.كوم متابعة للزميل : الطيب البويفروري التصوير للزميل : أحمد الخالدي في إطار النقاش الوطني المفتوح حول المسألة الأمنية وانفتاح هذه الأخيرة على المحيط المجتمعي ، وتجاوبا من فعاليات جمعوية مع الإستراتيجية الجديدة للمؤسسة الأمنية والتي تشكل خطوة مهمة في اتجاه إرساء حكامة أمنية متينة ، استضافت قاعة الندوات بدار الأم بمدينة الناظور وفي سابقة هي الأولى من نوعها ، ندوة أشرفت عليها تنسيقية فعاليات المجدتمع المدني بشمال المغرب الموجود مقرها المركزي بالناظور ، ساهم فيها بالإضافة للزميل عبد المنعم شوقي رئيس التنسيقية كل من السيد عبد الإلاه الدكاني رئيس المنطقة الأمنية بالناظور، والسيد العميد رئيس الدائرة الأمنية الثانية يوسف لغريب، وسيرها بنجاح الزميل محمد العلالي .
الندوة عالجت موضوع الأمن ودوره في المجتمع ، وقدم في مستهلها وبعد كلمة ترحيبية بالحضور المتميز فيها والممثل لمختلف الأطياف السياسية والنقابية والجمعوية والإعلامية والمنتخبين من طرف الزميل محمد العلالي ، السيد رئيس المنطقة الأمنية للناظور جردا ومقارنة لمعدل الجريمة على صعيد المنطقة بين سنوات 2012 – 2013 و 2014 والمجهودات التي بذلتها وتبذلها العناصر الأمنية في التصدي لكل الظواهر المشينة، مشيدا بالدور التجاوبي الذي يقوم به المجتمع المدني وتعاونه مع المصالح الأمنية لتحقيق الأمن والسهر عليه لما يشكله من دور في الحفاظ على الاستقرار وبث الطمأنينة في النفوس.
وشدد السيد عبد الإلاه الدكاني على أهمية التواصل الذي يعد عملة صعبة ،مؤكدا بأن أبواب المصالح الأمنية هي مفتوحة في وجه الجميع من أجل التعاون للوصول إلى النتائج المرجوة وفي إطار استراتيجية بناءة معتمدة من طرف المديرية العامة للأمن الوطني التي تستعد لتخليد ذكرى تأسيسها بعد أيام على يد جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه.
وبدوره استعرض العميد السيد يوسف لغريب في عرض ألقاه بالمناسبة ، المجهودات التي تبذلها المنطقة الأمنية بالناظور من خلال مختلف مصالحها ، في إطار تحسيس تلاميذ المؤسسات التعليمية بما له علاقة بالأمن ، معبرا عن سروره العميق إزاء التجاوب والتعاون المثمرين اللذين لمسهما في مختلف الشركاء من تلاميذ وآباء وأولياء ورجال التعليم من أساتذة ومعلمين وإداريين .
وتحدث رئيس تنسيقية فعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب الزميل عبد المنعم شوقي عن أهمية اللحظة ، لحظة اللقاء التواصلي بين مسؤولين أمنيين يتقدمهم السيد رئيس المنطقة الأمنية ، وفاعلين سياسيين ونقابيين وجمعويين وإعلاميين أبوا إلا أن يشاركوا في الندوة ليبدي كل واحد وجهة نظره فيما يخص علاقة الأمن بالمجتمع .
وأوضح الزميل عبد المنعم بأن الأمن أصبح يحتل مكانا بارزا بين المهتمين والمسؤولين والمواطنين على حد سواء في المجتمع المعاصر ، وذلك لاتصاله بالحياة اليومية بما يوفره من طمأنينة النفوس وسلامة التصرف والتعامل.
وأكد في مداخلته ،المكانة التي خص بها ديننا الحنيف مسالة الأمن التي تعد نعمة من نعم الله عز وجل التي من بها على عباده المؤمنين ، واستشهد بقول الله تعالى " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ".
وتطرق الزميل شوقي لمختلف أنواع الأمن مثل ، الأمن النفسي – الأمن الغذائي – الأمن الاجتماعي – الأمن الثقافي والفكري – الأمن الاقتصادي – والأمن المائي وغيره كثير ، وأوضح بأن الأمن هي مسؤولية الجميع لقوله تعالى " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " وهو ما يعني توحيد الأمة في مقاومة العدوان على فرد واحد ، فضلا عن العدوان على الجماعة.
رئيس التنسيقية أكد بأن أهم المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد مفهوم الأمن ، القرآن الكريم وما تضمن من آيات تحمل هذا المعنى العميق ، وسيتم ملاحظة ذلك في قوله تعالى " وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون "
وقوله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "وقوله تعالى كذلك " وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا "
إن العمل – يضيف الزميل شوقي – لا يثمر والحضارة لا تزدهر ولا ترقى والرخاء لا يعم ولا يسود والتقدم لا يطور إلا في الإحساس بالطمأنينة والشعور بالسلم والأمان ، وهو مقياس تقدم ظلال الاستقرار ، ولا استقرار بغير أمن وأمان .
