تفادى حميد شباط الدخول في مواجهة كلامية مع الوزير الأول عباس الفاسي، بسبب تبرأ هذا الأخير من الحرب ضد الأصالة والمعاصرة، لكن شباط هاجم بشدة الوزير كريم غلاب مشككا في استقلاليته. كما حذر من أن الاتحاد العام للشغالين سيراجع علاقته ببعض وزراء حزبه، وقد يدعو للخروج من الحكومة. تبرأ الوزير الأول عباس الفاسي من حربك على الأصالة والمعاصرة، هل أغضبك ذلك؟ أولا، هذه تصريحات غير مؤكدة، ثانيا، أنا لست عضوا في الحكومة، وبالتالي فأنا لست معنيا بمثل هذه التصريحات إن صدرت، لأن الوزير الأول تكلم بصفته وزيرا أول، وعقد الاجتماع في مقر الوزارة الأولى، وأنا يمكنني أن أناقش السيد عباس الفاسي عندما يصرح كأمين عام لحزب الاستقلال، حينها يمكننا أن نناقش داخل الحزب أية مواقف، لكن السيد عباس الفاسي تكلم كوزير أول. وهنا أريد أن أشير إلى أنه حتى السيد كريم غلاب، وزير النقل، قال إن المشكل مع الأصالة والمعاصرة محلي، وأن المشكل يوجد بين أشخاص ليس إلا. فهذا كلام وزير وليس كلام رجل حزبي. - لكنه وزير سياسي؟ لا إنه نصف سياسي، فنصفه الأول سياسي ونصفه الآخر وزير. هذه التصريحات تتعلق بالعمل في الحكومة، لأن هناك أناسا يريدون الاستوزار، ويريدون الاستمرار في الحكومة. - ما الذي يجعل عباس الفاسي يتبرأ من تصريحاتك ضد الأصالة والمعاصرة؟ عباس الفاسي أدلى بتصريحات واضحة في اجتماع المجلس الوطني للحزب، وقد زكى كل المبادرات التي قام بها الاتحاد العام للشغالين، ومبادرات حميد شباط، وانتقد المعارضة من أجل المعارضة، إذن موقف السيد عباس الفاسي كان صريحا، أما موقفه كوزير أول فهذا شأن لا يهمني، ككاتب عام للاتحاد العام للشغالين، وكقيادي في حزب الاستقلال. ولهذا لن أدخل في جدل حول هذا الموضوع، لأنه يهم الحكومة والوزير الأول. وهذا ينطبق أيضا على الوزير الأول الذي لا يحق له التدخل في مواقف الاتحاد العام للشغالين، لأن لدى الاتحاد استقلالية تامة، حيث يمكنه غدا أن يقول بأن وجود حزب الاستقلال داخل الحكومة يؤثر سلبا على الاتحاد العام للشغالين، وبالتالي قد نطلب من وزراء حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة.. - هل يمكن أن تتخذوا هذا القرار في القريب؟ إلى حد الساعة نعتبر أن حصيلة وزرائنا إيجابية، لكن بعد تصريحات السيد كريم غلاب، الذي يتحدث عن صراع محلي مع الأصالة والمعاصرة، أظن أننا سنعيد حساباتنا مع بعض وزرائنا الذين نصفهم استقلالي، ونصفهم شيء آخر. لأنني أخاف عندما يقرر حزب الاستقلال الخروج من الحكومة أن يبقى السيد غلاب فيها. - لكن الوزير غلاب عبر عن موقف بخصوص صراعك مع حزب الأصالة والمعاصرة، فكيف تحاسبه على عمله الحكومي بهذا الشكل؟ مثل هؤلاء الوزراء يدلون بمثل هذه التصريحات لأنهم يريدون البقاء في كراسيهم، وهذا أمر خطير، لأن مثل هذه النماذج التي تفضل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة تمثل خطرا على البلاد. - إذن أنتم تتهمون الوزير غلاب بأنه لا يسير على خطى حزب الاستقلال؟ نعتبر أن رئيس الدولة هو الملك، وأن الحكومة هي حكومة جلالة الملك، إذن فأيّ وزير أخل بالقوانين المنظمة لحزب الاستقلال نعتبره خارج السرب. وأيّ وزير يتناقض مع سياسة الاتحاد العام للشغالين التي هي جزء من سياسة الحزب، فهو خارج الإجماع. ولهذا، فإن إجماع المناضلين الاستقلاليين يتجه نحو التصحيح والعودة بالحزب إلى الأفكار التقدمية الوطنية لسيدي علال الفاسي. ومع الأسف، فإن مثل نموذج غلاب يسيء لحزب الاستقلال، لأنه لم يكن له الحق الدخول في جدل يفوق مستواه الفكري والعقلي. لا يمكن لشخص يريد أن يحافظ على منصبه أن يهدم حزبا. هذا لن نسمح به. - تقصد أن المعركة مع الأصالة والمعاصرة مصيرية؟ نعم هذه معركة وجود، لأنه لا يعقل أن مجموعة كانت لا وطنية، تتحدى حزب الاستقلال وتسعى إلى هدمه. لهذا نحن نقاوم وندافع عن حقنا المشروع. - هل هذا موقف يعكس مواقف اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال؟ مواقفي تعكس مواقف كل الاستقلاليين والاستقلاليات، فأنا لا أتحدث باسم اللجنة التنفيذية بل أتحدث باسم المناضلين والمناضلات الذين يزكون هذا الطرح المتعلق بالدفاع عن وجود حزب الاستقلال وعن مكانته. - لكن اجتماعا للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عقد مؤخرا وكلفك بمهمة الرد على حزب الأصالة والمعاصرة؟ الاتفاق الذي تم في اللجنة التنفيذية هو أن يقوم الفريقان البرلمانيان بدورهما في الدفاع عن مبادئ الحزب. فأن يتم الطعن في الوزير الأول، فهذا يعني الطعن في مؤسسة، لأن الوزير الأول معين من طرف الملك. وأيّ هجوم على الوزير الأول يعتبر هجوما على الدولة المغربية. ومادام التهجم على الوزير الأول تم في البرلمان، فكان لابد من الرد. أما قرار الرد على تهجمات الأصالة والمعاصرة فاتخذ بالإجماع في المجلس الوطني. إذن هذا قرار المجلس الوطني وليس قرار السيد غلاب. - بخصوص حزب الأصالة والمعاصرة، هل ما زلتم تدعون إلى حله؟ نعم، إذا كان هذا الحزب موجودا أصلا. هذا الحزب عبارة عن أشخاص وليس تنظيما، ليس له أي تنظيمات، بل أشخاص من اليمين واليسار والوسط اجتمعوا داخل البرلمان، نصفهم أو ثلتهم مضغوط عليهم. وخارج إطار الرباط، ومجلسي البرلمان وبعض الوزراء، فإنه لا وجود لهذا الحزب. هل المغرب في حاجة إلى حزب غير موجود؟ - لكنه احتل الرتبة الأولى؟ هذه الرتبة لم يحصل عليها بفضل المواطنين، بل حصل عليها بكل الأشكال. والآن هناك مشكل في دعم الدولة للأحزاب لأن حزب "البام" استقطب عددا من البرلمانيين من أحزاب أخرى، فهل سيحصل حزب "البام" على الدعم المالي للدولة، رغم أن عددا كبيرا من نوابه فازوا باسم أحزاب أخرى. هذا الحزب أصبح بقدرة قادر الحزب الأول في المغرب، وهذا خطأ لأنه كان يحصل زمان، أما الآن فلا يمكن أن يتكرر. - لكن هذا وقع؟ هذا خطأ وما بني على باطل فهو باطل. لهذا يجب التصحيح. طبعا يمكن أن حميد شباط وحده يعبر عن مثل هذه المواقف، لكنني أعرف أن عددا كبيرا من الأحزاب ومناضلي الأحزاب لهم نفس الموقف، لكنهم لا يعبرون عن ذلك. - من أين تأتي قوة الأصالة والمعاصرة؟ من المجهول، لأن الدولة ليس في حاجة لحزب. وهي ملكي للشعب المغربي. - لكن فؤاد عالي الهمة هو الذي أسس هذا الحزب، هل تحملونه المسؤولية؟ أنا لا أناقش الأشخاص، بل أناقش الحزب. - لكن الهمة هو الذي يشكل قوة الجذب في الحزب؟ ولهذا قلت إن استمرارية هذا الحزب غير مضمونة، لأنه لم يبن على أسس متينة، بل بني على وهم. كل واحد يتوهم في هذا الحزب. هناك من يتوهم أنه سيفوز في 2012، وهناك من يظن أن عليه ضرائب يمكن أن يتم إعفاؤه منها. وهكذا. - هل تعتقد أن غياب فؤاد عالي الهمة مرتبط بإعادة النظر في مصير هذا الحزب؟ علاقتي بالهمة تمتد لسنوات قبل تأسيس الحزب، وهي علاقة أخوة مبنية على الصراحة والوطنية. لكن حزب الأصالة والمعاصرة اليوم له هياكل، ونحن نناقش أداءه لأن مجلس المستشارين لم يسبق له أن عاش فوضى كتلك التي نعيشها اليوم. - تقصد بسبب رئاسته للغرفة الثانية، وهو في المعارضة؟ لا هذا ليس حزبا معارضا، لأنه لا يمكن لحزب إداري أن يكون معارضا. المعارضة لا تتم بالتهريج والسب والقذف. مثلا عندما يتحدثون عن قضية "النجاة"، من المسؤول عن هذا الموضوع، هل عباس الفاسي الذي كان وزيرا للتشغيل، أم وزارة الخارجية والداخلية؟ فالشركة التي مارست النصب من خارج الوطن، وكانت هناك رسائل تطمين من الخارجية والداخلية، إذن لا يمكن للسيد بنشماس أن يأتي اليوم، ويحمل مسؤولية النجاة لعباس الفاسي، لأن الفضيحة "هما ماليها". - تقصد أن الداخلية كان فيها آنذاك فؤاد عالي الهمة؟ لا أتذكر من كان في الداخلية آنذاك. إطار--- ولاية فاس لم تلغ قرارات منع الخمور والشيشة - ما حقيقة الأخبار التي نشرت حول صدور قرار من والي فاس يقضي بإلغاء قراركم ضد محلات استهلاك الشيشة وبيع الخمور؟ المجلس له الحق في مناقشة جميع القضايا التي تهم السكان. ولذلك لما لاحظ المجلس أن هذه الآفات أصبحت تنخر المجتمع الفاسي، وخاصة محلات الشيشة التي انتقلت من ستين محلا إلى حوالي 150 محل للشيشة بمختلف تراب الجماعة يقصدها القاصرون والقاصرات، فضلا عن بيع الخمور وتعاطي آفة الحشيش والممارسات المشينة التي تمس الحياء العام، بادر وقتها إلى طرح الموضوع ومناقشته. إذن فكل ما يتعلق بصحة المواطنين، فهو من حق المجلس. وقد تداولنا في هذه المواضيع في دورة فبراير، واتخذنا قرارات بإغلاق عدد من المحلات، وقد استجابت لنا السلطات وقامت بتنفيذ قرارات المجلس. - لكن ولاية فاس رفضت إدراج هذه النقط في جدول أعمال المجلس؟ جواب السيد الوالي واضح، حيث يقول إنه لم يكن على المجلس إدراج هذه النقط في جدول أعماله، لأن رئيس المجلس يمكنه اتخاذ قرارات بهذا الشأن دون حاجة لإدراجها في الاجتماع، وجوابي عليه كان هو أنني كرئيس للشرطة الإدارية أصدرت قرارات سابقة بإغلاق بعض المحلات المشبوهة منذ شتنبر الماضي، ولم تنفذها السلطات، لذلك أردت إشراك المجلس في هذه القرارات حتى أعطيها قوة كبيرة. والآن أؤكد أن جميع القرارات التي اتخذها المجلس بهذا الشأن نفذت. طبعا فإن حزبا معينا قام بتحريف قراراتنا وادعى أننا نشوش على التنمية في المدينة. وأريد أن أذكر أن المجلس يتوفر على عدد كبير من شكايات المواطنين التي تدعوه إلى اتخاذ إجراءات ضد محلات استهلاك الشيشة وبيع الخمور، كما أن السيد الوالي نفسه سبق أن وجه إليّ رسائل يدعوني لإغلاق عدد من المحلات. - قلتم إن حزبا معينا قام بتحريف حقيقة هذا القرار، وأنتم تقصدون بلا شك حزب الأصالة والمعاصرة؟ نعم، هذا الحزب ربما أصبح له توجه جديد، في فاس يقضي بالمساهمة في انحراف القاصرين، وهذا خطر، وإلا فكيف يقف حزب ضد قرار يهم سلامة وصحة المواطنين. أريد أن أذكر أنه، بعد اتخاذنا لهذا القرار، توجهت السلطات إلى أحد المحلات المعنية بالإغلاق، فوجدت فيه تسع قاصرات كن في حالة سكر. وأنا فوجئت عندما سمعت حزب الأصالة والمعاصرة يتبجح بأن السلطات لم تصادق على قرار المجلس. لا يمكن لسلطات فاس ألا توافق على مثل هذا القرار، لأنها لا يمكن أن تكون ضد سكان فاس، وضد فلذات أكباد أهل فاس.