أمر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، وزارة الدفاع الوطني بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية وأمنية عالية المستوى، للتحقيق في ملابسات عملية اختطاف 3 رعايا غربيين، اثنان من إسبانيا وزميلهم الإيطالي، من مخيم للبوليساريو في تندوف. ويرصد محققون من استعلامات الجيش وقائع عملية الاختطاف، وطريقة التخطيط لها، عبر الاستماع لشهادات مدنيين وعسكريين، بحسب ما ذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية اليوم السبت. وتوصل محققون من الجيش مؤخراً إلى تفاصيل جديدة بشأن عملية الاختطاف التي نفذها مسلحون يعتقد أنهم تابعون لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب. ورسم تحقيق أمني أولي مخططاً لطريقة تنفيذ العملية، ومسار إخلاء الضحايا، وتحديد طريقة الاتصال بين المختطفين الذين انقسموا إلى مجموعتين. وتشير المعلومات المتوافرة بشأن هذه القضية إلى أن التخطيط للعملية استمر أسبوعين على الأقل، لكن المختطفين أعدوا العدة لتنفيذ العملية منذ عدة أشهر وحشدوا لها إمكانات كبيرة. وأكدت المعطيات الأولية للتحقيقات والتحري أن المختطفين استثمروا أموالاً للحصول على المعلومات، واشتروا سيارتين استعملتا في تنفيذ العملية من مهربين يجري البحث عنهم. وأفاد مصدر مطلع أن التحقيق الأولي كشف أن مختطفي الرهائن الغربيين الثلاثة، تسللوا إلى تندوف عبر مناطق الحنك وعرق إيقدي، ثم انقسموا قبل أكثر من 70 ساعة من تنفيذ العملية، إلى مجموعتين: الأولى هي المجموعة الرئيسية وكانت تضم ما بين 7 و10 مسلحين، وتنكر أفرادها في زي بدو رحّل محليين، واقتربوا من المخيّم، ويعتقد بأنهم كانوا تحت قيادة إرهابي موريتاني ومعه دليل عمل عدة سنوات في التهريب. وأقامت المجموعة الثانية في موقع مرتفع جنوب غرب الطريق الذي يربط مخيمات سمارة للاجئين الصحراويين ومخيم الرابوني، وموهت سياراتها في الصحراء، وكانت ترصد المنطقة بأجهزة مراقبة متطورة وجهاز رؤية ليلي تم تهريبها من ليبيا، وهي الآن بحوزة الجيش. وكانت مهمة المجموعة الثانية، التي ضمت 4 مسلحين، هي مراقبة تحركات الجيش وأفراد القوات الصحراوية ثم التدخل إن دعت الحاجة والتمويه على مسار فرار المختطفين. وتواصلت المجموعتان بإشارات ضوئية واتصالات هاتفية مشفرة باللغة الحسانية. وكشف مصدر أن مجموعة الاقتحام نفذت عملية الاختطاف وانسحبت في غضون أقل من 3 ساعات. وأوضح أن نظام الإنذار ضد العمليات الإرهابية المعمول به منذ العام الماضي تأخر إطلاقه بسبب بطء إبلاغ الجيش ومصالح الأمن عن عملية الاختطاف، ما أدى إلى تسهيل إخلاء الرهائن الغربيين من محيط مخيم الرابوني إلى الحدود الدولية بين الجزائر والصحراء الغربية. والثلاثاء الماضي، عاشت مناطق واسعة من الصحراء الكبرى حالة استنفار عسكري كبرى، حيث أمر رئيس أركان الجيش الجزائري بنشر الآلاف من العسكريين على طول الحدود الجنوبية، لغلق منافذ التسلل أمام المجموعة الخاطفة. وشاركت قوات جوية وبرية كبيرة في تعقب سيارتي دفع رباعي، عبر ممرات ومسالك صحراوية توصل إلى شمال موريتانيا ومالي، فيما شدّدت وحدات الدرك الوطني عمليات تفتيش العربات والسيارات عبر الطرق التي تربط ولايات آدرار وتمنراست وتندوف والبيض وغرداية. وشملت إجراءات الأمن نصب كمائن ومراقبة مسالك صحراوية، بعضها يبعد عن موقع خطف الرهائن بأكثر من ألف كيلومتر، حيث امتدت إجراءات الأمن إلى الجنوب الشرقي.