثير باليهودي, وهذا ليس من شيم أخلاق المسلم الحقيقي, وهناك من نشر صورا خاصة به وعائلته على صفحات الفايسبوك الذي أصبح عقدة معقدة بالنسبة للمخزن, وهذا عمل غير أخلاقي, فالصور كانت تمتاز بالحشمة والوقار... وعلينا أن لا نلقي التهم على الغير دون معرفتنا المسبقة. وعلينا كذلك أن نفرق ما بين ما هو يهودي وصهيوني حتى لا نسقط في فخ قد يُنْصَبُ لنا من طرف أصحاب الحال. وأقول كلامي هذا من خلال معرفتي لمستشار محمد السادس السيد أندري أزولاي الذي أعرف معرفة شخصية, إنه رجل متواضع رغم منصبه وجاهه و... نعم إنه متواضع أكثر من قائد المقاطعة أو شيخ القبيلة أو الحارة.. وليس هذا دفاعا عنه وإنما تصحيحا لبعض الأخطاء التي يسقط فيها البعض عن قصد أو عن غير قصد. لكن سؤالي هنا لماذا بدأت الاستخبارات المغربية في عهد رئيس الحكومة الجديدة تطارد معارضي الخارج؟ هل هذه المعارضة تخلق لها متاعبا أم أنها تشكل خطرا عنها وعن المخزن؟ هل المخزن سيستمر في اللعبة السياسية كما كان عليه في الأول؟ وما دوره في المستقبل؟ إن المخزن الذي ولد في ما يسمى بدار المخزن, لن يتنازل عن سلطاته لأسباب واضحة ومنها الحفاظ على أمن الدولة, التصدي للعدو الافتراضي... إلى ما غير ذلك من الأعمال الشاقة التي قام ولازال يقوم بها ما دام الجيش هو العمود الفقري لهذه الشرذمة التي تطارد كل من فتح فمه قبل وصوله إلى عيادة الأسنان. فهكذا بدأ المخزن يباشر أعماله, لكن هذه المرة في مطاردة معارضة الخارج, لأن المعارضين السياسيين المغاربة المقيمين بالخارج, ليسوا كمعارضي صدام حسين بالعراق, الذين تم إطلاق عليهم إسم :معارضة خمسة نجوم.. فالمعارضون السياسيون المغاربة المقيمين بالخارج لا يتناولون وجبات عشاء في فنادق فخمة, ولا أحد يوجههم بل ورثوا العلوم السياسية من واقعهم الذي عاشوه قبل اختيارهم المنفى القصري... وأستحضر هنا جوابا للحسن الثاني على سؤال لصحفي فرنسي سنة 1986 في برنامج تلفزيوني شهير كانت تبثه القناة الثالثة الفرنسية على المباشر, برنامج إسمه ساعة الحقيقة, كان سؤال الصحفي الفرنسي الذي كان يحاور الحسن الثاني على النحو التالي: صاحب الجلالة كيف تعلمتم السياسية؟ فأجابه الحسن الثاني قائلا: تعلمتها من شعبي. فالمعارضون السياسيون المقيمون بالمنفى سياسيون عن الفطنة كبقية الشعب المغربي الذي لازال يخرج إلى الشارع إلى حد الساعة, وهذا ما يعكر صفو راحة الاستخبارات المغربية التي تقوم بتجنيد عيشة قنديشة لاستدراجهم للحوار بدءا بالفايسبوك وانتهاءا بالسكايب أو الميسانجير حيث تقوم بتسجيل الحوار بالصوت والصورة. لكن عيشة قنديشة لا تعلم أنها تتعامل ملوك الجان شمهاروش وقسورة وطيكل وغيرهم. قد يعتقد البعض أن هذا من وحي الخيال, لكنها الحقيقة والواقع الذي عشته مع عيشة قنديشة التي راسلتني عدة مرات عن طريق الفايسبوك, وبعدما أن يأست, أرسلت بدعوة الصداقة كما يسميها الفايسبوكيون, فلم تجد على جداري سوى المقالات التي أنشرها على صفحات الجرائد الوطنية والعربية, ومن ثم قامت باستدعائي للحديث معي بالصوت والصورة عن طريق السكايب لتسجيل الحوار صوتا وصورة, لتعلن عن حبها وشغفها لي منذ ما يزيد عن سنة الشيء الذي ألمها كثيرا لأنه كان حبا من طرف واحد, والآن لا تستطيع النوم بسببي و... إنها عيشة قنديشة ! لكن غباوتها في التسجيل الصوتي تستخدم مكبر الصوت ما يجعل هذا الأخير يعود على أذن المتكلم أو المتحدث, بينما هي مسترخية على سريرها في لباس النوم والسجائر لا تكاد تفارق أصبعيها... مسكينة عيشة قنديشة ليس لها حظ في الزواج رغم كل ما تملكه من مال وجاه ! من هنا يمكن أن نختم قولنا هذا على أن المخزن لن يتغير, والقطار السريع الذي سيدخل المغرب سنة 2015 سيسطدم بالواقع, لأن الشعب المغربي لم يعد يقوى على ما يتعرض له من إهانة في حياته اليومية. صحفي باحث