في عزّ حالة العزلة التي تعيشها جماعة العدل والإحسان، سواء منها تلك الناتجة عن حصار السلطات أو نفور باقي الفرقاء والفاعلين في الساحة السياسية، خرج الأمين العام للدائرة السياسية للجماعة، عبد الواحد المتوكّل، عبر مقال قال فيه إنه "لا سبيل للقضاء على الفساد المستشري في هذا البلد الكريم أو محاصرته على الأقل إلى أبعد الحدود الممكنة، إن لم يتم القضاء أيضا على الاستبداد بالحكم، وإنهاء الاستفراد بالقرار والثروة من دون الناس". وأضاف المتوكّل أن كل المبادرات وكل المحاولات للتخلص من "هذا الوباء الذي انتشر في كل مفاصل الدولة والمجتمع الحيوية ستصطدم بآلة صناعة الفساد المخزنية ومن ثم ستبوء بالفشل المدوي، أو تبقى شعارات جوفاء للتمويه أو الإلهاء ليس إلا". وأوضح الأمين العام للدائرة السياسية لجماعة الشيخ عبد السلام ياسين، في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن هذا الربط بين الفساد والاستبداد يُعتبر ارتباطا عضويا، "وهذا رأي جميع الباحثين والمراقبين وليس رأيي أنا شخصيا، حيث يربط الجميع بين الفساد والاستبداد، وحيثما كان هناك استبداد فثمة فساد بالضرورة". فيما قال إن أسباب نزول هذا المقال وسياقه هي "ما تنشرونه أنتم وباقي الصحف والمجلات والتقارير الوطنية والدولية حول تفشّي الفساد واستمرار تقدّمه وانتشاره". من جانبه قال محمد ضريف، المتخصّص الأكاديمي في شؤون الجماعة، إن مثل هذه الخرجات لقياديي العدل والإحسان تؤدي وظائف متعددة، "من بينها تأكيد مواقف الجماعة والتذكير بأطروحتها المركزية المتمثّلة في عدم إمكانية إصلاح الأوضاع دون إصلاح الحكم". وأضاف ضريف أن الجماعة تتميّز عن باقي الجماعات مثل حركة التوحيد والإصلاح "التي ترى أن إصلاح الأوضاع ينبغي أن ينطلق من إصلاح المجتمع، في حين ترى العدل والإحسان أنه يجب أن ينطلق من إصلاح الحكم". وأضاف ضريف أن هذه الخرجات تؤدي وظيفة تواصلية أيضا، "أي السعي إلى التواصل مع الأتباع وغير الأتباع، خاصة أن الجماعة تشعر بأنها محاصرة إعلاميا والكل لاحظ أن الاهتمام الذي كان يولى للجماعة من طرف الصحف المستقلة قد تراجع، وحتى وسائل تواصلها الذاتية تتعرّض للتضييق، من قبيل اللقاءات المفتوحة في الفضاء الجامعي والعام، فتبقى الوسيلة الوحيدة هي المواقع التابعة للجماعة رغم أنها تتعرّض بدورها للتضييق". كما ساق ضريف وظيفة ثالثة لهذه الخرجات الرسمية، تتمثل في تعبئة الأتباع عبر التواصل معهم وتذكيرهم بمواقف الجماعة. المقال الذي عنونه المتوكّل ب"صناعة الفساد"، ونشره في الموقع التابع للجماعة، جاء فيه أن الفساد والاستبداد صنوان لا يفترقان، "وحيثما حل أحدهما قال له الآخر خذني معك أو حل بجانبه، لا ينفك الواحد عن الآخر. ولا يمكن التخلص من أحدهما إلا بالتخلص من الآخر معه". وأضاف المتوكّل أن أسئلة كثيرة تتوارد على الخاطر "عندما يتأمل المرء ما يجري في هذا البلد العزيز، وتتراءى له أبعاد هذه الحرب الضروس التي وقودها الإنسان المغربي وأرضه وشرفه ودينه وحاضره ومستقبله". وزاد الأمين العام للدائرة السياسية للعدل والإحسان أنه "لو كان هذا الذي يحدث من صنع أعداء خارجيين لما كان هناك من داع إلى الاستغراب. ذلك أن العدو لا يمكن أن نتوقع منه إلا ما يسوء، لكن أن يتم هذا الإفساد بأيدي بعض أبناء هذا البلد ممن يقيمون بين ظهرانينا، ويتكلمون بألسنتنا ويكونوا في إضرارهم بالوطن وأهله أشد من أعدى الأعداء، فهذا ما يدعو إلى الحيرة وتتفطر له القلوب أسى وحسرة".