ضمن غواية التنقيب في الذاكرة الثقافية العربية يقدم الكاتب المصري حلمي النمنم دراسات تحت عنوان /الصهيونية.. تاريخها وأعمالها/ كتبها جرجي زيدان بعد زيارته لفلسطين ولم تنشر من قبل في كتاب. ومن خلال مشاهداته رصد زيدان /1861-1914/ في الكتاب الذي يقع في 192 صفحة صغيرة القطع كيف يتم تهويد المدن ومنها يافا التي راها //أكثر مدائن فلسطين صبغة يهودية// في الاسواق والفنادق والمتاجر. وحذر أيضا أن تصير فلسطين التي كان يطلق عليها //بلادنا// باعتبارها جزءا من بلاد الشام //كلها لليهود// في ظل اهمال الحكومة العثمانية للفلسطينيين وتركهم بلا رعاية ولا تعليم ولا حماية. وشدد على أن روح الصهيوينة تتمكن من اليهود فيزدادون // تمسكا بالعنصرية... فكثرت الجمعيات التي تألفت لهذه الغاية// في الاراضي الفلسطينية وتأسست الجمعية الاولى عام 1879. وزيدان مؤرخ مسيحي ولد في بيروت وهاجر الى مصر وأصدر القاهرة في سبتمبر أيلول 1892 مجلة /الهلال/ التي تعد الان أقدم مجلة عربية وله كتب كثيرة منها /تاريخ التمدن الاسلامي/ و/تاريخ اداب اللغة العربية/ و/تراجم مشاهير الشرق/ اضافة الى روايات تاريخية منها /أبو مسلم الخرساني/ و/العباسة أخت الرشيد/ و/الامين والمأمون/ و/أحمد بن طولون/ و/فتاة القيروان/ و/شجرة الدر/ و /المملوك الشارد/. وفي مقدمة الكتاب الذي صدر بالقاهرة في سلسلة /كتاب الهلال/ يقول النمنم وهو نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب ان كتابا عربا كانوا يحذرون منذ القرن التاسع //ويصرخون بأن ما يجري في فلسطين ليس هجرات عادية بل تهويدا كاملا لا يهدف الى اقامة دولة على أرضها لليهود فقط بل يسعى الى طرد العرب الفلسطينيين منها... كانت الاحداث تتحرك في فلسطين بصورة تنذر بكارثة// موضحا أن المهاجرين اليهود منذ عام 1882 لم يكونوا هاربين من اضطهاد وانما كانوا يعتنقون الايديولوجية الصهيونية. ويسجل أن محمد رشيد رضا /1865-1935/ قال //اما أن نوقف الهجرات اليهودية الى فلسطين نهائيا أو نتفاهم مع اليهود// أما زيدان فنشر في مجلة الهلال عام 1913 مشاهداته عن رحلته الى فلسطين وهي رحلة //لم يشر اليها أحد من الدارسين والمؤرخين لجرجي زيدان.. ونسيها الجميع// ولم تصدر في كتاب مثل رحلاته الاوروبية. ففي أكتوبر تشرين الاول 1913 نشر زيدان في مجلة /الهلال/ دراسة عنوانها /الصهيونية.. تاريخها وأعمالها/ وظل يواصل النشر حتى توفي يوم 23 يونيو حزيران 1914 قبل أشهر من اندلاع الحرب العالمية الاولى التي شهدت نهايتها صدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني 1917 وتعهدت فيه بريطانيا لليهود بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين. ويقول النمنم ان الولاياتالمتحدة //اعترفت بذلك الوعد فور صدوره// مضيفا أن زيدان كان يفرق بين اليهود واليهودية وبين الصهيونية أحدا لا يعرف هل كتب زيدان كل ما لديه عن فلسطين أم كانت لديه أفكار أخرى. ورصد زيدان كيف //بلغت الجمعيات الصهيوينة الان ألوفا عديدة... والغرض تنشيط الاستعمار الاسرائيلي في فلسطين وسوريا...// وما ارتبط بذلك من اصدار صحف والسعي لانشاء جامعة لتعليم العلوم //باللغة العبرانية// اضافة الى انشاء مدارس ومصارف ومعامل طبية وانشاء //مستعمرات يهودية في أطيب أرضها /فلسطين/.//