بمراكش إذاعتان خاصتان، ويتعلق الأمر بإذاعة "إم فم أطلس" وراديو "بلوس مراكش"، وإذا كانت الإذاعة الأولى وضعت خارطة الطريق للمستمعين ودفعتهم إلى كسب ودها وربطت معهم في بداياتها حبلا متينا من خلال المواضيع التي تطرقت إليها بشجاعة كسرت من خلالها الطابو الذي كان يجثم على نفوس الناس، فإن إذاعة راديو بلوس مراكش أكملت عملية البوح وخلقت جسرا آخر مع مستمعين آخرين في بدايتها، مما دفع العديد من الجمهور إلى وضع علامات استفهام كبيرة حول هذه التجارب الإذاعية الجديدة، هل ستنجح أم إن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان؟ الإذاعتان المذكورتان لهما إيجابياتهما ولهما سلبياتهما، فرغم أن تفعيل إعلام القرب استخدم باحترافية كبيرة للوهلة الأولى، مما حذا بالعديد من المهتمين الإذاعيين، في ندوة نظمت بمراكش حول هذه الإذاعات، إلى التشكيك في التجربة وأن يعيدوا النظر في مرجعياتهم حول هذه الإذاعات الخاصة، خصوصا وأنها تجارب محلية، أي إن هذه الإذاعات ترتكز على ما هو محلي وجهوي يخص جهة مراكش-تانسيفت-الحوز، غير أن الإشعاع بدأ يخبو بين مد وجزر لهذه الإذاعات بسبب مشاكل داخلية أثرت نسبيا على مفعولها داخل الأوساط المراكشية، إذ صرح لنا عدد كبير من المواطنين والمستمعين بأن نسبة الاستماع للإذاعتين المحليتين بمراكش تدنت، لأسباب لا تعود بالأساس إلى الإمكانيات، ولكن بسبب غياب قائد محنك يكون عليه الإجماع، إضافة إلى الأجور الهزيلة والتي لا ترقى إلى مصاف الأجور المحترمة للعاملين بالإذاعة، وأيضا غياب سند قانوني يقنن العمل بين الباطرون والصحفي. وحسب تصريح لأحد المنشطين المشهورين بمراكش فضل عدم ذكر اسمه، فإن "تدني نسبة الاستماع في مراكش للإذاعتين لا يعود بالأساس إلى الإمكانيات والأجهزة"، مستشهدا بتجربة راديو بلوس مراكش، التي كانت بدايتها صعبة من حيث ظروف العمل، لكنها كانت تجربة مميزة خلفت أثرا بارزا في السنة والنصف الأولى من العمل الإذاعي، مضيفا أن إذاعة "إم فم أطلس" عرفت هي أيضا نجاحا في السنوات الأولى، مؤكدا أن عدم وجود جو عمل جماعي بالإذاعتين وانعدام الثقة في الكفاءات الشابة وصراع المواقع، وغياب قائد يلتف حوله الجميع، أثرت سلبيا على جودة العمل الإذاعي، وخلقت في بعض الأحيان ردود فعل مثيرة كان الخاسر فيها هو المستمع أولا والإذاعة ثانيا". وأبرز أحد المهتمين بالعمل الإذاعي أن الزمن الإعلامي والصحفي بصفة عامة يتغير بسرعة كبيرة، ولا يرحم من يظل جامدا في مكانه، مضيفا أنه بعدما كانت الإذاعتان (راديو بلوس مراكش و"إم فم أطلس") تلعبان لوحدهما في ملعب جهة مراكش-تانسيفت-الحوز بدون منافس آخر، فالآن قد دخلت إذاعات أخرى صارت تنافسهما في ملعبهما خصوصا في سوق الإشهار، مثل إذاعة "شذى إف إم" وإذاعة "ميد راديو" وإذاعة "أصوات"، الشيء الذي يحتم على الإذاعيتن المحليتين أن تجددا في طريقة عملهما، وسيبقى المناخ السائد هو ترقب الجميع دخول السنة الجديدة. وأفاد أحد الصحفيين من مراكش، بأن الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها الإذاعتان المحليتان بمراكش، تتمثل في ارتباط المستمعين بالمذيعين والمنشطين، مما أثر سلبا على السير العام للإذاعة، وهي حالة يمكن تعميمها على جل الإذاعات بالمغرب عكس أوربا، حيث يرتبط المستمعون بالبرامج القوية وليس بالأشخاص، مع العلم بأن مراكش عرفت منشطين مثل رشيد الصباحي وأديب السليكي وهشام المغاري، والآن نور الدين كرم بعد دخول إذاعة "شذى إف إم" إلى مراكش.