يطرح تجميع الأراضي في مشاريع فلاحية واستثمارات كبرى يتضمنها المخطط الفلاحي الحاجة إلى رفع تمثيلية صغار الفلاحين، في إطار هذا النظام الجديد، الذي أعلن عنه مؤخرا كدعامة أساسية لتطوير الفلاحة التضامنية، وتدبير الشراكات التي ستنشأ في إطاره، من حيث تقاسم وسائل الإنتاج وتقاسم مخاطر التمويل وتقلبات الأسواق. فقد كشف عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في نهاية الأسبوع الماضي، عن بعض معالم مشروع قانون التجميع الذي سيؤطر الشراكة بين المجمع (بكسر الميم) والمجمع أو الفلاح الصغير (بفتح الميم) وشروط الحصول على الدعم الذي يمنحه المخطط الأخضر للمشاريع الفلاحية، في تقاسم للمخاطر بين الطرفين، بحيث يتحمل الفلاحون الآفات المتعلقة بالإنتاج، في حين سيتحمل المجمع مخاطر التسويق. وفي هذا الصدد، عبر خبير باحث في المجال الزراعي عن توجسه من اختلال ميزان القوى بين طرفي عملية التجميع، باعتبار أن فئة الفلاحين تتشكل بحصة الثلثين من فلاحين صغار يمتلكون أراض تقل مساحتها عن 5 هكتارات، في مواجهة شركات كبرى مجمعة وملاكين كبار ستفتح لهم المشاريع الفلاحية في مختلف سلاسل الإنتاج، مجالات واسعة للكسب في القطاع الفلاحي. توجسات تنبع، في تقديره، أساسا من ضعف تمثيلية الفلاحين الصغار في التنظيمات الحالية، والفدراليات التي تمثل قطاع الإنتاج الفلاحي، ومن غياب الدولة وتخليها تدريجيا عن مهام تأطير الفلاحين تقنيا واقتصاديا واجتماعيا، على حد تأكيده. وأكد أحمد أوعياش، رئيس الفدرالية البيمهنية لأنشطة الحبوب، في هذا الإطار أن تكتل الفلاحين الصغار والمتوسطين وتنظيمهم في إطار تعاونيات تمثل مختلف سلاسل الإنتاج كفيل وحده بحماية حقوقهم والدفاع عن مصالحهم في مواجهة مصالح المستثمرين والممولين لعمليات الإنتاج. واعتبر، في حوار مع «أخبار اليوم»، أن الإشكالية مطروحة بحدة في حال نشوء نزاعات بين الفلاحين والمجمعين قد تصل ملفاتها إلى المحاكم التجارية في غياب وساطة في هذا المجال. فالفلاح الصغير يشكل، في تقديره، الحلقة الأضعف في عملية يتحكم فيها أصحاب المال. غير أن تجربة التعاونيات في المغرب تفصح عن قصص نجاح قليلة، توجد على رأسها تعاونية «كوباك»، في مقابل أزمات مالية خانقة تواجهها حصة كبيرة من التعاونيات الموجودة في المغرب، لاسيما في قطاع إنتاج الحبوب. كان من المفترض أن تسمح تجربة التعاونيات في المغرب، على حد قول أوعياش، ببروز مجمعين كبار، على غرار ما هو متوفر في فرنسا، حيث تتحكم التعاونيات الكبرى في مسار الإنتاج والتسويق في مختلف سلاسل الإنتاج، ويمتد نفوذها إلى إحداث بنوك تعاونية تعنى بتمويل عمليات الإنتاج بشروط ملائمة. ويشكل المخطط الأخضر، حسب العديد من الفاعلين، فرصة أخيرة لتطوير إنتاجية القطاع الفلاحي وتنافسيته على المستوى الدولي، بالنظر إلى حجم الاستثمارات التي يتضمنها والتي تصل قيمتها إلى 10 ملايير درهم في غضون 10 إلى 15 سنة المقبلة، لكن تفعيل الاستثمارت ميدانيا سيتطلب انخراط الدولة في مواكبة وتأطير الفلاحة التضامنية، وأن لا يقتصر هذا التأطير على الجوانب التقنية، بل أن يشمل أيضا تأطيرا اقتصاديا واجتماعيا لصغار الفلاحين، في وجود معدلات أمية مرتفعة في الوسط القروي.