بعد اقتراب الثامن من مارس من كل سنة يكثر اللغط حول قضية المرأة والنبش في المنجزات التي تحققت و الإكراهات التي لازالت أمام الهيئات والمنظمات الحقوقية التي تتبنى الدفاع عن حقوق المرأة بين هلالين، كما أن هذه الأخيرة تقوم بالتعبئة للتظاهر غدا الأحد للضغط على الحكومة ورئيسها من أجل تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة في جميع المستويات، كما أن بعض وسائل الإعلام جيشت صحفييها ووضعت وسائلها رهن إشارة النساء للتعبير عن ضرورة تحقيق المناصفة في كل المجالات، وشجب مجموعة من الممارسات التي تضيق الخناق على النساء المغربيات وتحد من تحررهن. كل هذه التحركات لا يسع المرء المتتبع لها إلا أن يخرج بنتيجة وحيدة مفادها أن المرأة في بلادنا حققت كل مطالبها وانتزعت جميع حقوقها وبقيت لها فقط مسألة المناصفة التي تضغضغ بها بعض الجهات المعادية للقيم والأخلاق عواطف بعض المواطنين لاستمالتهم لصفوفهن بشعارات براقة ومزيفة لخدمة أجندات أجنبية وفرض أمر واقع يرفضه المجتمع المغربي برمته. دعونا نتساءل بداية من هي المرأة التي يرغب هؤلاء في تحريرها من عسف الرجال؟ وماهي حقيقة هؤلاء المدافعين؟ إن المرأة هي الأم التي جعل الله الجنة تحت أقدامها، وأمر ببرها و تقديمها على الأب ثلاث مرات، ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخارى في صحيحه قال حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال" أمك" قال ثم من قال" ثم أمك" قال ثم من قال" ثم أمك" قال ثم من قال" ثم أبوك".هذه هي مكانة الأم في الإسلام حيث أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، الوصية لمن؟ بطبيعة الحال للرجل الذي هو ابنها، وبذلك رتب عليه مجموعة من الحقوق التي لا تعد ولا تحصى من قبيل الحب والتقدير والاحترام والنفقة والهدية والصلة والرعاية وغير ذلك من الحقوق. إن المرأة هي البنت هي فلذة الكبد وقطعة من الرجل يفرح لفرحها ويتألم لألمها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ" وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. أخرجه مسلم.نستشف من هذا الحديث تحفيز الرجل على العناية بتربية البنات والقيام على شؤونهن ورعايتهن حيث رتب على ذلك مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة. إن المرأة هي الزوجة التي تتقاسم مع زوجها الحياة بحلوها ومرها ويساهمان معا في تكوين الأسرة و رعايتها، حيث تتأسس علاقتهما على المودة والرحمة قال تعالى( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون)الروم:21تؤكد دراسة حديثة أجراها علماء جامعة كانساس (نوفمبر 2006) أن العالم المتزوج أكثر قدرة على الإبداع والإنتاج العلمي من العالِم الأعزب،وتؤكد الإحصائيات أن نسبة كبيرة جداً من العنف وجرائم القتل ضد النساء تأتي من قبل الأزواج غير الشرعيين، فانظروا معي إلى عاقبة من يبتعد عن سنَّة الله تعالى ويسلك طريقاً تخالف الفطرة الإلهية، يقول تعالى(فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )الروم: 30.وهذا ما يريد أن يصل إليه دعاة التحرر والميوعة والمناهضين للزواج الشرعي مثل حركة "مالي". إن المرأة هي الخالة والعمة والجدة والأخت، التي يجب على الرجل احترامهن وتقديرهن ومراعاة حقوقهن. هذه حقيقة المرأة في الإسلام التي كرمها وأعلى من شأن وحافظ على كرامتها وعمل على صيانة عرضها وشرفها، بل ساهمت المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في بناء الدولة الإسلامية مساهمة فعالة منذ فجر الإسلام، فهذه السيدة خديجة بنت خويلد زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم تقدم نموذجا راقيا في العمل للإسلام وذلك بمساهمتها المادية ودعمها النفسي الذي قدمته للرسول صلى الله عليه وسلم وتشجيعها له والوقوف بجانبه في أحلك الظروف، والنموذج الثاني الدعم اللوجستيكي الذي قدمته أسماء وعائشة بنتي أبي بكر الصديق في الهجرة النبوية. إن المجال يطول لتعداد الأدوار البطولية التي قامت بها المرأة في الاسلام على مر التاريخ، حيث نجدها معلمة ومربية وطبيبة ومحتسبة في السوق وغيرها من الوظائف التي تقلدتها جنبا إلى جنب مع الرجل. إن حقيقة هؤلاء المترجلات من النساء اللائي يتصدرن المشهد الإعلامي اليوم تحت ذريعة الدفاع عن حقوق المرأة، ما هن إلاصنيعة الاستعمار حيث تربين في أحضانه، و مأجورات لتنفيد أجندات خارجية لتقويض أركان الأسرة المغربية، وخلق صراع بين الرجل والمرأة الذي ترتب عنه ما تعانيه المرأة اليوم من استغلال بشع حيث أصبحت بضاعة تباع وتشترى وماخورا لإشباع الرغبات الجنسية المنحرفة لبعض أشباه الرجال الذين يمعنون في إذلال المرأة وتحقيرها وتشييئها، مستنيرين في ذلك بالفكر العصيدي، والتحليل الديالمي اللذان يشجعان على ثقافة العهر والفساد والشذوذ والزنا والخيانة الزوجية، وجعل الجنس مشاعا بين الشباب دون قيود. وأخيرا هل يكفي المرأة يوما في السنة فقط للاحتفال بها؟ والله هذا هو عين الظلم والحط من قيمتها ومكانتها، إن المرأة في الإسلام مكرمة معززة طيلة أيام السنة بل حياتها كلها، ولنحذر من الاستدراج إلى معركة يخسر فيها الجميع.