لعل السؤال الأهم و المطروح بكثرة في الآونة الأخيرة ، " آش واقع في المدرسة المغربية ؟؟"، أكثر من سؤال في العمق الدلالي للوضعية التي يتخبط فيها المشهد التعليمي ببلادنا ، والإكراهات التي تقف عقبة أمام الإصلاح الذي انخرط فيه المغرب في كل المجالات خصوصا بعد العهد الجديد والدستور الجديد تحت القيادة الرشيدة لملك البلاد ، مشاهد و مقاربات تتطلب منا أكثر من وقفة تأمل، وطرح التساؤل الذي يليق بالوضعية التربوية لبلدنا ، هل نسمع حقا دقات ناقوس الخطر في المدرسة المغربية ؟؟ لقد سبق للمرحوم الدكتور المهدي المنجرة أن أشار إلى العوامل الكفيلة بهدم بنيان البيت التعليمي ومن تم الأسرة والمجتمع ، في قوله : " إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث : اهدم الأسرة ، اهدم التعليم ، اسقط القدوات والمرجعيات " ، لكي تهدم الأسرة : عليك بتغييب دور(الأم) اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت، ولكي تهدم التعليم: عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه، ولكي تسقط القدوات عليك بالعلماء ، اطعن فيهم و قلل من شأنهم ، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم و لا يقتدي بهم أحد . إن دور التربية يبدأ أساسا من الأسرة، التي تلعب دورا أساسيا في خلق فضاء لتربية النشء بالطريقة السليمة، وذلك عن طريق زرع القيم و مبادئ الأخلاق و التسامح و احترام الآخر، ونبذ كل أشكال العنف وسوء المعاملة، وللأسف فالأسرة قد تخلت عن دورها الطبيعي و التربوي ، وأخلت السبيل أمام الأطفال لاكتساب العادات السيئة من الشارع ، والتلفظ بالكلمات النابية ، وتناول المخدرات منذ سن مبكرة، بالإضافة إلى الآثار السلبية التي تخلفها آفة الطلاق، ليأتي دور الأسرة التربوية مكملا لدور الأسرة الذي لم يكتمل كما سبق و أشرنا ، لتجد الأسرة التربوية صعوبة التعامل مع الجيل الجديد ، المليء بالعقد النفسية ، والعادات السيئة، التي تجعل من العنف المدرسي في تنامي خطير . كما تعد تجارة المخدرات في أبواب الإعداديات و الثانويات من العوامل الأساسية في انتشار ظاهرة العنف المدرسي ، حيث أصبحت الثانويات سوقا استهلاكية للمواد المخدرة و الحبوب المهلوسة ، وتبقى الصورة المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعية خير دليل على المستوى المنحط الذي وصلت إليه المدرسة المغربية . الاندفاع و تناول المخدرات في البيت الثاني للتلميذ (المدرسة)، والطاقة التي يتحلى بها خصوصا في سن المراهقة، تجعل من العنف المدرسي يأخذ صبغة أخرى ( شغب الملاعب) ، يتمكن التلميذ من تفريغ طاقته ، و أفكاره الناتجة عن تأثير المخدرات و ترجمتها إلى عنف و تحطيم و تخريب و بالتالي ، تحويل الفضاء الذي يصنع فيه " العقل السالم " و الجسم السالم " ، إلى مكان مليء بالقذارة و الحطام. إن انشغال التلميذ بالخدر و التسكع في أبواب الثانويات والتحرش بزميلاته ، وعدم الاهتمام بالمقررات الدراسية رغم رداءتها ، وباقتراب نهاية السنة الدراسية ، لا يشغل بال التلميذ سوى البحث عن وسائل ، توظيف أشكال جديدة من الغش في الامتحان ، للحصول على نقطة إيجابية و بالتالي النجاح ، ولو كان ذلك على حساب كسر رقبة الأستاذ أو تهديده " بالوعيد". لا ننسى أن للأسرة التعليمية يد أيضا في تنامي العنف المدرسي، ولا ننسى ما قاله الوزير الوفا للتلميذة " أنت خاصك غير الراجل " ، ولن ننسى أيضا تلميذة " الرقم خمسة " ، والتي اهتز لها الشارع المغربي، بما في ذلك الجمعيات الحقوقية ، وذلك راجع إلى غياب التواصل و الإحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتق الأستاذ ، بما في ذلك تحسين أداء المهمة الموكولة إليه ، وبالتالي تحسين الخدمات وإنتاج جيلا جديدا من المثقفين والفاعلين ، إلا أن هناك ترابط بين العنف الممارس على التلميذ من طرف الأستاذ ، وبين العنف الممارس من طرف الإدارة التعليمية على الأستاذ ، والمعروفة عند الأسرة التعليمية بالزنزانة (9) ، والتي يطالب فيها الأساتذة الوزارة الوصية بالترقية إلى السلم العاشر ، والتعويض عن العمل في المناطق النائية ، بالإضافة إلى مطالب أخرى ... إن مقاطع الفيديو و الصور المتداولة على مستوى المواقع الاجتماعية لها دورها أساسي في رسم صورة قاتمة على التعليم المغربي، الذي يعد مرآة الأمم و تطورها، وغياب التنسيق بين جمعيات المجتمع المدني و المؤسسات التربوية في إحقاق التوازن داخل الحرم المدرسي يزيد من حدة المشكل ، فالمؤسسات التربوية بحاجة ماسة إلى دعم الأسرة و المجتمع المدني ، و مساهمتها في تأطير التلاميذ و خلق مناهج بديلة لا على مستوى الفني و الرياضي ولا على المستوى الثقافي ، فمن العجب أن تنادي جمعية الآباء و أولياء التلاميذ على الآباء للاجتماع ولا يحضر منهم أحد . هل بات من الضروري خلق وحدات الطب النفسي داخل المؤسسات التعليمية لمواكبة التلاميذ لتشخيص حالاتهم و مرافقتهم في مسارهم الدراسي ؟؟