أسدل الستار عن فعاليات مهرجان “إمعشار" في نسخته السادسة وسط دعوات لتصنيفه كتراث إنساني عالمي، وذلك انسجاما مع الشعار الذي رفعه المنظمون، والمتمثل في وضع رهان التصنيف كتراث إنساني لامادي، يتم من خلاله تعميق الرؤية بمقاربة عدد من المساطر القانونية التي ستساهم في تأكيد القيمة التاريخية والرمزية لهذا التراث، فضلا عن الإحاطة بجميع الجوانب الإجرائية الكفيلة بتحقيق رهان التصنيف، خاصة وأن “إمعشار" تعتبر من الفرجات المسرحية الشعبية بالمغرب، وتعد بمثابة مستودع فني تراثي غني بالدلالات والتقنيات والأساليب المسرحية، التي بإمكانها المساهمة في صناعة الفرجة المسرحية المعاصرة. كما شددت جمعية " جمعية إسمون للأعمال الاجتماعية والثقافية والرياضية والمحافظة على التراث"، على أن فرجة “إمعشار" تشكل “ظاهرة فرجوية تراثية متجذرة في المجتمع المحلي بتيزنيت، حيث أن المدينة تزخر كغيرها من المدن المغربية الأخرى بجملة من الفرجات والأشكال التراثية المتنوعة، من موسيقى ورقص وطقوس وميثولوجيا ومعارف وممارسات ذات صلة بالطبيعة والكون، ومهارات أخرى مرتبطة بالممارسات الحرفية التقليدية، والتي تحتاج إلى نفض الغبار عنها وتثمينها، عبر تفكيك أنساقها وتًمًلُّك خطابها وفهم العلائق التي تقيمها مع المحيط"، وبناء على ذلك تؤكد الجمعية على رغبتها في تطوير “إطار تنظيمي لفرجة إمعشار، واحتضان كافة الأفكار الكفيلة بتطويرها وتجديدها ودوام استمراريتها". وفي سياق متصل بأجواء المهرجان المنظم من الرابع والعشرين إلى السابع والعشرين من شهر يناير الجاري، ألهبت مجموعة “إزنزارن عبد الهادي" سماء مدينة تيزنيت الباردة في آخر أيام المهرجان، حيث أتحفت المجموعة سكان المدينة والوافدين عليها بألبومها الغنائي الذي توجته بأغنية “إمي حنا" (أمي الحنون) التاريخية. وهي الأغنية التي تناولت موضوع اليتم كظاهرة عانى منها الكثير من الناس على مر العصور، كما تناولت في قالب غنائي جمع بين الموسيقى والشعر الأمازيغيين، جملة من القضايا المرتبطة بالثقافة والمجتمع. ورغم الأجواء الباردة، فقد توافد الآلاف من محبّي الفنان الأمازيغي “عبد الهادي إكوت"، على الأمسية التي احتضنتها ساحة الاستقبال بالمدخل الرئيسي لمدينة تيزنيت من جهة أكادير، كما استمتع الحاضرون بفقرات فنية أخرى ساهمت فيها مجموعة “المشاهب" وفرقة “بنات أودادن" وفرقة أخرى أتحفت الحضور بفن “أحواش" الأمازيغي، فضلا عن فقرات أخرى “لإمعشار" الذين مزجوا بين الرقص والغناء في قالب تراثي مميز. ويتألف المهرجان من مجموعة من المحاور، منها محور الفرجات الشعبية ، وكرنفال “إمعشار" والورشات التكوينية التي ستعرف المشاركين ببعض التقنيات والأساليب المستعملة في الفرجات (القناع-الملابس...)، زيادة على ورشات الحكاية الشعبية الأمازيغية وورشات الكتابة بحرف تيفناغ ، وتكوين في مجال الدراما الأمازيغية، دون إغفال تكريم قيدومي امعشار بمدينة تيزنيت، الذين ما زالوا يحفظون في ذاكرتهم مختلف الطقوس الإمعشارية العريقة. كما يضم المهرجان في نسخته السادسة أمسيات احتفالية، تقدم فيها عروض موسيقية ورقصات شعبية متنوعة، تشارك فيها مجموعات وازنة من قبيل “مجموعة إزنزارن عبد الهادي، ومجموعة المشاهب وبنات أودادن" وغيرهم من المجموعات الفنية بالمنطقة، وإضافة إلى معرض تراثي يتم خلاله إبراز غنى التراث المحلي بمدينة تيزنيت عامة وما يتعلق بشكل خاص بظاهرة إمعشار وانعكاساتها على المؤهلات السياحية بتيزنيت. كما يحتضن المهرجان معرضا للمنتوجات المحلية، وهو مناسبة لترويج وتسويق المنتوجات التقليدية الخاصة بالتعاونيات الفلاحية النسوية والمهتمة بالصناعة التقليدية المحلية من حلي وفضة وزيوت أركان ومختلف منتوجات الصبار، ومنتوجات محلية بيولوجية أخرى متنوعة. وبالموازاة مع الفرجة الشعبية المقدمة في إطار المهرجان، نظمت عدة ورشات تكوينية إعدادية حول تقنيات القناع واللباس والسخرية، وكيفية كتابة حرف “تيفناغ" بالإضافة إلى ورشة الحكايات الشعبية، وهي الورشات التي استفاد منها عدد كبير من تلاميذ الجمعيات والمؤسسات التعليمية بتيزنيت، وقد لقيت مختلف فقرات المهرجان تجاوبا منقطع النظير، كما استقطب المهرجان عددا كبيرا من ضيوف المدينة المغاربة منهم والأجانب. كما حرص المنظمون على تثمين كافة المظاهر التراثية المحلية وجعلها تتبوأ مكانة متميزة على الصعيد الإقليمي والجهوي والوطني والدولي، فضلا عن إشراك «إمعشار» في جهات مختلفة لتبادل الخبرات والتجارب وتنويع الفرجة، بغية تحقيق الجودة والتطوير المتجدد والانفتاح والتعايش الثقافي. ومما لا شك فيه أن هذه التظاهرة، تشكل مناسبة لكل الفعاليات الثقافية المحلية، وفرصة كذلك للفعاليات الاقتصادية لتأكيد حضورها ضمن أكثر الأشكال التراثية شعبية لدى سكان تيزنيت ونواحيها، من خلال احتضان فقرات متنوعة من قبيل معرض المنتوجات المحلية بساحة المشور التاريخية، و"كرنفال “إمعشار" الذي جاب شوارع المدينة، وقدم فرجات متنوعة بساحتي المشور والاستقبال.