حدث زوال يوم الخميس الماضي (5 نونبر الجاري) في الساعة الرابعة بعد الزوال، أن مُنِعت وقفة تضامنية، مع الصحافيين، ودفاعا عن حرية التعبير، كان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، يعتزم تنظيمها أمام مقر وزارة العدل .. بدا من كثافة حضور رجال الأمن من مُختلف التخصصات، أن أوامر مُشددة صدرت إلى "لمخازنية" و ال"سيمي" بتشتيت الجمعويين والصحافيين، بأية وسيلة كانت، ومنها كثير من أقذع وأحط، ألفاظ السب والشتم، حيث قال أحد "مخازنية" لعنيكَري لامرأة في العقد الرابع من عمرها: "سيري تقودي آ الق..." بينما قال آخر لمناضل حقوقي: "ضركَ كمارتك آ الزا..."... وكان نصيب أُخريات وآخرين، من نفس عيار عبارات الحط بكرامتهم الإنسانية، مما أكد للمشتومين، أن تلك العبارات الحقيرة، كانت مُختارة ب "عناية" وعن سبق إصرار. مُتظاهرون آخرون (مُعطلات ومُعطلون، ونُشطاء المجتمع المدني...) كانت لهم أيضا حِصصهم من نفس بالوعة السُّباب، في مُناسبات مُختلفة، عبر السنوات الأخيرة، مما أكد أنه ليست الصدور وحدها، التي ضاقت لدى مَن هُم في أعلى مُستويات القرار، بل "تفجَّرت" قرائح السفالة، أيضا لتنفث سمومها. يجب أن يكون المرء مُغفلا حقا، ليُحمِّل مسؤولية كل تلك الحقارة، إلى أعوان سلطة يتحركون ويتصرفون ك "الروبووات" بينما تحدجهم أعين ضُباطهم، بنظرات يتطاير منها الشرر، ويتلقون عند أدنى "تخادل" عقابا شرسا وسبّا مقيتا، لِدى فإنهم يُطبِّقون "التعليمات" بحذافيرها، ومنها: "عايروا دين مهوم". مرة أخرى لا يجب أن نقف عند "ويل للمصلين" في سلسلة تراتبية سلطة "السب والشتم" فالضباط المُكَشِّرُون في أوجه مرؤوسيهم البُسطاء، ينظرون بدورهم إلى أعلى، إلى حيث توجد السلطة التي تُعينهم في مناصبهم، هناك حيث "المنبع" الذي يتحول أمامه المأمورون، ليس إلى "روبووات" فقط بل إلى حيوانات شرسة، على طريقة كلاب "الريتويلير". سمعتُ يوما أحد كبار ضباط الأمن، يقول لصحافي كشف له عن هويته المِهنية، خلال إحدى التظاهرات: "سير تخ... واش نتا كاتكتب فالواشنطن بوسط؟" بينما أخذ مرؤوسوه في الضحك على الصحافي المسكين، الذي ازدرد الإهانة. وحينما ذهب هذا الأخير إلى مكتب نقابة "يونس مُجاهد" يشتكي مما حدث له، أجابه النقيب "المُعمِّر": سوف نُضَمِّنُ ذلك في تقرير النقابة السنوي.. أما باشا ولاية الرباط "السوبير" ركَراكَة، فلم يتورع يوما، حين وجد أمامه لفيف صحافيين جاءوا لتغطية جلسة انتخابات منصب عُمدية الرباط.. عن وصفهم ب "الناموس" و "الحشرات" وأصدر أوامر صارمة للمخازنية بكنسهم من أمام ناظريه. ما أعرفه عن الباشا "ركَراكَة" أنه آلة مخزنية "رُوِّضت" طويلا في الأبهاء المُعتِمة لوزارة الداخلية، منذ زمن أوفقير والبصري، وغيرهما، وبالرغم من أنه بلغ سن التقاعد منذ سنوات، إلا أنه "أُبقِيَ" في منصبه لحاجات في نفس مَن يحكم هذا البلد، ومنها - الحاجات - سب الناس و "زروطتهم".. نقل أحد كبار رجال السلطة في مملكة "المخزن والغاشي" عن مسؤول "كبير" أنه قال أياما قبل بُدء الحملة على صحُف وصحافيين: "غادي نح... دين مهوم هاذوك الصحافيين" وأضاف أن بعض الذين استمعوا لهذا الكلام الساقط، اندهشوا لوضاعة الألفاظ المُستعملة، ليس لأنهم يُحبون الصحافة والصحافيين، بل لأنهم لم يكونوا ينتظرون نزولا إلى ذلك الدّرك الأسفل، من مسؤول "كبير" في الدولة. لم يعد بعض العارفين، يُخفون مشاعر الضيق، من وصول ثلة من المتنفذين الجُدد، إلى أعلى مُستويات القرار في الدولة، حيث وجدوا "التيران خاوي" واعتقدوا أن بإمكانهم "التنفيس" عن ذهنية "السلاكَط" التي "تجرَّعوها" على مهل منذ نعومة الأظافر. وليس من شك، من خلال الوسائل الثقيلة المُستعملة، من قبيل أذرع أمنية مُستقوية، وقضاء غير مُستقل.. إلخ، في "سحق" صُحف و "التنكيل" بصحافيين، ومُواجهة مُنظمات المجتمع المدني ونُشطائها، بشراسة وحط بالكرامة.. (ليس من شك) أن ذلك يدخل في إطار استراتيجية "التسلكَيط" لتركيع كل التمظهرات التي لا تستجيب لمعايير المخزن الجديد، غير أن الخوف كل الخوف، أن لا يكون مُتسنيا، مُواجهة هذه الإستراتيجية، سوى من طرف مَن يستطيعون التفوق على "صانعيهم".. مِصداقا للقول المأثور، مع بعض التحريف: لا يفل التسلكَيط إلا التسلكَيط، وفي ذلك فليتنافس المُتنافسون.