وأشار الزميل عبد المنعم من جهة أخرى إلى أن ، الأجهزة الأمنية إذا كانت تقوم بوظائفها الأسايسية لمنع الجريمة والحفاظ على الأمن ، فإن المؤسسات التربوية والاجتماعية المختلفة تقع عليها أيضا بالإضافة إلى وظائفها الأساسية ، مسؤوليات أمنية ، ترتبط بالتوعية والتربية والتوجيه لمنع الجريمة بشتى أنواعها والحفاظ على أمن الفرد والمجتمع.
وفي ختام عرضه وبعد استحضار ما عرفته الدارالبيضاء مؤخرا من ظاهرة سميت ب " التشرميل " وما إذا كانت هذه ،تعد حركة ثقافية ناتجة عن التغيرات في مجال ثقافة الشباب أم هي حركة احتجاجية ضد سلوكات وممارسات بعض الفئات أو الطبقات الاجتماعية ، أم هي حركة تمرد على قيم المجتمع ، والنزعة إلى اثبات الذات والرغبة في إبلاغ صوت هذه الفئة من الشباب إلى من يهمهم أمر الشباب في مجتمع يعاني من أزمات مركبة ومترابطة ومتداخلة فيما بين ماهو اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي أو ثقافي أو قيمي وأخلاقي .
أوضح بأنه على منوال هذا التداخل والتعقيد في الأزمات التي يعاني منها الشباب المغربي في الحقبة الراهنة ، جاءت ظاهرة " التشرميل " وهو الإسم الذي لم يكن متداولا إلا فيما يرتبط ببعض المأكولات "التشرميل أو الشرمولة " هي خليط من التوابل ومن بعض المواد التي تضاف إلى بعض المواد الغذائية لإدخال عليها نكهة معينة أو طعما محددا ، كما هو الأمر بالنسبة للزيتون أو السمك أو غيرهما ، والتشرميل حسب هذه الظاهرة ، هو أيضا خليط يجمع فيما بين سلوكيات متعددة: نوع وصنف اللباس الذي يقبل عليه المتشرملون ونوع الأحذية الرياضية وطريقة حلق شعر الرأس ، ونوع وصنف الدراجات النارية التي يركبونها .
وإلى هنا –يضيف الزميل شوقي – قد يبدو الأمر عاديا مع التغيرات المجتمعية التي تعرفها المجتمعات الراهنة ، لكن ما أقلق المسؤولين الأمنيين ، هو عندما ارتبطت هذه الظاهرة ببعض السلوكات الانحرافية أو الإجرامية ، كاعتراض المارة وسلبهم ما بحوزتهم ، أو إظهار الخناجر والسيوف الطويلة ، وإقلاق راحة المواطنين في العديد من الأحياء السكنية ، الراقية منها والشعبية.
والظاهرة الآن محاصرة أمنيا وعدد من المتشرملين الآن قيد التحقيق معهم ، وعدد منهم غيروا الصورة والشكل الذي كانوا عليه قبل قيام الحملة لاعتقالهم، تساءل الزميل عما إذا كانت المقاربة الأمنية كافية لتطويق الظاهرة ؟ وإن كانت لها مجموعة من الفوائد والقادرة على نشر نوع من الطمأنينة والشعور بالأمن والأمان بين المواطنين ،فإنها غير كافية لتطويق أو القضاء على هذه الظاهرة أو على غيرها من الظواهر الانحرافية والإجرامية في المجتمع ، ذلك لأن الأمر قد يقتضي تظافر هذه المقاربة مع المقاربات الأخرى التي تكون أكثر ضرورة ونقصد بذلك – يؤكد الزميل شوقي – المقاربة الاقتصادية ومقاربة التعليم والتكوين ، والمقاربة الإدماجية والاجتماعية وحسن الإصغاء والاستماع لمعاناة الشباب النفسية والاجتماعية.
الندوة عرفت مساهة عدد من الحاضرين الممثلين لهيآت سياسية ونقابية وجمعوية وإعلامية ، بمداخلات أغنت النقاش الهادئ والناضج ليخرج الجميع صوتا واحدا.
وتم بالمناسبة تكريم ثلاثة وجوه ويتعلق الأمر بالسيد محمد بوجيدة الشخصية النقابية التي عرفها الإقليم والوطن بالوفاء للطبقة العاملة وذلك بمناسبة فاتح ماي ، والسيد عبد الإلاه الدكاني رئيس المنطقة الأمنية على تجاوبه مع مكونات المجتمع المدني وبمناسبة قرب تخليد أسرة الأمن الوطني بذكرى تأسيها يوم 16 ماي القادم ، وميلود الدهشور المصور الصحفي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
ونشير الى أن الاستاذة الحاجة فاطمة دعنون مديرة مؤسسة دار الأم ، أقامت على شرف المشاركين في هذه الندوة القيمة ، حفل شاي بعد أن ثمنت مثل هذه المبادرات الهادفة وتمنت لها الاستمرارية والتوفيق والنجاح.