تعليقاً على الهجوم الإرهابي على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، رأت صحيفة نيوز ريببليك الأمريكية، بأنه لا يوجد في أمريكا مثل تلك الظاهرة. وتقول الصحيفة "لطالما سعى الأمريكيون لتعلم كيفية تقليد الفرنسيين في طعامهم وشرابهم وأثاثهم وأزيائهم، ومختلف أساليب عيشهم. لكن يبقى ملمح واحد من الثقافة الفرنسية عصياً على فهم الأمريكيين، وهو سخريتهم السياسية. فقد لعبت الكتابات والرسوم الساخرة دوراً بارزاً في السياسات الفرنسية، على مدار عقود. وقد حملت ذلك الإرث الثقافي، شارلي إيبدو، الصحيفة الساخرة المثيرة للجدل، والتي تعرضت لهجوم إرهابي يوم الأربعاء الماضي. تقليد قديم وفي هذا السياق، يقول المترجم الفرنسي الذي يعمل في مركز هارفرد للدراسات الأوروبية، آرثر غولدهامر: "إنه تقليد قديم. فقد اتبع الفرنسيون أسلوباً ساخراً، يستخدم عبارات ورسوماً فجة وفاضحة، وهو أسلوب يعود لما قبل الثورة الفرنسية، عندما سخر الرسامون من الملكية، وصوروها في لوحات مسيئة، وحتى إباحية. ويرى مؤرخون بأن ظهور رسوم كاريكاتورية غير لائقة لأفراد العائلة المالكة في القرن الثامن عشر، أدى إلى التقليل من هيبة الملكية، والمساعدة في تمهيد الطريق للثورة الفرنسية". التزام بقواعد وتشير صحيفة نيوريببليك بأنه في أمريكا، لا يوجد صحيفة ساخرة شبيهة بشارلي إيبدو. ففي جميع الأحوال، يتقيد الكتاب ورسامو الكاريكاتير الأمريكيون بحدود الإصلاح السياسي. وفي أمريكا، يُتوقع عامة من الكوميديين، اتخاذ احتياطات خاصة، أو ما يسمى "رقابة ذاتية" بشأن كل ما يحتمل أن يثير حساسية البعض، وخاصة في القضايا التي تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنس". ويقول الصحافي الكندي جيت هير، وهو مساعد محرر صحيفة كندية ساخرة "شبه البعض المواد التي تنشرها صحيفة شارلي إيبدو بكتابات جون ستيوارت (كاتب سياسي ومنتج أمريكي ساخر)، في سعة انتشارها وشهرتها، ولكنها أيضاً أكثر راديكالية". امتناع عن نشر رسوم وفي هذا الإطار، تؤكد نيو ريببليك إلى وجود فرق كبير بين الإعلامين عندما تقول "امتنعت منافذ إعلامية أمريكية كبرى، مثل سي إن إن، وأسوشييتيد بريس، عن عرض رسومات شارلي إيبدو المثيرة للجدل، وحتى إن صحيفة نيو يورك اليومية طمست بعض أجزاء من الرسوم. ويمكن القول إن أكثر الرسوم الكاريكاتورية السياسية الإثارة للجدل، والتي نشرت خلال السنوات القليلة الماضية في الولاياتالمتحدة، كان رسماً يظهر باراك وميشيل أوباما وهما يخططان لهجوم إرهابي داخل البيت الأبيض (في إشارة ساخرة من الرسام للجمهوريين الذين شككوا بوطنية أوباما). وعند مقارنة هذا الرسم، فإنه يبدو متواضعاً، بما نشرته شارلي إيبدو، في عام 2011، من رسومات مسيئة طالت مقدسات إسلامية". وحتى في الإطار الفرنسي، تخطت شارلي إيبدو الحدود. فقد تأسست الصحيفة في الستينات، وهي فترة شهدت "الروح المتمردة في باريس" وبقيت جزءاً من هويتها، وفق ما قاله هير. وفي عام 2006، وبَّخ الرئيس الفرنسي آنذاك، جاك شيراك، محرريها بسبب "شدة استفزازهم". وبرأي غولدهامر "تشبه الصحيفة الصحف السرية، فهي تعطي لنفسها حريات لا تتخذها صحف أخرى".