لقد اقتحمت الرشوة الكثير من الجوانب في المجتمعات المختلفة حتى لم يكد يسلم منها مجال من المجالات فهناك من الرشوة ما يتوصل به إلى أخذ شيء بغير حق كالتي يدفعها الجاهل الآثم لحاكم أو مسؤول من أجل الحصول علي إعفاء من شيء وجب عليه أداؤه ، أو للحصول علي شيء قبل أوانه ، أو من أجل ترويج سلعة فاسدة ، أو من أجل أن يحظى بصيد ثمين في مزاد علني أو مناقصة عالمية ، وما أشبه ذلك من الأمور التي يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل . وهذا النوع هو من أشد الأنواع جرما وأعظمها إثما وأكبرها خطرا على المجتمع . الرشوة لغة: من بعض التعاريف التي قيلت في المحاباة والجعل؛ فقد قال صاحب القاموس بأن: الرشوة مثلثة الجعل، ورشاه أعطاه، وارتشى أخذها، واسترشى طلبها. حيث زاد عليها صاحب اللسان عليه وقال: هي مأخوذة من رشا الفرخ؛ إذا مد رأسه إلى أمه لتزقه. كما أن ابن الأثير قال : الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا. وفي الاصطلاح- ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه. وقيل: كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على مالا يحل، ذكرهما في فتح الباري. وقال صاحب الإنصاف: الرشوة ما يعطى بعد طلبه، والهدية ما يدفع إليه ابتداء. تحريم الرشوة بالكتاب والسنة : جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تحذر من الرشوة ، ومن أكل أموال الناس بالباطل : قال تعالى : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحاكم لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ".أي : لا تدلوا بأموالكم إلى الحاكم ، أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقا لغيركم وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم . وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم " . رواه الترمذي . وعن عبد اله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لعنة الله على الراشي والمرتشي ". ومن الآثار قال ابن مسعود رضي الله عنه : " الرشوة في الحكم كفر ، وهي بين الناس سحت ". وعنه رضي الله عنه ، قال : " السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضي فيهدى إليك هدية فتقبلها منه. أضحت الرشوة ظاهرة خطيرة تعطي صورة باهتة لوطننا الحبيب، حين تطلب من حماة الوطن وليس من العامة، فما أثير اليوم حول فضيحة الشرطيين المغربيين في إحدى نقط التفتيش حين طلبا من ذلك الأجنبي الاورو، ومنحاه قطعة نقدية من فئة 50 درهم لكي يفهم، ظنا منهما انه لا يعي لغة الايماء ، فقد فطن بهما، فأشعل جهاز كامرته الخفية ليقتنصهما، وكم من أجنبي يعرف لغة العربية، فبهذا السلوك المشبوه نقضي على السياحة، ونعطي صورة غير جميلة للمغرب، فكفى يا حماة الوطن فالمغرب بلد الضيافة والكرم، وانتم بفعلتكم هاته تشوهون كرم وحسن ضيافة المغاربة. فلو طلبا منه قارورة ماء أو "سندويتش" فلن يلومهما ولن يفضح أمرهما، بل على العكس سيقدر ظروفهما لأنهما في نقطة تفتيش يغلب عليها المناخ الصحراوي،
فكفى من هذه السلوكات التي تقدم صورة مزرية عن الوطن، ألم يلقنوكم شعار الله الوطن الملك في التدريب وانتم بذلك شوهتم الوطن الغالي والحبيب.