الرباط 'القدس العربي': كشفت محاكمة لصحافيين مغاربة ان قرار منع صحيفة 'اخبار اليوم' صدر عن الوزير الاول وليس عن وزير الداخلية عكس البيانات الرسمية السابقة وتصريحات المسؤولين المغاربة. وقال الوكيل القضائي لدى المحكمة الادارية بالدار البيضاء ان قرار منع تداول يومية 'اخبار اليوم' وتداولها في الاكشاك والاماكن العمومية على خلفية نشر الصحيفة رسما لابن عم الملك الامير مولاي اسماعيل بمناسبة زفافه قد اتخذه الوزير الاول عباس الفاسي، رغم ان هذا القرار اعلنته وزارة الداخلية ونفى عباس الفاسي في حينه علمه بالقرار. وقال بلاغ رسمي لوزارة الداخلية المغربية صدر يوم 28 ايلول/سبتمبر الماضي انها قررت متابعة جريدة 'أخبار اليوم' والقيام بحجزها، 'بسبب نشر الجريدة رسما كاريكاتوريا له علاقة باحتفال الأسرة الملكية بحدث له طابع خاص جدا' وان الوزارة 'على ضوء العناصر المتوفرة حول هذه القضية، قررت طبقا للقوانين المعمول بها، متابعة يومية ( أخبار اليوم) والقيام بحجزها مع اتخاذ التدابير الملائمة بخصوص وسائلها ومقراتها. ونقلت صحف مغربية بعد بلاغ وزارة الداخلية تصريحات لعباس الفاسي ينفي علمه بقرار المنع والمتابعة القضائية وقال انه كان في اغادير مشغولا بقضايا اخرى. واستند دفاع صحيفة ' اخبار اليوم ' المتابع مديرها توفيق بوعشرين ورسامها خالد بكدار بتهمة 'اهانة علم المملكة والمشاركة فيه' على تصريحات الفاسي لينفي الطابع القانوني لمنع الصحيفة واغلاق مقرها وحجز حسابها البنكي كون قانون الصحافة المغربي ينص على ان لوزير الداخلية صلاحية حجز عدد من الصحيفة فيما قرار المنع يصدر عن الوزير الاول، اما قرار اغلاق المقر فيكون بحكم قضائي. وعقدت المحكمة الادارية بالدار البيضاء بعد ظهر الاثنين جلسة بناء على دعوى استعجالية من دفاع 'اخبار اليوم' تطعن بقرار وزير الداخلية وقررت المحكمة بعد ذلك تأجيل البت في الدعوى لغاية اليوم الاربعاء وهو ما كان مفاجئا كون الأمر متعلقاً بقضية استعجالية. الا ان المفاجأة / الصدمة لدفاع الصحيفة اثناء الجلسة بإعلان الوكيل القضائي بالمحكمة ان قرار المنع صادر عن الوزير الاول. ونقلت صحيفة 'الجريدة الأولى' عن توفيق بوعشرين ان عباس الفاسي اتخذ قرارا سريا 'بإعدام' جريدة 'اخبار اليوم' قبل صدور حكم قضائي. وقال 'ان قرار الوزير الأول الصادر مند 15 يوما ب(السري) وأن خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة او اي مسؤول آخر لم يفصح في مناسبات عدة عن إصدار عباس الفاسي قراره هذا. وأوضح بوعشرين أن عباس الفاسي اصدر قرارا بإدانة ' أخبار اليوم' قبل صدور حكم قضائي بذلك، مشيرا الى انتفاء نص قانوني يخول للوزير الأول اتخاذ قرار كهذا، وهو ما يفيد 'أن الأحكام القضائية تصدر للاستئناس فقط' في حين أن حكم الإعدام صدر في حق الجريدة وهو ينفذ يوميا' ويقدر بوعشرين الخسائر اليومية التي تتكبدها 'أخبار اليوم' ب120 الف درهم، وهو ما يرفع خسارة الجريدة لمبلغ مليون و800 ألف درهم، مضيفا 'نحن نحترم القضاء ونقبل ما يقضي بها القضاة، لكن الحكومة هي من ترفض الالتجاء إليه'. وقررت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء صباح الاثنين تأجيل النظر الى يوم الاثنين القادم في التهم الموجهة لتوفيق بوعشرين وخالد بكدار وهي اهانة علم المملكة والمشاركة به والتي تتراوح عقوبتها بالسجن لفترة تتراوح بين ستة أشهر وثلاثة أعوام وغرامة تصل الى 10 الاف درهم فيما تنظر بيوم آخر بدعوى الامير مولاي اسماعيل ضد الصحيفة والتي يتهمها بالاساءة اليه ويطالبها بتعويض قدره 3 ملايين درهم (400 الف دولار). ودانت منظمة 'مراسلون بلا حدود' وما وصفته عدم تكافؤ ردة فعل السلطات المغربية على نشر رسم كاريكاتوري للامير مولاي اسماعيل. وقالت 'منذ 28 أيلول/سبتمبر، تخالف السلطات المغربية القوانين الشرعية. فما من مادة من قانون الصحافة تنص على إمكانية إغلاق وسيلة إعلام بناء على قرار صادر عن وزارة الداخلية قبل أن يصدر القضاء حكمه في القضية. حتى لو لم يرقها الرسم الكاريكاتوري، تعتبر التدابير المتخذة، أكانت تتمثل بإغلاق الجريدة أو تجميد حسابات الجريدة أو استدعاء الصحافيين، غير متكافئة مع ما نسب إليهما. لذا نطالب بإعادة فتح الجريدة فوراً وإسقاط الدعوى المرفوعة ضد الصحافيين'. وقال علي انوزلا مدير يومية 'الجريدة الاولى' والمتابع بتهمة نشر خبر زائف بسوء نية على خلفية تقارير نشرتها يوميته حول فيروس اصاب الملك محمد السادس نهاية آب/اغسطس الماضي: 'يحاول الكثيرون إلقاء اللوم على نوع من الصحافة المستقلة، وتحميلها مسؤوليات كل ما يقع في المغرب الحاضر من تعثر في مسار الانتقال الديمقراطي، وفشل في التنمية وتراجع لمكانة وصورة المغرب في الخارج. ويرجعون تنامي موجة الاحتجاجات، وأخيرا حالة الانفلات الأمني، إلى هذا النوع من الصحافة عندما تفتح صفحاتها لأصحاب المطالب الاجتماعية أو حتى عندما تطالب بضرورة احترام كرامة المشتبه بهم حتى لو كانوا مجرمين عتاة، وصيانة حقوقهم حتى تضمن لهم محاكمة عادلة.' واضاف انزولا في افتتاحية يوميته 'لقد تحولت هذه الصحافة في عرف السلطة ومن يحذو حذوها إلى مشجب تعلق عليه كل النكسات والتراجعات والعثرات... وأصبحت التهمة الجاهزة هي: الإعدام شنقا!' وخاطب انوزلا السلطات 'لكن ثقوا قبل أن تنصبوا المشانق، وقبل أن نساق عند وحشة الغسق أمام فصيل إعدامكم الجاهز، أننا لسنا لا ملائكة ولا شياطين، نحن جزء من هذا الوطن أحببناه بخيره وشره، ورفضنا تواطؤ صمت مثقفيه وسكون أغلبيته الصامتة أمام كل هذا الخراب الذي ينخره من الداخل. وصيتنا بعد أن تعدمونا أن لا تنسوا أن تطفئوا الأنوار، وتضعوا المفاتيح تحت الأبواب الموصدة، وتعلقوا الأجراس للقادمين من بعدنا، لأن ليلكم الطويل لا محالة سينتهي، إذا هذا الشعب يوما أراد الحياة. محمود معروف' عن: القدس العربي